عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ليس مستغرباً أن يأتي منسوبو المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بتصريحات كاذبه غرضها التضليل وتغبيش الوعي، لكن المستتغرب والمدهش وربما الصادم أن يكتشف الناس ان منسوبي الوطني ليسو وحدهم في تلك الصفة وإنما يشاركهم فيها من ظنه الكثيرين عكس ذلك وقد شهدوا له بفضح السياسات المضللة والمغبشة للوعي، كما سنعرف ذلك تاليا ولكن بعد إضاءة مطولة تكشف عتمة التغبيش وظلامه. لا يفتأ المؤتمر الوطني، يجدد رفضه للمؤتمر التحضيري الذي ينتظر ان تدعو له الوساطة الافريقة اطراف الازمة السودانية، من حركات مسلحة واحزاب سياسية مدنية، للجلوس في طاولة واحدة بمقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا لأجل الاتفاق على موضوعات الحوار وآلياته والضمانات المطلوبة للقادة المسلحين حين حضورهم الى الخرطوم. وظل الحزب الحاكم يؤكد رفضه القاطع للمؤتمر التحضيري منذ اصدار مجلس السلم والأمن الأفريقي في الخامس والعشرين من اغسطس الماضي، لبيانه الداعي لإقامة المؤتمر التحضيري. في المقابل تمسكت قوى المعارضة المسلحة والمدنية بالمؤتمر التحضيري، واعتبرته ضامناً لجدية وشمولية الحوار الوطني. يقول ابراهيم محمود حامد، مساعد رئيس الجمهورية، ونائب رئيس المؤتمر الوطنى لشؤون الحزب، في آخر تصريح رافض للمؤتمر التحضيري إن الحكومة لن تشارك في لقاء تحضيرى خارج السودان، باعتبار ان الحوار الوطني المنعقد حاليا هو حوار سوداني – سوداني، وليس من المنطق أن تذهب كل الأحزاب لخارج السودان للتحاور". هذا حديث غير سليم وينطوي على تضليل بأئن للشعب السوداني من خلال تصوير المؤتمر التحضيري بأنه بديل للحوار الداخلي. لجهة أن المؤتمر التحضيري الذي ينتظر ان تدعو له الوساطة في الأيام المقبلة، لا يعني نقل الحوار السوداني الى الخارج، وانما المقصود مؤتمر تحضيري يسبق انطلاقة الحوار الداخلي بغرض توافق الأطراف على كيفية الحوار وموضوعاته بما يضمن إجراء حوار مجد حيث يجري في أجواء مواتية لمتطلباته. كما يقول قرار مجلس السلم الأفريقي رقم 539 - وهو المرجعية للحوار - في احدي فقراته "يكرر المجلس مجدداً دعوته إلى إجتماع عاجل، يسبق عملية الحوار الوطني، يضم جميع الأطراف المعنية في مقر رئاسة الاتحاد الافريقي في أديس ابابا، لمناقشة المسائل الاجرائية المتعلقة بالحوار والاتفاق عليها". واعقبت هذه الفقرة مباشرة فقرة اخرى تقيد الدعوة الى الاجتماع التحضيري بفترة زمنية حددت مدتها ثلاثة شهور من تاريخ الاجتماع، اذ تقول الفقرة "ويطلب المجلس من الآلية الافريقية رفيعة المستوى أن تقدم تقريراً إلى المجلس خلال 90 يوماً من صدور هذا القرار، حول عودة أصحاب المصلحة السودانيين للانخراط في العمليات المٌفضية إلى تحقيق إجراء حوار وطني شامل وشفاف وذي مصداقية، على النحو المٌتوخى في خارطة الطريق والانخراط في المساعي اللازمة لوضع حد للصراعات في دارفور وفي المنطقتين". تلك هي باختصار الرؤية الأفريقية التي جاءت نتيجة اجتماعات متعددة مع أطراف الأزمة السودانية في الحكومة والمعارضة، وقد قبلت المعارضة المسلحة والمدنية بهذه الرؤية وتنازلت عن عدد من الاشتراطات وغيرت مواقفها من النظام بعدما رأت الرؤية الأفريقية الأكثر ملائمة لحل الأزمة السودانية بطريقة تجنب البلاد مخاطر الانزلاق في أتون الفوضى. لكن المؤتمر الوطني رفض مبدأ الحل الشامل الذي يبدأ بالمؤتمر التحضيري واستمسك بالتجزئة والحل القطاعي.. وفور خروج مقررات اجتماع مجلس السلم الأفريقي المار ذكرها سارع الرئيس البشير لإقامة حوار بديل للمؤتمر التحضيري، يقوم أساسا على الحل القطاعي، وقام بتقدم الدعوة لكافة الأطراف السياسية المسلحة والمدنية بالداخل والخارج، عدا قطاع الشمال، حيث استثناه من الدعوة. ومن هنا بدأت أولى خطوات تجزئة الحلول من خلال عزل قطاع الشمال عن الحل الشامل وحصره في قضايا المنطقتين (وكأنه فصيل غير سوداني لا يحق له مناقشة قضايا السودان مع السودانين المجتمعون في قاعة الصداقة في العاشر من أكتوبر الجاري). اوصل الرئيس التشادي ادريس ديبي، دعوة الرئيس البشير الى الحركات المسلحة في دارفور إلى حيث إقامتهم بالعاصمة الفرنسية باريس، فيما اوصل مساعدا الرئيس ابراهيم محمود وعبد الرحمن المهدي، الدعوة للإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي، في