انتهى في الشهر الماضي في الصين العرس الاولمبي الكبير الذي تنتظره الدول العظمى منها ودول العالم الثالث كل سنتين لترى أعلامها ترفرف فوق منصات التتويج عبر ضروب مختلفة من كل أشكال الرياضة وهي لعمري لحظات لا تدانيها لحظات أن تتوشح الصدور بالذهب أو الفضة أو البرونز أمام أنظار العالم كله. حصد العداؤون الكينيون سبع ميداليات ذهبية وست فضية وثلاث برونزية (16ميدالية) متربعين في أعلي الترتيب متفوقين على الولاياتالمتحدةالأمريكية وبقية دول العالم. الذي يهمنا في المقام كينيا وأثوبيا التي بدورها حصدت (8 ميداليات) ثلاث ميداليات ذهبية وثلاث فضية وبرونزيتين. هاتان الدولتان لهما تاريخ مشرف في المشاركات الاولمبية وهي مشاركات ليست من قبيل الصدفة بل نتيجة لتخطيط سليم وواعي، وهي دول تتشابه معنا في كثير من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية،،لكن دعونا ننظر الى حالنا في هذا المجال وهو بلا أدنى جدال بائس وعقيم. وفي المقابل نسأل أنفسنا كيف وصلت هاتان الدولتان الى ما وصلتا اليه من الشرف والسؤدد ومعانقة المجد في أعلى قممه؟؟ الاجابة في رأيي بسيطة جداً..إنه الصدق مع النفس ومعرفة قدرها وامكانتهاوالتصالح معها وأنهما (كينيا وأثوبيا) اعترفتا بواقعهما في كرة القدم الذي لا يمكن أن يوصلها الى مونديال كأس العالم في يوم من الأيام فلم يضيعا كثير وقت في اللهث وراء سراب كرة القدم كما نفعل نحن، ولذلك جلس الخبراء والمختصون هناك تساندهم إرادة سياسية قوية فوضعوا الخطط الاستراتيجيةوالبرامج مستثمرين في الامكانات المتاحة أولها العنصر البشري، فالعاب القوى بضروبها المختلفة لا تحتاج الى أجسام ضخمة بل الذين فازوا بهذه المسابقات من ذوي الاجسام النحيفة وهو ما ينطبق على السواد الأعظم من الشعب السوداني ولكن هذا وحده غير كافٍ فلا بد أن تتغير المفاهيم والسياسات وان الرياضة ليست كرة قدم فقط وكذلك يجب الاعتراف بفشلنا فيها رغم ما يصرف عليها من أموال ضخمة على مر السنين ( لا زال الفشل يلازمنا الى مشاركاتنا القريبة جداً) وأنه حان الأوان أن تلتفت الدولة لأنواع الرياضة الأخري وبالتحديد ألعاب القوى وأن تخصص لها الميزانيات الكبيرة وأن تعد الملاعب لهذا الغرض و أن ينقب الكشافون في البلاد لاكتشاف المواهب والخامات لسباقات 100 ،400،1500، 10000متر ورمي الجلة والرمح وقفز الزانة وغيرها من كردفان ودارفور وكل انحاء البلاد.. كما يمكن جلب مدربين من هذه الدول لإيصالنا لمنصات التتويج ،لأنه حقيقة من العيب أن تكون لدينا 18 وزارة شباب ورياضة ولائية وأخري كبيرة اتحادية ولا نستطيع أن نصنعلاعباً أولمبياً واحداً..بالمناسبة ماذا تفعل هذه الوزارات بالضبط..قد يقول قائل كان لدينا ابوبكر كاكي واسماعيل..مع احترامنا وتقديرنا لهم ولأمثالهم هي تجارب شخصية لعبت فيها الموهبة الفطرية دورها ولكنها ليست تجارب ممنهجة ولا أثر لتخطيط علمي فيها فلم تحقق انجازا يذكر. أرجو صادقاً من كل قلبي أن يجلس المسؤولون في بلادي - وما أكثرهم - من سياسيين ورياضيين وخبراء تخطيط وغيرهم ليدرسوا التجربة الكينية والأثيوبية في مجال العاب القوى ويستخلصوا الدروس والعبر عسى أن ينصلح حالنا في هذا المجال.. لكي ننجح لابد من الاعتراف أولاً بالفشل لأن المثل يقول: لا يوجد رجل فاشل ولكن يوجد رجل بدأ من القاع وبقى فيه. والى اللقاء