بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي المملكة المتحدة بِسْم الله الرحمن الرحيم نعي لي الناعي فجر هذا الصباح وأنا علي البعد أعز الناس .... أحب الناس وواسطة عقد ماسي ثمين كان في الحفظ والصون علي مر الدهور. هي آمنة بنت الربيع إبنة عّم والدتي زينب الطاهر محمد الربيع وزوجة خالي أحمد الطاهر محمد الربيع مراقب المحاكم الشرعية اثناء حياته رحمه الله رحمة واسعة. شاركته كل الأسفار الصعبة من أجل كسب لقمة العيش في محاكم الدامر وكسلا وكوستي وكتم وأبوحمد وبربر والخرطوم إلي أن توفاه الله. كانت حريصة علي حفظ ذلك العقد الثمين من الإنفراط. في هيئتها كنت أري فيها دائما ملامح أمي وفي صوتها لما يسري مع النسيم العطري المنساب في الحضور وعبر الأثير ذكريات السنين الخوالي من عمر الزمان الذي لا يخلوا أحياناً من عواصف هوجاء تكاد تعصف بشتيلات تنتظر النمو والنضوج و أمطار ورعود تكاد تتهاوي من عنفها البيوت العتيقة لولا دعوات ذلك الجيل من خالتي آمنة بنت الربيع واقفة مع جدتي الصالحة أمنة بنت عبدالله رافعات أكفهن نحو السماء "أشتاتاً أشتاتاً حوالينا ولا علينا بُطُون الجبال والأودية " وهكذا كان الله يتقبل دعائهن وتهداء السماء رحمة بضعفاء العباد. خالتنا آمنة بنت الربيع "كما يحلو انا أن نناديها" كانت بحق ربيعنا الدائم الإشراق ..... ونعم ربيع العمر كان .... كان المروج الخضراء الواسعة تحفها الأنهار العذبة وكان البساتين والأشجار المثمرة و الوريفة التي كنا نستظل بها في صغرنا الباكر وحتي عند كبر وتعدد السنين لا فرق ..... فكانت أمنة هي الأم للجميع في الأسرة التي أمتدت وهي أيضاً الدوحة الظليلة التي بقيت من غرس آل الربيع الصالحين الأتقياء بمدينة بربر العريقة. ماتت اليوم لتلحق بأهلها الكرام الطيبين الصالحين وبأشقائها الذين كانت تحب "مجذوب الربيع وأمين الربيع" وأخويها من أبيها "أحمد الربيع ومحمد الربيع" وزوجها مولانا أحمد الطاهر الذي كان بدوره طاهر النفس والقلب كريم السجايا ونعم الزوج كان . ففي فجر أمس الثلاثاء الأول من شهر يحرم فيه سفك الدماء شهر ذي الحجة يشع نور الله في الكون والأرض وتتفتح أبواب السموات لقبول توبات العباد والدعاء فاستقبلت السماء روحاً طاهرة وعطرة خرجت من نفس وجسد نشهد له بالنقاء من العيوب وقبيح القول والفعل.... خرجت روح والدتنا أمنة الأمينة الصادقة في إيمانها وتقواها وفي فعلها وقولها وتعاملها مع كل الناس بالحب والحنان الذي خصها به المولي جل شأنه عوضاً لها عن إفتقاد الذرية ولكن يقيض الله لها بكرمه وفضله بناتاً وأبناءاً بررة من رحم أم كلثوم محمد أسماعيل المفتي الزوجة الثانية لأحمد الطاهر الربيع فكانت آمنة هي أماً للكل بل أقول المربي الأول لأجيال أتت فكبرت وجاد حصادها بنعم الثمار. فما أجملك يا والدتنا الحبيبة وما أجمل أيامك وليالي أُنسك العامرات بقصص الأولياء والصالحين والمدائح التي كنت بصوتك الحنون الشجي تعطرين بها تلك اللقاءات التي كانت تجمعنا بك ما سنح هذا الزمن الذي لا يرحم وقد أصر أن يفرقنا أشتاتاً أشتاتاً في أرض الله الواسعة وأقطارها البعيدة المتباعدة فهو قدر ليس لنا فيه خيار فإفتقدناك والله كثيراً ونحن في بلاد الإغتراب والآن وللأسف الشديد نفتقدك إلي الأبد، وما أصعب الفراق الأبدي عندما يصير حقيقة .... فمع الخالدين يا أمنا وأم الجميع ومع المخلصين من الأولياء والصالحين انت بإذن الله. تقبل اللهم خالتي أمنة بنت الربيع وبنت خادم الله ابوالنجا قبولاً حسنتاً غافراً كل ذنوبها وأرحمها برحمتك الواسعة وأسكنها علياء الجنان وأكرمها بمعيّة الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم الذي كانت تهيم بحبه وتحفظ وتنشد مدائح سيرته العطرة. كان عشقاً وحباً لم يفارقها حتي السويعات الأخيرة من عمرها المديد القصير في عمر الزمن وقد داهمها مرض مفاجيء لا شفاء منه.... لرحيلك يا آمنة كدمة في القلب وتبصرة لنا نحن الغافلين بأن الحياة مهما طالت لقصيرة جداً ولا يبقي منها سوي العمل الصالح. فيا أيها النفس المطمئنة إرجعي إلي ربك راضية مرضية . اللهم أجعل قبرها روضة من رياض الجنة ، الفردوس مأواها والكوثر وردها ومشربها. اللهم أغفر لموتانا وموتي المسلمين . أنا لله وإنا اليه راجعون د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.