ليس هناك شئ يجتمع عليه الطير في شمال كردفان كإجتماعه علي نقطة ماء في صيف قائظ حره . و العصافير والطيور تمد مناقيرها إلي كل شي فيه حياة وشبة ماء حتي أنها تكادتفقه عينك بحثا عن ماء العين . وهذه ليست خال الطيور وجدها فالناس يجتمعون علي البئر منذ ساعات الصباح الأولي وحتي المساء يكحلونها ويجملونها ويتناوبون عليها زرافات ووحدانا ... ولكن الطيور العطشي تدخل عليك خيمتك من كل أركانها وتزلزلها زلزالا وهي تبحث عن الماء وقد قادتني قمرية إلي عشها وهي تجوب الفضاء بحثا عن الماء ثم تعود إلي صغارها دون جدوي وقد تسلقت إلي عشها كما يتسلق قط بري وأحسست كأنها تريد الدفاع عن ولديها ولكن المسكينة لم تفعل شئ غير أنها بثت حزنها في لطف وأنا اغادر المكان وجدت من تقول لي لماذا أخذت سعيد ومسعود أم تستمع إلي القمرية وهي تقول : الشال سعيد ما يحضر العيد .الشال مسعود ما يعود وقد ظلت هذه الدباسة لسنوات وهي تقلقني حتي أنها في إحدي المرات أطلت من شرفتنا وهي تقوقي وتقول نسيبي كتل في وادي الكتر فشككت أن تكون هذه هي أم سعيد ومسعود وسألت نفسي ماذا كان يقول الدباس الذي هيج لوعة الشاعر العباسي وجعله يعشق ذلك الوادي في مضارب شمال كردفان وبوادي الكبابيش : الوادي البقوقي دباسو ردتو جميعو قمريه وبلومو وناسو علي الزول البعيد أكتافو من خراسو دود دود بيا وأندلقن محابر راسو و تلك البلومة لا أدري ماذا تريد وهي تقول نسيبي كتل هل ظنت أنني من قتل نسيبها و تذكرت العش والصغار وجاءت كأنها تحما ثأرها القديم وقلت للتي أوتيت منطق الطير في باديتنا ماذا قالت أم دلدلوه للقمرية (( وأم دلدلو أخذت إسمها من عشها في بارعة في صناعة العش )) وتجعله يتدلي من أي غصن وكأنه يخت رئاسي عائم وهي تمضي الوقت في نسج عشها من السعف الخالص ولا ادري كيف تحصل علي هذا السعف ويكذب من يقول لك أنني إستطعت الوصول إلي بيت أم دلدلو واخذ صغارها كما هو الحال مع القمرية وكانت الملاسنة التي دارت بينهما كالتي تدور بين المؤتمر الوطني وحركة الإصلاح الآن مرة حول الإنتخابات ومرة اخري حول الحوار الوطني المنكوب قالت القمرية لأم دلدلو : يا ام دلدلو المطرة جات فكان رد أم دلدلو مباشرا وأكنها تكمل الشطر الثاني من بيت الشعر وبالمناسبة هذه اليام تنتشر بين الناس مقولة : أزيدك من الشعر بيت فقالت أم دلدلو : تعبت أم بيتا ثلاث قشات وهنا صمتت القمرية وأسقط في يدها فالدور والمقار تعني الكثير في حياة الطير والحزاب معا .ودائما تلح القمرية علي الشعراء فيناجونها وهي أيضا تناجيهم فهي أي القمرية من الشعراء الطير ففي سنوات الجفاف في مطلع ثمانينيت القرن الماضي إضطر نفر من شعراء البادية أن يجروا خلف قمرية أبت نفسها إلا أن تنزح جنوبا مع الإبل التي إنجلت عن مواردها ومراتعها في حمرة الشيخ وأم سنطة وقد إفتقد الشاعر حنفي ود أبو المرضية والشاعر علي الشيخ المر والشاعرة فرحتنا بنت الفكي خامد تلك القمرية التي عندما سألوها في مسدار طويل : وين إنت يا سديدة الرأي ؟ قالت ليهم بريت أم رأي ومشيت معاها شان أتعلم الواواي .وخشيت أن تكون هذه الحمامة التي تطل من النافذة في دارنا عند الفجر من بنات الهديل التي قال المعري في حقها : أبنات الهديل أسعدن أو عدن قليل العزاء بالإسعاد إيه لله دركن فأنتن اللواتي تحسن حفظ الوداد ما نسيتن هالكا في الأوان الخال أودي من قبل هلك إياد وإياد قيل هو إياد بن نزار بن معد بن عدنان والحمائم لا يزلن يبكن الهديل والهديل هو فرخ كان من أيام نوح فصاده أحد جوارح الطير وقد بكت عليه الحمائم بحرقة ولكن المعري يقول للحمائم الحزينة : بيد أني لا أرتضي ما فعلتن وأطواقكن في الأجياد فتسلين وأسترعن جميعا من قميص الدجي ثياب حداد ثم غردن في المآتم وأندبن بشجو مع الغواني الخراد فهل تستطيع الحمائم أن تنزع اطواقها لكي نعلم أنها حزينة وملتاعة يا قيمرية فوق فرعا تلولي الريح وزي ما صحت من الم الفراق بنصيح صدقوا القالوا في مثلا بقولو صحيح ومن المستحيل مجروح إداوي جريح . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.