عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    تدني مستوى الحوار العام    مخرجو السينما المصرية    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    أمجد فريد الطيب يكتب: اجتياح الفاشر في دارفور…الأسباب والمخاطر    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    من سلة غذاء إلى أرض محروقة.. خطر المجاعة يهدد السودانيين    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تفشي حمى الضنك بالخرطوم بحري    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    المخدرات.. من الفراعنة حتى محمد صلاح!    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أولي خطوات أستعادة حلايب تبدأ بالأهتمام بأنسان الشرق .. بقلم: المثني ابراهيم بحر
نشر في سودانيل يوم 21 - 04 - 2016

لا يزال نظام الأنقاذ يواصل أسلوب (التحنيس) مع الشقيقة مصر, والذي بحسب رأيي الشخصي لن يجدي مع دولة ظلت تنظر الينا (بفوقية ) , وقد نقلت وسائل الأعلام " أن السودان قد دعا مصر للتفاوض المباشر لحل قضية منطقتي (حلايب وشلاتين) المتنازع عليهما بين البلدين أسوة بما تم مع السعودية حول جزيرتي (تيران وصنافير)، أو للجوء الي التحكيم الدولي "امتثالا للقوانين والمواثيق الدولية" باعتباره الفيصل في مثل هذه الحالات كما حدث في إعادة( طابا ) للسيادة المصرية.وأكدت وزارة الخارجية السودانية في بيان صدر عنها الاحد 17/4/2016حول اتفاق عودة جزيرتي (تيران وصنافير) بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ,أنها ستواصل متابعتها لهذا الاتفاق والاتفاقيات الاخرى الملحقة به مع الجهات المعنية واتخاذ مايلزم من إجراءات وترتيبات تصون "الحقوق السودانيه السيادية الراسخة في منطقتي حلايب وشلاتين."وقالت الوزارة في بيانها إنها "تؤكد حرصها الكامل على المتابعة الدقيقة لهذا الاتفاق والذى لم تعلن تفاصيله بعد وذلك للمحافظة على حقوق السودان كاملة غير منقوصة, والتأكد من أن ما تم من اتفاق لايمس حقوق السودان السيادية والتاريخية والقانونية في منطقتي حلايب وشلاتين وما يجاورهما من شواطئ." ومضى البيان للقول إن "السودان ومنذ العام 1958 قد اودع لدى مجلس الأمن الدولي مذكرة شكوى يؤكد فيها حقوقه السيادية علي منطقتي حلايب وشلاتين وظل يجددها مؤكدا فيها حقه السيادي."
المصدر سونا 18/4/2016

الخطاب أعلاه , الصادر من الحكومة السودانية , قوبل بردود أفعال غاية في الاستخفاف في الاوساط المصرية الرسمية والشعبية,بالرغم من الطريقة الودية التي عبر بها النظام السوداني, ولكن ما يهمني هنا ليس الرأي المصري لأنه معروف سلفا, بأعتبار انه من الطبيعي أن ينحازوا لوطنهم, ولكن ما يدهش في تصريحات مواطني المنطقة المتنازع عليها (حلايب) فقد تابعت عبر وسائل الاعلام , ووسائل التواصل الأجتماعي,استنكار واسع من مواطنين ينتمون الي (حلايب) وهم يرفضون تبعية حلايب للسودان ....! وأكدوا أنها غير قابلة للتفاوض، وأنها مصرية حتى النخاع بكل المواثيق والعقود, ونقلا عن قناة صدي البلد المصرية 19/4/2016 وموقع مصراوي ,قال ( طاهر سدو )المتحدث الرسمى باسم قبائل مثلث (حلايب وشلاتين، وأبو رماد) إن أبناء حلايب وشلاتين هم أحفاد الفراعنة ,وإن جنسيتهم مصرية مائة بالمائة،وأضاف ( سدو ) خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "على مسئوليتي"، المُذاع على قناة "صدى البلد"- اليوم الاثنين18/4/2016، أن الرئيس السوداني استغل إقرار الرئيس( عبدالفتاح السيسي) بتبعية جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، من أجل خوض محاولة فاشلة لضم "حلايب وشلاتين".مشيرا إلى أنهم شاركوا الجيش المصرى فى تأسيس سلاح الهجانة، كما كان لهم دور بارز فى جميع الحروب التى خاضتها مصر طوال العهود الماضية، مؤكدًا أن أهالي حلايب وشلاتين وأجدادهم عاشوا وتربوا فى (مصر) وسوف يموتون فيها ولن يسمحوا لأى شخص بالتشكيك فى ذلك.
وأضاف "سدو": أن ما تطالب به وزارة الخارجية السودانية غير مقبول، وأن المواطن في المنطقة هو من يحدد مصيره وانتماءه........! وليس عمر البشير....!.وطالب "سدو" الرئيس السودانى أن يستعيد جنوب السودان التى أضاعها وشتت دولته وقسمها، والأجدر به أن يحاول استعادتها مرة أخرى بدلًا من محاولته الفاشلة.....!.وأظهر "سدو" مفاجأة تاريخية، وهى وثيقة تاريخية منذ 26 عاما، تقدم بها قبائل حلايب وشلاتين إلى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، للمطالبة بإنهاء الحكم الإدارى السوداني على منطقة حلايب، وذلك عام 1988، وهو ما استجاب له( مبارك) وتم إنهاء الحكم الإداري السوداني لحلايب عام 1992. وأكد الشيخ (طاهر سدو)، أنه كتب تلك الوثيقة بخط يده، جامعا عليها توقيعات أهالي حلايب وشلاتين فى ذلك الوقت......! و من جانبه، وصف (محمد كرار) أحد شباب حلايب وشلاتين، ما أعلنته وزارة الخارجية السودانية، بالمحاولة الفاشلة، وقد سبقتها محاولات أخرى للتأثير على أهالى حلايب وشلاتين، مؤكداً أنهم يحملون وطنية وجنسية واحدة هى المصرية، وأن آباءنا وأجدادنا مصريون. وقال: "لا تطعنوا فى شرفنا ووطنيتنا المصرية التى لا نحمل غيرها....! ونفخر أمام العالم بأننا مصريون، وسنظل كذلك حتى نموت""،
برنامج علي مسؤليتي(قناة صدي البلد)18/4/2016

