بسم الله الرحمن الرحيم [email protected] طالعت فى صحيفة آخر لحظة الصادرة يوم الثلاثاء 15/12/2009م مقالاً لرئيس تحريرها الأستاذ مصطفى أبو العزائم بعنوان وجوه وأقنعة .. داخل القصر .. هو فى حقيقة الأمر عبارة عن مقال تحريضي قصد به تأليب المؤتمر الوطني واستعداءه ضد شركاء السلام الذين وقعوا معه إتفاقيات بيّضت وجهه أمام العالم بعد أن كان مسوداً وهو كظيم، فطفق يباهي بها ويسطرها في سفر إنجازاته، كتاباً يُخرجه للناس قائلاً لهم هاؤم كتابيا اقرأوه، أما ما عدا هذه الخُيلاء فلا يُعنيها في شئ - أي الإتفاقيات الموقعة ، وهذه قصة أخرى ملّ الناس سماعها للدرجة التي جعلت المعارضة المسلحة لا تجد في نفسها الرغبة فى توقيع إتفاق مع نظام لا يحلو له إلا نقض ما واثق الآخرين عليه. لقد شن السيد رئيس تحريراخر لحظة هجوماً لاذعاً على السيد مني أركو مناوى وعلى حركة تحرير السودان ، نقتطف هذا الجزء من المقال ونعلق على مجمله (الأمر نفسه أرى أنه ينطبق على فصيل آخر عائد من التمرد هو حركة تحرير السودان أو ال«SLA» التي يقودها السيد مني أركو مناوي، كبير مساعدي رئيس الجمهورية، الذي يمارس عمله داخل القصر الجمهوري وحركته ما زالت تحمل السلاح حتى داخل المدن، وتقيم الندوات والليالي السياسية، وتفتح الدور مثل تلك الدار الفخيمة الضخمة في شارع الموردة، والتي تم التصديق بها لتكون نادياً سياسياً، لا ثكنة عسكرية، والحركة لم تتحول حتى الآن إلى حزب سياسي ). يبدو أن السيد مصطفى أبو العزائم قد نسى أحداث قبل نحو عام ونيف عندما خرج كبير مساعدى رئيس الجمهورية مغاضباً إلى مواقع قواته زهداً فى القصر الذى يغنى له الآن ويجعل منه غاية تستوجب من السيد منى أن يصمت ولا يبُدى أى إمتعاض يجعله يدين تلكؤ المؤتمر الوطنى فى تطبيق بنود إتفاق أبوجا والسعى الجاد لحل أزمة دارفور طالما أفاء له المؤتمر الوطنى بهذا المنصب الفخيم .. السيد كبير مساعدى الرئيس لا يبهره القصر ولا بريقه ولم يجئ للقصر وجاهةً وحباً فى السلطة .. إنما جاء وفق إتفاقٍ مشهود دولياً وإقليمياً .. والمتاجرة بوجوده فى القصر لم تعد تجدى فتيلاً .. والذى يُجدي هو التطبيق الكامل للإتفاق والعمل بكل إخلاص لحل أزمة دارفور. فى مطلع عام 2008م وعندما إستبد اليأس برئيس حركة جيش تحرير السودان - الحركة الموقعة على إتفاق سلام دارفور - أبوجا - قرر أن يلجأ إلى مناطق تمركز قواته فى الشمال رافضاً العودة إلى الخرطوم تاركاً القصر وديباجه وحريره .. وشعراء البلاط وأدعياء النضال يضربون كفاً بكف ولسان حالهم يقول أعن هذا يُسار إلى الطعَّان؟ ويدرك هؤلاء جيداً أن الموقع المتباكى عليه لم يكن هبة أو منة تصدق بها المؤتمر الوطنى لحركة جيش تحرير السودان .. ولو كانت مثل هذه الأُعطيات ، منناً وهبات منه، لكانت قد ذهبت إلى المسبحين بحمده، ليل نهار، ولتلقفوها هنيئاً مريئاً ، حامدين شاكرين لجود المحبوب وعطائه الرغيد. ولكن لا بأس من أن نُذِّكر، فالذكرى تنفع المؤمنين، لنؤكد للأخ مصطفى الذى هاجم الأخ منى على طريقة .. ولا تقربوا الصلاة .. متجاهلاً دور المؤتمر الوطنى فى إخراج الحركة عن طورها ودفعها للسيد منى، مُكرهاً، للموقف الذى يقفه الآن ..