الجماعة اياهم الذين يشرعون تشريعات ويضعون استراتيجيات لنا، ومخططات، لكي نسير على نهجها، بل نقلدها تقليدا أعمى بصرف النظر عن معتقداتنا وتقاليدنا السمحة وقيمنا الانسانية الحضارية العريقة الضاربة في أعماق الأرض، بحيث خصصوا يوما للأم ويوما للحب وغيرها أسموها أعيادا بغير ما شرع لنا الله من أعياد، ويأتي يوم الارض ضمن تلك المنظومة التي يجبرون الناس عمار الأرض بالاحتفاء والاحتفال به بحجة العولمة التي صارت طابعا مطبوعا في جباهنا لانحيد عنها قيد أنملة، نقلدها وننقلها الى آخر قائمة الفعاليات. فالارض التي خلقها الله للبشرية جمعاء وسخر فيها كل شئ لذلك الانسان الجهول والاكثر شيئا جدلا، الضعيف، الذي يعتبر من اكثر خلق الله عيالا واعتمادا على غيره مذ ميلاده، فهو عيال على امه ووالديه ومن حوله. الارض التي قال عنها المولى عز وجل (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) فهي مصدر خلقنا ومستودع رزقنا وقوتنا ومكان معاشنا وهي وجهتنا في تلك الرحلة الدنيوية غير معلومة الأجل واليها معادنا ومنها ننتشر يوم الحشر الاعظم والبعث الأكبر. وهي الارض الجامدة الميتة التي تهتز وتنبت لنا الزرع والأقوات التي نقتات بها ومنها، وهي التي تعطي بدون من ولا أذى ومسخر للانسان كل خيراتها وما على ظهرها من جبال ووديان وأنهار وبحار وأشجار وما تحتها، فهي التي تستخرج منها الاقوات والثمرات والنفط والريت والبترول بكل مسمياته ومشتقاته. أمنا الأرض التي امرنا الله تعالى ان نمشي علىها (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور)، وبرغم ضعف الانسان فقد ذلل الله له الأرض بما فيها من مخلوقات عديدة لكي تكون سهلة منقادة لاستخدام بني آدم وجميع بني البشر، وطلب الله منا ان (نمشي) في طرقاتها وفجاجها ليس جريا كما يفعل السودانيون الذين يجرون جري الوحوش وغير رزقهم لن يحوشوا كما عبر المثل السائر السوداني. فلو مشينا وتوكلنا على الله حق توكله لكانت النتيجة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا (ملتصقة حويصلاتها بجدار بطنها) وتروح بطانا، أي ممتلئة البطون مما اكلته في رحلتها التي سعت وتحركت فيها من اجل الحصول على القوت لها ولصغارها الذين تركتهم في اعشاشها. وكذا مطلوب من الانسان أن يسعى لطلب الرزق، بعد توكله على الله حق توكله، فالسعي للرزق هو الخطوة الثانية التي يتحقق بعدها الرزق وليس الجري، ولنعي ذلك الدرس جيدا، ونترفق في طلب الرزق والرحمة. فالله سبحانه وتعالى ليس بغافل عن سعينا وطلبنا وحركتنا وهو قريب سميع بصير رحيم ورحمته قريب من المحسنين، الذين يحسنون الظن به وهم دائما في دعائهم وسعيهم جد موقنين ان الله معهم، فاذا استحضر المرء المؤمن معية الله فان أمره مقضي ومستجاب الدعاء باذن الله تعالى. اذن أيام الله كلها أيام للأرض نمشي في مناكبها ونسعى لطلب الرزق عليها في كل من بقاعها وفجاجها وطرقاتها، وعلينا أن نستعيد علاقتنا معها ونوطدها طلبا للمزيد من الرزق وخيرات الله التي اودعها واستودعها في سطحها وجوفها وتحت ثراها التي نقتات منها، والتي لا تحصى ولا تعد وأسألوا أهل الزراعة كم من انواع الحبوب والبقوليات وغيرها واصنافها التي تخرج من باطن الأرض قوتا لبني الانسان الذي يفلحها ويقوي علاقته بها. ومن هذا المنبر ادعو كل من كانت له علاقة بالارض وقام بهجرها وابتعد عنها أن يعيد النظر في هذا الامر ويعيد علاقته بالأرض المعطاءة التي لا ينفد عطاؤها والتي ستعطي عطاءا غير مجذوذ ولا محدود وان تظل الأرض محل تقديرنا واهتمامنا ما أحيانا الله فيها. وبالله التوفيق والسداد. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.