عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. انذكر احلى الأوقات بالنسبة لي في ذاك الزمان كانت بعديد البشاقرة واعلم انها كانت وبدون شك ايام الخريف.. وللخريف في تلك البلده مذاق غير وطعم خاص وكيف لا وهو موسم الخصوبة واللمات العائلية والمشاركات..وقد كان الخريف وقتها كريما وياتي بخيراته وفي مواعيده وله عينات(جمع عينة) يعرفها كبارنا ومنهم جدي عثمان ود الصافي الذي سمتني امي عليه وهو خالها لزم، اما من ناحية ابي فقد كان ود الصافي قريب والدته وزوج خالته آمنة بت جاه الله وكان البيت الذي ولد فيه ابي وإخوته لصق بيت ود الصافي وهو حوش واحد كبير لم تكن به حوائط او بيبان مثله مثل كل بيوت ذاك الوقت(الم تكن لهولاء الناس خصوصيات وأسرار: عجبي) وعرف عندنا ذاك الحوش بحوش الكلامين وذلك نسبة لجدهم (كلمون) وينقسم الي أربعة فروع :بيت ود الصافي بعائلته وعبدالله ود ابردف وأسرته ويوسف ود التوم وأسرته، ويوسف ود خليل جدي لأبي وهو ذو أصول غير سودانية تزوج امي فاطمة بت جاه الله الشهيرة بالعيش وقيل ان ابوها سنة ولادها رزق بمسور وفير وهو عباره عن عيش لذلك لقب بنته بالعيش وقد رايتها وهي على فراش الموت وكانت طويلة القامة ذات جمال وبهاء عكس اختها وأخيها واشتهر ابي بود العيش ولان جدي كان غريب ديار وأهل فقد كان البيت ملك فاطمة بت جاه الله..اما انا صديقكم فقد ارتبطت بذاك الحوش بشكل كبير وكنا نسميه (الفريق داك) ومازال ذلك الفريق داك وكذلك حوش الكلامين ولكن بتعديل وتبديل ودخول شىيء من العولمة عليه.. عودة الي جدي ود الصافي فقد كان حكيم الاسره وعريفها وكان يقرا القران ويكتب (تعليم خلوة) كريم ومجواد ويعرف ذلك القاصي والداني وإذا سألته عن العين فسيخبرك عنها وبدقة متناهية كأحسن ما يكون عالم والأرصاد اليوم وكانت له راكوبة واسعة وفوق قمة تلك الراكوبة اتخذت سنبرية أنثى بيتا لها وكانت تأتي من حيث لا نعلم وكل ما نتخيله انها تأتي من بلاد بره وذلك قبل نزول الخريف بقليل.. الزولة دي كانت تجد عشها كما تركته وتضع بيضها وهي مطمئنة انها في كنف وضيافة ذاك الشيخ الكريم ولن يتعرض لها احد..ونأتي ونحن صغار ومعنا احفاده لنفاجأ بتلك الزائرة الكريمة قد حلت ونستبشر بمقدمها الذي يبشرنا فرحا بقرب حلول الخريف ونغنى لها لها الاغنية الشعبية الشهيرة (السمبرية ام قدوم.. عيش أبوي بقوم متين) وكان تلك الضيفة الموسمية مسؤلة عن نموء عيش ابونا ولكنها القهارة..وأيام الخريف تضج الحلة باصوات مرزبة ذاك الحلبي الذي كان يأتي كل عام هو وزوجته وأبناءه وكانوا مثل تلك السمبرية ياتوا في زمن الخريف ولا نعلم لهم وطن وذاك هو السودان ياوي الكل وبكل أريحية وينزل صاحبنا في ساحة القرية الأمامية والتي كانت غير بعيدة من بيت العمدة وينصب عدته والتي كانت تتكون من فحم وقرية تنفخ النار التي يضع عليها الحديد الذي يصنع منه اجهزه الزراعة اليدوية مثل الملود وهي قطعة حديد موصولة بعود أملس وحاده في حافتها ويستعملها المزارعون والعمال في نظافة الحواشات من الحشائش