نذكِّره أن السيد منى خرج من الخرطوم عائداً إلى مواقع قواته بعد أن إستنفد كل الرجاءات مستخدماً كل قنوات الإتصال بالمؤتمر الوطنى طالباً منه الإسراع فى تنفيذ الإتفاق ولكن كل ذلك لم يجد فتيلاً، ثم لجأ إلى الشكوى إلى الوسطاء وإبداء التذّمر عبر المؤتمرات الصحفية والوسائط المرئية ولكن ذلك لم يزد المؤتمر الوطنى إلا تعنتاً ومكراً.. فلم يجد الرجل بُداًُ من اللواذ بميدانه العسكرى .. ليهتبل الإعلام التابع للمؤتمر الوطنى ، وعلى طريقة مقال الأخ مصطفى ، تشييعه بالسخرية والقول بأن حركة جيش تحرير السودان ليست لديها القوة وقد تم تجريدها من قواتها .. وإستبشر الذين يطمعون فى المنصب خيراً بخلو الساحة لهم فبدأوا فى حياكة الأقاصيص الوهمية ، فقد خلا لهم وجه المنصب البرَّاق وقد حانت ساعة التتويج بالجلوس عليه .. وآخرين بدأوا التحريض بإختلاق قصصٍ يؤلبون بها المؤتمر الوطنى قائلين له إن الرجل بلا جيش سوى قلة من أهله فلماذا لا تلحقون به هناك فى منفاه الإختيارى وتجهزون عليه ولتسكت الحركة إلى الأبد وليُلغ الإتفاق؟. ولكن ما لم يتوقعه أحد أن الحركة كانت تعد مفاجأةً من العيار الثقيل ، وأن الحملة التى جُردت لتبدأ التنظيف بمواقع الحركة فى شرق الجبل إصطدمت بقواتها فى منطقة « كولقى « وهناك دارت رحى معركة أسفرت عن نتيجة سار بذكرها الركبان .. عرف على إثرها الحادبون على مصلحة البلاد أن عودة رئيس الحركة إلى الداخل أمر ضرورى تفاديا لمزيد من التعقيد فى أزمة دارفور. وبعد إنجلاء معركة «كولقى» علم الجميع أن قوات الحركة لم تزل فى كامل حيويتها .. وأدرك المؤتمر الوطنى خطورة وجود رئيس الحركة خارج القصر المنيف ، وهو أمر يرسل إشارة واضحة لغير الموقعين وللمجتمع الإقليمي والدولى بأن الحكومة فى الخرطوم ليست جادة فى حل أزمة دارفور .. فإذا كانت لا تفى بتعهدات إتفاقٍ، موقع ومشهود، فكيف تطبق إتفاقاً فى علم الغيب يُنتظر منه أنه يعين فى إلحاق زمرة من أبناء دارفور لا زالوا يمتشقون أسلحتهم؟ لتبرز الحاجة المُلحة إلى إعادة رئيس الحركة بأى ثمن حتى ولو بوثيقة جديدة ووعد مُغلظ بالإيفاء بباقى بنود إتفاق أبوجا وهكذا خرج إلى الوجود إعلان مدينة الفاشر الذى تعهدت فيه الحكومة بتطبيق الباقى من إتفاق أبوجا فى خلال شهر لا أكثر .. ووقع عن الجانب الحكومى الأستاذ على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية والسيد منى أركو مناوى رئيس حركة جيش تحرير السودان .. ليعود بموجب هذا الإعلان والذى عُرف بمصفوفة الفاشر إلى الداخل، واليوم يمر أكثر من عام ونصف العام ولم يُطبق من الإعلان سوى بندين من جملة ثلاثة وعشرين بنداً، فماذا تقول أقلام البلاط فى مواجهة هذه الحقيقة المريرة؟ وهل فى رأيهم أن الإتفاق هو مجرد منصب شرفى فى القصر الجمهورى؟ أم أن الإتفاق هو جملة إصلاحات إجتماعية وإستحقاقات تنموية وحلول لقضايا من أجلها خاض أبناء دارفور الحرب؟.. ونستبق إجابتهم بسؤالٍ آخر مهم: هل من الأجدى للسودان ولدارفور ولحكومة المؤتمر الوطنى أن تُطالب الحركة بالتطبيق الكامل لإتفاق سلام دارفور عن طريق المسيرات السلمية أم عن طريق العودة إلى مربع الحرب؟.