شدَّد وزير الخارجية السوداني أ.د إبراهيم غندور على أن قطع العلاقات مع إيران قرار سوداني خالص لا يبحث عن مقابل، واتُخذ بعد نقاشات مطولة وآراء متباينة، قبل أن يصبح الخيار الأفضل لمساندة الأشقاء. وقال غندور، لبرنامج (فوق العادة) بقناة (الشروق)، السبت، إن الخارجية تضع الخيارات بين يدي الرئيس الذي له الحق في التوجيه النهائي. ورفض غندور وصف موقف السودان بأنه أكثر حدة من دول أخرى مثل مصر والإمارات، وقال: "موقفنا مساند للأشقاء، ونحن شركاء مع السعودية في عاصفة الحزم، وقواتنا البواسل تقدم الأرواح مع التحالف، وهذا تأكيد للتلاحم، وحينها يصبح قطع العلاقات مع إيران واجباً". وأوضح غندور أن القرار ليس وراءه غرض أو الحصول على ثمن. وقال "لن يحترمنا أحد ولن نحترم أنفسها إذا كنا كذلك". وأشار إلى أن السودان لم يتخذ قراراً خاطئاً، مع مضي إيران في تطبيع علاقاتها مع الغرب. وقال: "هدفنا إرسال رسالة واضحة إلى إيران، مفادها نحن لا نريد أن تتدخل إيران في شؤوننا الداخلية، وقد وصلت الرسالة". شعرة معاوية ونفى وزير الخارجية أن القرار كان فرصة تبحث عنها الحكومة ل (قطع شعرة معاوية) مع إيران بعد قرار إغلاق المراكز الإيرانية. وقال "في الخصوص لقد استمرت العلاقات طبيعية رغم أنه كان هناك إشكالية". ووصف رد الفعل الإيراني "بتفهم موقفنا". وقال "بالتالي كان الأمر طبيعياً". كما نفى غندور أن يكون هناك شرط لعودة العلاقات أو حتى الحديث حولها، أما إذا أعادت السعودية علاقاتها، فحينها "لكل حدث حديث ولكل مقام مقال، وليس عرفاً أن تقطع معاً وترجع معاً". وأشار غندور إلى أن العلاقات العسكرية التي كانت تربط السودان بإيران ليست موجودة الآن، وكذلك الاقتصادية. ونوَّه إلى أنها ليست بهذا الحجم الكبير الذي يتحدث عنه البعض. وتوقع أن تواصل بعض الشركات الإيرانية عملها، لأنها مرتبطة بعقودات وعرض وطلب. وعرج غندور على العلاقات السودانية المصرية، وقال إن النظرية التي تقول إن ضعف جارك يعني قوتك، يعتقدها البعض تاريخياً في مصر، لكن الصورة الآن مختلفة. وأضاف "إذا وصل الأشقاء هناك إلى أن السودان القوي مهم لمصر القوية وضعفه يؤذي مصر، سيزول التوتر". استفادة جماعية وألمح غندور إلى تغيُّر واضح في موقف القيادة المصرية تجاه السودان. وقال "ليست هناك رغبة بل إرادة حقيقية لهذه العلاقات، وقد وقفت بنفسي على ذلك في لقاءاتي مع وزير الخارجية المصري ثم الرئيس السيسي". وأضاف "العلاقات الآن ممتازة، لكن فيها بعض التوترات يجب حلها، على رأسها حلايب". وأكد غندور ضرورة حل قضية حلايب، حتى لا تستخدم كل مرة في توتر العلاقات، وتبقى شوكة فيها. أما بخصوص موقف السودان من سد النهضة، فقد جدَّد وزير الخارجية القول "إن السودان ليس وسيطاً أو محايداً، أو ضد مصر". وقال "السودان سيستفيد من السد، وكذلك مصر، ومصلحة الدول الثلاث نصب أعيننا". ونفى غندور بشدة مساومة موقف السودان بحلايب أو أي قضية أخرى، وقال هذا ليس وارداً. وتوقع غندور أن تحدث قمة الرئيسين البشير والسيسي المرتقبة اختراقاً كبيراً، وتكون حاسمة، خاصة وأن العلاقات في أفضل حالاتها. وعلى صعيد العلاقات السودانية الأميركية، قال غندور "إنها طبيعية وتمضي ببطء، ولكن لا نرى ذلك يحدث على أرض الواقع". وأكد أن الحوار المباشر وغير المباشر لم يتوقف يوماً بين البلدين. وقال إن الأمور لن تضع في نصابها برفع الحظر الجزئي، إلا إذا صارت العلاقات طبيعية. وزير الخارجية يفند اتهامات بالفشل في ملفات متعددة دافع وزير الخارجية السوداني أ.