نختتم هنا الملامح من أضوائنا علي مسيرة الفنان الذري الراحل إبراهيم عوض والذي يصادف تاريخ الثالث والعشرين من مايو في كل كل عام ذكري رحيله في العام 2006م عن الدنيا .. وقد سبق لنا أن ذكرنا من قبل بن للفنان الذري ثلاث محطات هامة تمثل أعمدة إرتكاز لمسيرته الفنية الطويلة التي إمتدت منذ العام 1953م وحتي رحيله. فكانت الأولي مع مكتشفه الأول في حي العرب بام درمان وهو الشاعر والملحن المبدع الضخم عبدالرحمن الريح الذي أثري الساحة الفنية بأعماله الغنائية التي تمددت لتشمل حسن عطية مروراً برمضان حسن ثم الشاب إبن ودمدني عمر أحمد الذي رحل سريعاً عن الدنيا بعد أن ترك ( كان بدري عليك تودعني وأنا مشتاق واغنية الطاؤوس ) وصولاً إلي عائشة الفلاتية ومني الخير وغيرهم كثر . ثم جاءت المحطة الثانية لإبراهيم عوض مع الشاعر والملحن الكبير الطاهر إبراهيم صاحب عزيز دنياي وأيضا تلك الرائعة ( حبيبي جنني وغير حالي .. حير فكري وإشتغل بالي ) بكل زخمها الذي أحدث ضجة كبيرة في ذلك الزمان وغيرها . ثم إستمرت مرحلة إبراهيم عوض مع الملحن عبداللطيف خضر والشاعر إبراهيم الرشيد صاحب غناء التحديات ( لو داير تسيبنا .. جرِّب وإنت سيبنا .. لو داير تحب .. حب وأنساه ريدنا .. لو ترجع تصافي .. نسامحك ياحبيبنا) .. وغيرها من الروائع والتي كان ودالحاوي لها بالمرصاد الحانا شجية وموسيقي عالية التطريب . فاضاف لها الذري كل تلك الجماليات بأدائه المتفرد العجيب . نعم ... كان غناءاً جميلاً يحمل أرقي المضامين العذبة التي تصحبها أجمل الألحان .. لكن كل ذلك لا يلغي بأن للفنان الذري أعمالاً اخري عديدة لشعراء آخرين ولملحنين آخرين أيضاً غير أولئك المذكورين الذين إرتبطوا به لسنوات طوال . فكيف لنا أن ننسي أغنية جميلة توسطت جيد أغنيات إبراهيم عوض الأولي منذ مرحلة شبابه الباكر .. فهاهو في منتصف الخسمينيات من القرن الماضي يشد الرحال إلي القاهرة http://www.sudaress.com/city/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9 حيث الأضواء والأسطوانات وإذاعة ركن السودان من القاهرة http://www.sudaress.com/city/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9 .. وهاهو الراحل فؤاد عمر .. ذلك الإذاعي المصري الألمعي والموسوعي الثقافة الذي كم عشق الفن السوداني والشعب السوداني معاً والذي رحل هو الآخر عن الدنيا في العام 2002م . تلك الأغنية التي نظم كلماتها بالقاهرة http://www.sudaress.com/city/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9 الشاعر الراحل عبدالمنعم عبدالحي الذي ترعرع منذ طفولته في مصر عند شقيقه الأكبر وخدم بالجيش المصري وكان قد رفد معظم فناني السودان بالشعر الغنائي الرقيق منذ عهد حسن عطية وسيد خليفة وحتي أحمد المصطفي وعثمان حسين والشفيع وغيرهم .. إلي أن كتب لإبراهيم عوض والتي أبدع في تلحينها الموسيقار الراحل برعي محمد دفع الله والذي كان وقتذاك يعمل فني لاسلك بسفارة السودان بالقاهرة http://www.sudaress.com/city/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9 منتدباً من مصلحة المواصلات بالخرطوم http://www.sudaress.com/city/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%B7%D9%88%D9%85 .برغم ان برعي قد شكل ثنائية طويلة المدي مع الفنان الراحل عبدالعزيز محمد داؤد . وقد ظل إبراهيم عوض يتغني بها دوما .. بل يختتم بها حفلاته نظرا لخفة إيقاعها برغم مضي ستين عاماً علي ظهورها : ( ياجمال دنيانا يا جمالا .. الحب ويانا ياجمالا ..