تكليف مجلس تسيير لاتحاد الالعاب المصغرة الوليد بكسلا    *الجاموس.. كشف ضعاف النفوس..!!    ثنائي الهجوم الأحمر يصل رواندا    جنوب السودان..تفاصيل مثيرة في محاكمة رياك مشار    قيادة الجيش بالفاشر: الأوضاع تحت السيطرة    كامل إدريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    حفل الكرة الذهبية.. هل يحقق صلاح أو حكيمي "المفاجأة"؟    القوز يعود للتسجيلات ويضم هداف الدلنج ونجم التحرير    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغدا القاك .. بقلم: يونس عودة *
نشر في سودانيل يوم 15 - 03 - 2015

في 6-5-1971، انسابت أرق الكلمات وأعذبها من حنجرة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، تشدو بإحدى روائع الشاعر السوداني الهادي آدم؛ أغنية "أغدا ألقاك"، التي ادخرها القدر لمناسبة خاصة، عاشها العرب آنذاك، وقضت مضاجعهم.
وقعت نكسة عام 1967، وأصاب العرب ما أصابهم من جراح بليغة دامية، وخيبة أمل وانكسار. ومن موقعها، وبدافع حسها القومي، فقد ارتأت كوكب الشرق، أن تحيي حفلات في دول عربية عدة، بغية دعم المجهود الحربي في مصر . فقد أحيت حفلتين في السودان وعادت أدراجها إلى جمهورية مصر العربية، وهي في غاية التأثر مما وجدته ولمسته في الشعب السوداني من أسى و حزن وألم يعتصر قلوبهم بسبب نكسة 1967. " لقد كنت أدخل بيوتهم، فأحس أنني في بيتي، وألتقي بهم فأشعر بأنني بين أهلي وعشيرتي"، هكذا عبرت أم كلثوم عن الشعب السوداني المحب لأمته، والغيور على شرفها، والمدافع عن حياضها. تساءلت أم كلثوم عن الطريقة التي تستطيع بها إثبات حبها للشعب السوداني، ورد الجميل اليه، فخلصت الى قرار مفاده: " الشدو بأغنية لشاعر من السودان "، عرفانا وتقديرا لقلوب رقيقة بيضاء عاشت النكسة، وبكت حال العرب وأمجاد الأمة.
ولأجل ضمان اختيار موفق لإحدى قصائد الشعراء السودانيين، فقد أسندت أم كلثوم للشاعر "صالح جودت" إنجاز هذه المهمة. فطاف في مكتبات القاهرة جميعها، بحثا عن كتب وأشعار الشعراء السودانيين المعاصرين. وبمساعدة بعض الاصدقاء، فقد تجمعت لديه سبعة دواوين لسبعة شعراء. درسها ومحصها، واختار من كل ديوان قصيدة تتوافر فيها الذائقة الغنائية. وقدم القصائد السبع الى كوكب الشرق، التي ما أن قرأت قصيدة الهادي آدم، حتى عضت عليها بالنواجذ. وتم استدعاء صاحب القصيدة إلى مصر، في ضيافة أم كلثوم، وبحضور الموسيقار محمد عبد الوهاب، وقرأوا- ثلاثتهم - القصيدة مرات ومرات مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة هنا وهناك، ثم حفظت في الأدراج لسنة كاملة بسبب وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، ثم صدحت بها مدوية في العام 1971 بمسرح "قصر النيل" في مصر ليسمعها العرب، كل العرب، من المحيط الى الخليج.
وكما يقال في الامثال "ومن الحب ما قتل". فعلى الرغم من سعادة الشاعر بغناء أم كلثوم لقصيدته الرائعة، إلا أن هذا العمل قد اختصر جل تاريخه الادبي، فلا يكاد أحد يذكر قصائد أخرى للشاعر، رغم عددها الذي يزيد على المئة. والغريب أنه لم يغن أحد من أبناء الجلدة المطربين أيا من قصائده الأخريات، أو يتناولها النقاد ضمن عملهم. وبعدها أصبح يشترط على الصحفيين ألا يسألوه عن قصيدة " أغدا ألقاك "، ولم يدونها في دواوينه بهذا الاسم، إنما باسم" الغد "، خشية اختزال الديوان كاملا في تلك القصيدة. فهل هي لعنة – كلعنة الفراعنة -أصابته نتيجة هذه الرائعة؟ يبدو أن الأمر كذلك. فقد كرمته بلاده بسببها بوسام الجمهورية الذهبي، واستدعته السفارة المصرية في الخرطوم للسبب نفسه للتكريم. ولم يتوقف الأمر إبان حياته، بل حين وفاته في 2006 نعته وسائل الاعلام بالقول: " رحل صاحب قصيدة " أغدا ألقاك ".فهل هي لعنة الحياة والممات؟
امتهن الهادي آدم التدريس في جميع المراحل، خاصة الثانوية العليا، حيث وجد المكان خصبا لسكب أشعاره الرقيقة الدافئة في جوف الشباب اليافع المتلهف لحلو الكلام. فقد شهد له النقاد ودارسو تاريخ الأدب بالتميز والسبق في نهضة الشعر في البلاد. إنه شاعر متمكن بحق، فهو يمتلك ناصية العربية باقتدار. كيف لا، وقد تخرج في كلية دار العلوم في مصر، وحصل على الليسانس في اللغة العربية وآدابها، كما حصل على دبلوم في التربية من جامعة عين شمس، وشهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة الزعيم الأزهري في السودان.
من دواوينه " كوخ الاشواق "، " عفوا أيها المستحيل "و " نوافذ العدم ". كتب اشعارا لفلسطين، ولبنان، ودمشق، ورثى جمال عبد الناصر في قصيدة " أكذا تفارقنا ؟ "، كما كتب عام 1955 مسرحية شعرية بعنوان " سعاد ". استمر في كتابة القصائد لسنوات متأخرة من حياته، إذ كان آخرها " لن يرحل النيل " التي يصور فيها باتقان وحرفية، وبريشة الفنان الماهر والحاذق، ما عصف من ذكريات ايام الطفولة والصبا في حي " منيل الروضة "، حيث المرابع التي درج فيها خطواته الأولى. أحب تلك المرابع، كما أحب سماءها وترابها، وسهولها ومساكنها التي تعبق بالدفء والحنان، كأريج زهور الخزامى، وروائح البخور، ونسائم العطر السوداني، وحكايات الجدات المسلية.
من الجدير بالذكر، أن الهادي آدم لم يكن يحسب على تيار ايدولوجي بعينه، في حين ان بعضا من أترابه وأقرانه- ممن تلقوا تعليمهم في مصر- قد تميزوا بيسارية مفرطة، كالفيتوري ومحي الدين فارس وتاج السر الحسن. كما أنه لم يتفرغ للشعر مطلقا، بل ظل مواليا لمهنة التدريس الى أن غدا مشرفا تربويا، وحينها أحيل إلى التقاعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.