د. إبراهيم غندور، عن اتهامات بالجملة ساقها له مقدم برنامج (فوق العادة) بقناة الشروق، ليل السبت، منها فشله في إدارة ملفات سابقة بحزب المؤتمر الوطني والانتخابات، وسلبيات في إدارة السياسة الخارجية. ورفض غندور ربط اختياره وزيراً للخارجية بفشله في إدارة الانتخابات أو ملفات الحزب، ما أدى إلى إبعاده عن منصب مساعد الرئيس، وقال إن الاختيار لم يكن تخفيضاً لمنصبه، وإذا قيست أهمية منصب وزير الخارجية فليس هناك تخفيض. وأضاف غندور أن اعتراض البعض أمر طبيعي ورضا الآخر مثله، لكن الذي يرشح للحزب ويعين هو رئيس الجمهورية، وأنا لم أشعر بأي تآمر ضدي. وأشار غندور إلى أنه لم يفشل في إدارة توازنات القوى في المؤتمر الوطني، وقال إن طريقة عمله تبعد دائماً من المجموعة التي تساند في كل الأحوال، وأكد أنه يعمل ضمن مؤسسية. نسبة مرضية وأوضح غندور أن نسبة 46,4 في المئة التي تحققت في الانتخابات كانت مرضية لإدارة الحزب، رغم أن البعض حاول أن يصورها بغير ذلك، وأشار إلى أن الذين تسجلوا كانوا عشرة ملايين والمشاركين بلغوا ستة ملايين، ما يعني -حسب غندور- مشاركة غالبية العضوية في الانتخابات في ظل ظروف اقتصادية وسياسية صعبة. وعزا غندور كثرة اللغط وتقاطع القبول والرضا لإدارة حزب كبير مثل المؤتمر الوطني، لتشعب العضوية في بلد مثل السودان كل الظروف فيه صعبة اقتصادية وسياسية ونزاعات قبلية. وقال كنت أتعامل مع مئات الملفات ليبت فيها عاجلاً، فضلاً عن صعوبة تمويل الحزب، فقد واجهنا مشاكل مالية بعكس اعتقاد الآخرين. وأبعد غندور عن نفسه صفة الصفوية أو النخبوية، وقال إن رئيس اتحاد العمال ل25 عاماً لا يمكن أن يكون كذلك، فقد جئت من قلب الشارع أو حتى طرفه، وأضاف "أنا لصيق جداً بكل طبقات الشعب السوداني". أيادٍ خفية كما رفض وزير الخارجية انتقاده بكثرة الأسفار، وقال إن طبيعة عمل وزير الخارجية في الخارج، ولا تدار بوسائل الاتصال إلا في أمور محدودة ، وأضاف "في بعض الأحيان لا نستطيع اللحاق بمؤتمرات مهمة، ونطلب من سفاراتنا المشاركة". وألمح غندور إلى أنه لم يشعر بأن هناك أيادي وأصابع تشوش على عمله وزيراً للخارجية، وقال إن الممارسة السياسية الآن تمضي بإيجابية، بتجاوز تصريحات ارتبطت بحالة التعبئة العامة، التي كانت في إطار محاربة تمرد ورزح تحت مقاطعة وحصار اقتصاديين. وأضاف أن هذه الصورة الآن غير موجودة، ولعل أجواء الحوار جعلت المناخ السياسي عموماً تصالحياً وإيجابياً. وشدد غندور على أن الخارجية لا تصنع السياسة لوحدها، وقال من الطبيعي أن تتداخل الاختصاصات، لكننا لا ننزعج إن قام شخص بتشويش أو تدخل فيما لا يعينه. وأضاف مؤكداً أن ملف الخارجية مشترك مع القصر الرئاسي، فالرئيس بحكم مسؤولياته الدستورية المسؤول الأول عن العلاقات الخارجية. وأشار إلى أن كل ما يوجه به الرئيس إما أن ننفذه أو نعمل على إنجاحه، لذلك لا ننزعج من أي تحركات رئاسية، فهناك تنسيق عال "والرئيس يتشاور ويكلفنا وأنا رفيقه في كل رحلاته الخارجية".