المحبة شديدة يا أهلنا ..والغرام والريدة وعمرنا ) فقد كنت شخصياً وبرغم اهتمامي بالحركة الفنية عامة وفي السودان خاصة أعتقد طوال هذه السنوات بأن تلك الأغنية ( جمال دنيانا ) هي من ضمن مجموعة الشاعر والمجلن الطاهر إبراهيم لولا أن صححني الصديق العزيز الأستاذ الموسيقار محمد وردي حين كنا بالدوحة بأنها من ألحان برعي .. كما أن لإبراهيم عوض أغنية أخري جميلة كتبها الشاعر والناقد المتميز العم الأستاذ ( النعمان علي الله ) أطال الله في عمره .. وهي أغنية ( الناس مابتريّح) بعنوانها هذا والذي يحمل تراث وثقافة السودانيين البحتة حيث قام بتلحينها الموسيقار عبداللطيف خضر وهو صاحب أكبر قدر من الألحان في الساحة الفنية بطولها وعرضها .. تماماً مثل صديقنا الأستاذ إسحق الحلنقي فهو الآخر صاحب أكبر قدر من تأليف القصائد في ذات الساحة لفانين عديدين .. وإبراهيم عوض كان يغني أغنية النعمان بقدر كبير من الإبداع والتطريب .. وهي ذات تأخذ إيقاع ( التمتم ) الجميل .. مثل إيقاع ( جمال دنيانا ) .. فماذا تحمل الأغنية في ختامها : مابصرِّح يوم بإسمو.. مابقول للناس ده مين بخشي إنو يجيبو سيرتو .. ويحكو عنو في كل حين ما بقول للناس حكايتو .. وأبيع حياتو بكلمتين بعت العمر عشان حياتو.. وباقي العمر عليّ دين مابقدر ابوح .. ماقادر أصرّح يمكن شيء يفوح .. والناس مابتريِّح وهنا ومع تعدد ألوان شعراء إبراهيم عوض .. كيف لنا أن ننسي أيضاً صاحب اغنية ( سلوي) نعم .. إنه الأستاذ الشاعر والملحن أيضاً ( بشير عبدالعال ) .. كتبها وقد أبرز فيها عشقه الجميل لصاحبة الأغنية .. فقد إعتصر خياله .. بل أحسب أن بشير قد تدفق كل مكنون إحساسه في تلك الأغنية التي شدا بها إبراهيم عوض حتي أطلق الناس عليه وقتها لقب ( بشير سلوي ) : يا سلوي .. قلبي شِن سوَّي . في قلبي .. من جوّه .. من جوّه . ساقو الريد بالقوة .. سقاهُ مُر الريد والخوة . ولكن .. وربما للمرة الأولي أتأكد من أن إبراهيم عوض وبعد رحلة عطاء بدأت من العام 1953م يأتي بلحن من تأليفه هو شخصياً في العام 1973م .. وذلك لأنه قد تحصل علي نص من شاعر مجيد .. كتب تلك الأغنية الرائعة .. ثم أدار ظهره عن الساحة الفنية فقد كتب الشاعر الأستاذ مصطفي عبدالرحيم شاعر اغنية زيدان ابراهيم الخالدة ( بقيت ظالم ) فقد كتب مصطفي نصاً يحوي قدر كبير من الشجن .. نصاً مشحوناً بالمشاعر التي قد إستلهمها من الذكري التي ربما ظلت تنكأ جرحا عظيما لديه بعد أن كاد يندمل.. فهاهو يمنح أجمل تذكار عزيز في تاريخ الغناء السوداني كله ليغرد به الذري أبوخليل بكامل الهدوء والتطريب العجيب : جرحي الأليم الشايلو تذكار .. طول حياتي .. أسي وهموم جرحي الدفين العذبك .. يا قلبي طول عمرك أنين داريتو في الأعماق سنين غنيتو .. في الأعماق حنين شكوي وشجون .. غنيتو اصدق أغنيات وبقت مجرد ذكريات تذكار عزيز .. ياقلبي شايلو أسي وهموم رحم الله فنان الشباب الذري ابراهيم عوض واسكنه فسيح جناته ، فقد كان الرجل يحترم رسالته الفنية ، كان مهندماً كبقية جيل العمالقة من اهل الفن ، حين كانوا يظهرون للجمهور في حفلاتهم وهم يرتدون البدلة الكاملة وربطة العنق مهما كان الطقس ساخناً ، نعم إنه جيل لن يتكرر بسهولة .. فنا وادبا ومظهرا -- وإلي اللقاء ،،،،،