عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. دائما ما اتذكر طفولتنا .. فقد كنا اولاد طيبين .. رؤوسنا كانت لينة و بنسمع الكلام من اول مرة .. و ان كان هناك بعضا منا راسهم ناشفة و قوية جدا لدرجة انو حتى الضرب ما بينفع معاهم .. ؟؟ كنا نقبل على الحياة و عصافير ارواحنا مربوطة باللعب .. طوال النهار و نحن نجرى و نمرح .. فى الصيف كنا نذهب الى البحر و الترعة و الينبوع ( الينبوع بلع كثير من الاحبة ) هروبا من السخانة و الحر .. و نعود الى بيوتنا مع مغيب الشمس .. ليبدا بعدها فصلا اخر من البرامج قبل النوم حيث الحكاوى و الاحاجى .. ؟؟ فى الصيف عندما يكون القمر 14 بيكون معاهو شليل وينو اكلو الدودو .. شليل وين راح اكلو التمساح .. لحدى ما كبرنا و عرفنا شليلنا .. شليلنا ما راح .. دى كانت اشاعة .. شليل ما اكلوا التمساح .. ده كلام ناس الجبهة عشان نمرق نخلى ليهم البلد .. عرفنا شليلنا ارضنا و شليلنا اهلنا .. ؟؟ كانت لعبة شدت .. كان طيش اللين و البلى و الكتفور و ( الجلة بضم الجيم و تشديد اللام ) و كان فرح محجوب فرح اكثرنا خرطا .. ؟؟ كانت سكج و بكج و حلو تنقلو و كانت ضربات سيف الدين سكج لا تجارى .. ؟؟ كان الرم و الحراس .. ؟؟ كان الدافورى و كانت دفعة و كان قون و باك و كان اسماعيل محمد ادريس احرفنا .. ؟؟ كانت ام الصلص و كان مجدى جمعة الاشولنجى نياشا لا يشق له غبار .. ؟؟ و فى الخريف كانت قيرة قيرة و صبى لينا يا مطيرة و المطر فى بدايتو رزاز .. ؟؟ كان قش الخريف و اللعب فيهو .. و كان صيد العصافير و كان ود ابرق و قدوم احمر .. ؟؟ و كانت السمبرية ام قدوم عيش ابوى بيقوم متين فى رحلتها الموسمية .. ؟؟ كنا اولاد منزوعى الدسم ( لا يوجد منا ولد كامل الدسم بالمرة ) من كثر الحوامة طول اليوم .. لكننا كنا اقوياء البنية .. صبورون بشهادة الاباء و الاجداد .. الذين كنا طول اليوم نلبى طلباتهم و مراسيلهم روح جيب .. روح سوى .. روح شوف الغنماية راحت وين بعد ان قطعت حبلها و لن تستطيع الحضور الا وهى فى قبضتك حتى و ان وصلت سور الصين .. طبعا كنا نذهب الى الزريبة على طول لنجدها هناك و ما عليك الا ان تدفع الغرامة لتظفر بها .. و كانت فرشين و نصف ..؟؟ طلبات كبارنا كانت اوامر لانك ان لم تلبى تاخذ ليك نهرة تجيب اجلك كانت اجسادنا نحيلة مثل عيدان القصب .. لكنا كنا نسابق بها الريح و تسبق اصواتنا و اصداءها فقد كنا نسابق الفراشات ابو سبعة الوان .. فى الخريف و كنا نصطاد الجراد و نحفظ اسماءه و اشكاله و انواعه حنى ابو جمبوك و الطهارة كنا بنعرفها و نعمل حسابنا منها .. و حتى ابو الزنان عندما يدخل الغرفة نلقى القبض عليه و نقوم بادخاله فى كفتيرة الشاى او البراد و من ثم الاستماع الي طنينه بديلا للراديو . كنا مشدودين كالنبل .. كنا لا ناكل الا عندما نجوع .. فعندما تزقزق عصافير بطوننا ندخل الى البيت و اى ساندوتش فول او طعمية كان يصنع مننا قنبلة نووية .. ؟؟ لا اذكر ان بيننا كان هناك ولد سمين ( فكما ذكرت سابقا كنا منزوعى الدسم ) .. قدر ما حاولت ان اتذكر فى اولاد الحلة كان بيننا ولد سمين لا يوجد.. ؟؟ و هل كان بيننا واحد يجرجر كرشه متر لى قدام .. و لهاثه لا قل مشوار .. و يثقله ظله .. ؟؟ استرجع الشريط فلا اجد .. ؟؟ كل الصور امامى كما هى .. ليتهم لم يكبروا .. ليتهم بقوا كما كانوا .. استذكر اصدقائى العفاريت واحدا واحدا لا اعلم مصير معظمهم .. فهناك من طواهم الدهر فرحلوا تاركين ذ ذكراهم العطرة و ذكرياتهم الجميلة .. قمت بزيار المقابر فى كوستى للسلام على الاموات .. فقرات اسماء لاخوة و زملا ء اعزاء كانوا ملء السمع و البصر فترحمت عليهم .. فهذه سنة الحياة فان الاشياء الجميلة تتناقص و تختفى سريعا .. و سنة الحياة ان العمالقة لا يورثون مكانهم .. ؟؟ من كنا نالفهم فى صغرنا كجزء من توليفة حياتنا صاروا يتساقطون مثل قناديل الذرة .. انا لا اقصد الاقارب من الاهل فقط و انما اولئك الذين اسهموا فى ترسيخ صور وجوههم و اصواتهم فى شريط ذاكرتنا من اصدقاء و مدرسين و جيران و كل من كان له حضور يومى و لو كان صغيرا فى تفاصيل حياتنا اليومية .. ؟؟ صرنا نشتاق الى سماع دعوة ام صباح كل يوم و نحن فى الطريق الى المدرسة .. صرنا نشتاق الى سماع صوت معلم يردد لنا ابيات نشيد فى الحصة الثانية دون ملل او هروب مبكر .. صرنا نشتاق الى سماع صوت الالفة فى الفصل صباحا و هو ينادى اسماءنا لتسجيل الحضور و الغياب و نحن نقول : نعم او للنغيير افندم بعد سماع اسمائنا .. صرنا نشتاق الى سماع صوت ليلى المغربى و هى تدعو لفئات الشعب السودانى كل يوم فى برنامج نفحات الصباح .. .. صرنا نشتاق الى سماع عوض عمر فى تلاوة عطرة قبل اذان المغرب .. صرنا نشتاق لسماع الثنائ الوطنى فى امتى يا امة الامجاد صباح كل يوم لنتزود بالوقود الوطنى .. صرنا .. صرنا ..صرنا .. صرنا .. صرنا . ساتوقف عن التعداد فقد افقدنا ( انفاونزا ) العمر طعم الاشياء الجميلة .. ؟؟ حمد مدنى