مقر إقامته بالقاهرة. وأيضاً وصلت الدعوة لجميع الأحزاب السياسية بالداخل. لكن حوار العاشر من اكتوبر الجاري انطلق بعدد أحزاب الحكومة والمؤتمر الشعبي (صاحب الحوار الفعلي).. وما زالت أعماله متواصلة في قاعة الصداقة عبر لجانه التي تم تشكيلها من القوى المشاركة. بينما تقف في الجانب الآخر أحزاب المعارضة في انتظار المؤتمر التحضيري، وقد انضمت لها بعض الأحزاب التي كانت يوما جزء من حوار المؤتمر الوطني ونفضت يدها منه لافتقاره للحيادية والنزاهة والشفافية. اليوم انقضت (60) يوماً بالتمام والكمال من المهلة الممنوحة للأطراف من قبل مجلس السلم الأفريقي، وتبقت فقت (30) يوماً يفترض ان تجري فيها آلية الوساطة الاتصالات اللازمة مع الاطراف المعنية ويقام فيها المؤتمر التحضيري المعني، على ان تقدم الوساطة تقريراً كاملاً بشأن ذلك للمجلس في اجتماعه المنتظر بعد شهر من الآن. ومع مضي الوقت واقتراب أجل المهلة الأفريقية، بدأ الحزب الحاكم جولة افريقية للترويج لحواره الذي بدأ في العاشر من اكتوبر الجاري، يحاول أن يقنع به الوسطاء الافارقة (مجلس السلم والآلية) وبالتالي التخلي عن المؤتمر التحضيري. وعليه فقد وصل ابراهيم غندور، وزير الخارجية، ورئيس وفد الحكومة المفاوض، اول امس الى العاصمة الجنوب افريقية، جوهانسبيرج، قادماً من العاصمة الاثيوبية اديس ابابا "مقر الإتحاد الأفريقي"، ولم يتأكد بعد إن كان قد قابل في اديس رئيس الاتحاد الافريقي ام لا. لكنه التقى في جوهانسبيرج برئيس الوساطة الأفريقية ثابو امبيكي، وقام فعيلاً بتنويره بمجريات الحوار الجاري بالداخل، وأطلعه على بداياته واعمال لجانه المستمرة حالياً، وبحث معه خطوات إلحاق الحركات والقوى المسلحة بالحوار، والسبل الكفيلة بتحقيق ذلك في ضوء الضمانات التي قدمها الرئيس البشير خلال افتتاح مؤتمر الحوار في العاشر من أكتوبر الجاري. في وقت اكد غندور لامبيكي جاهزية الحكومة وقناعتها بالتفاوض، للوصول لتسوية سلمية بالمنطقتين مع قطاع الشمال. الشاهد أن المؤتمر الوطني استطاع أن يحافظ على فرض منهجه للحوار، القائم على الحل القطاعي للأزمات بما يبقيه على دفة القيادة.. حيث يريد ان يجمع كل القوى السياسية المعارضة والمسلحة عدا قطاع الشمال في حوار الخرطوم، بينما يتفاوض مع قطاع الشمال لوحده في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا للوصول معه الى حل بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وبالفعل تسلمت الحكومة الأسبوع الماضي، دعوة رسمية من الآلية الأفريقية، بشأن استئناف المفاوضات حول المنطقتين فقط، في الثاني من نوفمبر المقبل، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. كما تلقت الحركة الشعبية قطاع الشمال، ذات الدعوة للتفاوض حول المنطقتين. يقول يارس عرمان، رئيس وفد قطاع الشمال للتفاوض، في تصريح له قبل ايام "سنذهب الى أديس أبابا وخلفنا تسع جولات طالبنا فيها بالحل الشامل حتى اصبحت قضية رئيسية في الأجندة السودانية، الإقليمية والدولية، وربطنا بشكل محكم بين قضيتي كيفية حكم السودان وكيفية حكم منطقتي النيل الازرق وجنوب كردفان في اطار السودان الموحد على أسس جديدة". وعرمان يبدو في هذا التصريح أكثر تضليلا من إبراهيم محمود في تصريحه بشأن المؤتمر التحضيري، إذ أن عرمان يعلم أنه تسلم دعوة من أجل التفاوض الجزئي وليس الشامل .. وهو يعلم أن هذه الدعوة يفترض أن تشمل حركات دارفور لأن القرار 539 وهو مرجعية التفاوض يدعو إلى وقف العدائيات في دارفور والمنطقتين في وقت متزامن لما يمهد إلى الانتقال للحوار الداخلي للحل الشامل.. عرمان يعلم أنه ذاهب إلى أديس في الثاني من نوفمبر المقبل للتفاوض حسب رؤية المؤتمر الوطني وليست رؤيته هو التي نعرفها من خلال ما ظل يردده في أوقات سابقة أن كان باسم قطاع الشمال أو الجبهة الثورية .. ولكن عرمان يفترض الذكاء في نفسه والغباء في الآخرين ولذلك يوزع التصريحات المضللة كما يفعل المؤتمر الوطني. عرمان بات عندي الوجه الآخر من المؤتمر الوطني، ووجودهما على طرفي نقيض مع المؤتمر الوطني هو ما يحقق اجندة الجهات الراغبة في تقسيم السودان. سنأتي لاحقاً لتبيان جهود الطرفين في تقسيم السودان بتفصيل ابتداءً بمساع منح الحكم الذاتي للمنطقتين، فيما تنتظر دارفور والجزيرة والشرق حسبما طالب بذلك عرمان في نوفمبر 2014