الطفلية وكذلك الكندكة وهي اصغر وتستعمل للحشائش العصية وهي أشبه للطورية والاخيرة أشهر في مجال البناء خاصة في الحفر وعجن طين البناء ذاك.. ويقوم ذاك الحلبي( هذا ما كان يناديه به اهل القرية) بعمل صناعة الكوانين للطباخة وعمل السباليق لتصريف مياه الأمطار من اسقف المنازل وكذلك يقوم بكي الحمير ووشمها وحلاقة شعرها اما زوجته فمهمتها الحوامة على البيوت وشحدة الطعام وعادة ماتتبعها بنتها. وكان عند جارنا حفرة يبدو انها حفرت لسبب البناء بالطين والذي في زماننا ذلك وهي حفرة سطحية حفرت لغرض البناء ولكن عقولنا الصغيرة صورتها كأنها حفير او بحيرة، تتجمع فيها مياه الحارة وما ان تتوقف المطره الا ونتجمع حولها ونحدد كمية تلك المطرة بكمية محتوى الحفرة ( المطرة كتيرة وحفرة ود حاج علي اتملت لى حدها) اما النور ود حاج علي صاحب الحفرة فقد كان الحارس لتلك الحفرة ورقم انه كان اصغر منا سننا الا له الكلمة الاخيرة فيمن يلعب ولا يلعب في الحفرة أوَليست حفرتهم؟ وكانت لي محاولات فاشلة في اللعب بالطين الذي كنت وأصحابي نحاول ان نبني منه بيوتا صغيرة او نشكله كيفما يروق لنا مزاجنا كتماثيل ولكن رقم الفشل كنت اكثر من المحاولة وود حاج على (ود الحاج) سيد الحفرة إياها فقد كانت رجلا طويل القامة وضخم الجثة ذو شخصية أشبه للصارمة لدرجة انا كنت نهابه وقليلا ما رايته يمزح وكان يعمل جزارا بالقرية وهو واهله من قرية البشاقرة غرب وكنا نهابه ونحن صغار . وكما ترى ان للخريف طعم خاص في تلك القرية وفي منطقة الجزيرة عموما فقد كان موسم للفرح وموسم تدب فيه الحياة والنشاط بعد ذلك البيات الصيفي وبعد ان يكون الناس قد اكتوا بحرارة قاتلة التي كانت تشوي ولهيب الريح والسموم وعادة مايصحب الصيف الحامي مجموعة أمراض كان بعضها كالسحاياوالحمى والدبس وامراض الجلد والأورام ..ويبدا فيه الاستعداد للزراعة خاصة زراعة الذره والتي كانت اغلبها الذره البيضاء(مايو) والفتريته والاخيرة كانت الأشهرمن غيرها لسرعة نومها ولا تحتاج لماء كثير وكانت تزرع في البلدات وهي أراضي لا تتبع للمشروع ومن انواع الذرة الاخرى المقد والحميسى وللخريف طقوس خاصة في قرانا ومعظم القرى فعادة مايتم الاستعداد له من وقت مبكّر وكنت ترى النَّاس وهم على اسطح بيوتهم يتصايحون -والقروي ابدا لايعرف الهمس- ليتأكد الواحد منهم ان كان هناك خرم في العرش ويتأكد كذلك من صلاحية السباليق او ان كانت مغلقة ويكثر في وقت الخريف وما قبله عمل النفير والذي اشتهر به اهل بلاد السودان وللنفير طعم خاص عندنا في الحلة حين يتجمع الناس وأحيانا بدون مناداة وذلك لبناء حيطة او إصلاح باب او عمل راكوبة من الحطب وعيدان قصب الذرة ويتم ذلك عند الظهيرة ومع المغرب يتوقف العمل ويتم اكرام القوم بكبابي شاي اللبن مع اللقيمات اوالشعيرية بالزيت او السمن والسكر وعند موعد صلاة العشاء يذهب الناس كل الي بيته تغمطهم الفرحة بما انجزوا..ولنا عوده.. عثمان يوسف خليل المملكة المتحدة عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.