فى لعبة الكتشينه المشهوره لقطاعات عريضه من الشباب والكبار فى السودان المعروفه "بأربعتاشر والحريق" تلعب فيها الورقه "الجوكر" فى كل الخانات بديلا لأى ورقه فيستطيع اللاعب الذى بيده الجوكر أن يوظفه كما يحلو له كعامل حاسم فى الفوز على الخصم. أما فى حالة الأستاذ والمناضل الجسور ياسر عرمان فاستعرت تسمية الجوكر كمصطلح سياسى لوصف مواقفه المنحازه دوما للعب فى خانة جوكر العدل والحريه اللتان ظل الشعب السودانى المغوار يتطلع لأحقاقهما عبر تاريخه النضالى الطويل. ففى التاريخ القريب لكفاح وجهاد الشعب السودانى كانت الثوره المهديه وكان مؤتمر الخريحين وكانت أكتوبر ومن بعدها أبريل وما بينهما نضال طويل لأبناء جنوب السودان لنيل حقوقهم فى الوطن من خلال أرساء دعائم العدل والحريه لجميع السودانين فى الشمال والغرب والشرق قبل الجنوب. كان نضالا مريرا لذات الهدف النبيل وكان عرمان هناك. أختار بمحض أرادته أن ينتظم صفوف الجيش الشعبى والحركه الشعبيه لا لتحرير الجنوب ولكن لتحرير السودان- ليس تحريره من الشمال كما روج البعض فى فترة من تاريخ الصراع العسكرى ولكن من سطوة قلة أبت الا أن تسوم السودان والسودانين البطش والتنكيل وانكار الحريات العامه فى فترات متعدده من تاريخه ليستقل الوطن من استعمار الأجنبى فيستغله ابن البلد ضد السواد الأعظم من أبناءه. عرفت الأستاذ ياسر عرمان وأنا بعد طالب فى جامعات السودان فى منتصف ثمانينيات القرن المنصرم عندما كان اسمه يتردد هنا وهناك وقليل من الناس خلا داخل أروقة الحركه الشعبيه ومخابرات النظام المايوى يعرفونه حق معرفه. وقد ازدادت معرفة الناس به بعد مجئ الأنقاذ وقد صعدت الحرب ولهجتها العدائيه ضد الحركه والمنتمين لها من أبناء الشمال فوصمتهم بأبشع الأوصاف وألصفت بهم أقذع التهم. وقد كان لياسر عرمان فى تلك الفتره نصيبا مفروضا من الكيل. ولكن تبدل الحال- انقشع غبار الحرب وحل السلام بين المؤتمر الوطنى والحركه الشعبيه وعاد البطل الجوكر ياسر عرمان ليلعب فى ذات الخانه لتحقيق ذات الهدف الذى من أجله ترك الأهل والأصدقاء والأحلام الى أحراش الجنوب وهو بعد يافعا. جاء الى الخرطوم فى بداية العام 2005 للتحضير لأستقبال قائده الجسور وحامل لواء السلام والعدل والحريه. لم يمكث القائد الدكتور قرنق طويلا ليرحل بعد واحد وعشرين يوما بلا رجعه فخسرته الحركه والسودان معا. ولكن لم يتوانى الجوكر فى أن يزود عن حمى العدل والحريه دون خوف أو وجل من غدر الغرماء وحقد الشركاء. مات الدكتور ولكن حلم الشعب السودانى فى أن ينافح ويزيد عن الحريه والعدل لم يمت وهو يرى – اى الشعب- رجل كياسر عرمان وقد حمل رايتها مع أخرين من أمثال على محمود حسنين واخرين لم ترهبهم السجون والتهديدات لأيمانهم بعدالة القضيه ومشروعية المطالب وقد أقرتها وارست دعائمها اتفاقية السلام الشامل وغيرها من اتفاقيات ولم يبقى غير اجبار زبانية المؤتمر الوطنى على تنفيذها والايفاء بمستحقاتها. وبما أن العدل والحريه ليستا منة من أحد بل بالأساس حق كان لا بد أن ينبرى لأسترداد الحق رجال من أمثال ياسر عرمان وعلى محمود حسنين ومن امن بما أمنوا به وصدق. ألتقيت بياسر عرمان قبل سنتين عندما زارنا فى أمريكا فى واحده من طوافاته على قواعد الحركه التى ينتمى اليها ولا أنتمى. وقبل بداية اللقاء الذى كان معدا له ومسئول الحركه فى أمريكا أزكل جاتكوث وجدت سانحة طيبه لأتعرف على الرجل عن قرب. حضرت اللقاء مع لفيف من أبناء الجنوب والشمال الذين تقاطروا للأستماع الى عرمان وجاتكوث وللوقوف على أحوال البلد التى تركها الأغلبية منهم مجبرين. ولما لم يكن اللقاء فى تلك الأمسيه من شهر سبتمبر كافيا ذهبنا معه الى حيث مقر ضيافته لدى أحدى الأسر السودانيه واستمرت الأسئله تنهمر على الضيفين كالمطر. وكان عرمان كما جاتكوث واضحا شافيا فى أجاباته والتى وجدتها مملؤه اصرار وتحد على أيفاء شعب السودان ثمن نضاله الطويل عدلا وحريه. وتوالت الآحداث عسيرات على عرمان وهو يقود الهيئه البرلمانيه للحركه الشعبيه فكفروه وقالوا احرقوه وها هم يعتقلونه ولا يعلم أحد ماذا عساهم أن يفعلوا لاحقا وقد جن جنونهم وطاشت سهامهم. تحدث عرمان من داخل سجنه عقب اعتقاله صبيحة الأثنين الأغر السابع من ديسمبر ليكذب الأفاكين ويعلن أن المعركه مع المؤتمر الوطنى ما زال أوارها مشتعل فليسترد الشعب حريته أو ليهلك دونها الأبطال. أذا اراد ياسر عرمان أن يسير فى طريق الراحة والدعه فالطريق أمامه مشرع سواء بسواء داخل السودان بممالات المؤتمر الوطنى أو بالرحيل الى أمريكا أو غيرها من بلادالله. ولكن قد حسم الجوكر موقفه باكرا أن يظل الشوكة التى تقض مضاجع منسوبى المؤتمر شريكا ومعارضا داخل البرلمان أو خارجه لما سئل عن موقفه حيال أنفضال الجنوب- فأجاب أنه سيظل فى الجزء الشمالى من الوطن بحكم الجغرافيا يدافع عن العدل والحريه للمقهورين فى الشرق والغرب والوسط والشمال. فليظل الجوكر الورقه الرابحه فى يد الشعب السودانى. وختاما - أنا هنا لا أدعى أيفاء الاستاذ عرمان حق نضاله وكفاحه من أجل السودان فأنا أقل من أفعل ذلك لأننى لم أناضل مثل ما فعل وما زال يفعل من أجلنا وغدا تشرف شمس الحريه والعدل فى سماء السودان وتتلى قائمة الشرف متضمنة أسم ياسر عرمان اذا ظل على قيد الحياة أو أصطادته أيادى الغدر والخيانه.