لم اندهش شخصيا عندما طالعت تصريحات بعض مواطني حلايب ومنهم الشيخ (محمد سدو ) شيخ مشايخ حلايب بأن المنطقة كلها مصرية100%,فهي رسالة واضحة بأنهم عانوا التهميش من الانظمة السودانية , فقد عملت الانظمة المصرية علي اللعب علي أخطاء الحكومات السودانية , كما يقولون بلغة الكورة,و استثمار الاوضاع المزرية التي يعانيها شرق السودان من بؤس وشقاء ,وتجاهل من الحكومات المركزية المتعاقبة لصالحها بغرض استمالة اهالي حلايب, وعملت الحكومات المصرية علي الاهتمام بالخدمات وخصوصا الصحية والتعليمية, وفعلت بحلايب واهلها مالم تفعله الحكومات السودانية المتعاقبة, وعوضت اهالي حلايب عن كل ما هو مفقود لديهم , فبحسب صداقتي مع العديد من ابناء حلايب لاحظت مدي ارتباط مواطن تلك المنطقة بمصر التي عملت علي راحتهم, خاصة الاجيال الحديثة, فهذه المأساة الحقيقية , لأن هذه الأجيال من الشباب هم من سيصنعون المستقبل ,وبالتالي مصر تخطط للضغط علي السودان بكرت ابناء المنطقة, فمنذ العام 1996 أثر نشوء الازمة التي احتل علي اثرها المصريين (حلايب) تم تغيير المنهج الدراسي في حلايب وفقا للمنهج المصري , بمعني ان هناك اجيال كثيرة لم تقرأ ولا تعرف شيئا عن المنهج السوداني تقدر بحوالي أكثر من 6أجيال, أضافة الي حوالي أكثر من 10 اجيال لم يدرسوا الا جزءا يسير من المنهج السوداني , وهؤلاء كلهم تربوا في حضن (مصر) وتخرجوا من جامعاتها ,وهي الكوادر التي تقود العمل العام في حلايب.

بالتالي في حين لجوء الحكومة لخيار التحكيم الدولي,فمن المعلوم أن الاستعمار البريطاني جزء من مخططاته لافتعال الازمات في افريقيا قد عمد الي افتعال مشاكل حدودية بين الدول المتجاورة , وهذا السيناريو مكرر في القارة الافريقية في دول كثيرة ,فالفيصل في مشاكل الحدود بين الدول هي لحظة خروج المستعمر, تنظر المحكمة في الحدود الجغرافية التي خرج علي اثرها الدولة المستعمرة بحسب الوثائق الموجودة ,ولكن في ظل عدم وجود بينات حقيقية كما حدث في مسألة ( ابيي) التي بالرغم من لجوء الطرفين للتحكيم الدولي, الا ان الازمة لم تبارح محلها ,فقد فصلت المحكمة الدولية بصورة حاولت ان ترضي الطرفين, فغالبا ما تدفع المحكمة في حالة عدم وجود بينة حقيقية , أن تدفع بخيار الاستفتاء لسكان المنطقة عن اي الدولتين يريدون...؟ او قد يطالب سكان حلايب انفسهم بخيار الاستفتاء, في ظل التجاهل المذرئ لهم من نظام الانقاذ.
تصريح الشيخ (سدو) يجب ان ننظر لعبارته التي نطقها في تصريحه بعين الأعتبار "بأن اهالي حلايب هم من يحددون لمن ينتمون ....!" وهذه هي مربط الفرس....! فيجب ان تفهم الحكومة السودانية ان الاهتمام بحلايب يبدأ بالاهتمام بمواطن المنطقة اولا , فقد لاحظت ان مجموعة كبيرة من السودانيين تفاعلوا مع قضية حلايب وذهبوا الي ضرورة استردادها, وهذا شيئ ايجابي للحد البعيد كجزء من حل المشكلة , ولكن دون ان يشيروا الي الاهتمام بمواطن حلايب المسكين الذي يعاني ولا يجد الاهتمام....! فالأن حلايب علي ارض الواقع اضحت ارضا مصرية , و مصر احكمت سيطرتها علي عليها وفرضت واقعا علي الارض من الصعب تجاوزه , وقامت بتقديم مختلف انواع الخدمات كما اشرت مسبقا, وتشييد قري ومدن ومناطق تجارية علي امتداد المثلث, وبالمقابل لا تملك الحكومة السودانية اي استراتيجية لاستعادتها غير الضجيج علي وسائل الأعلام.....! اوعلي اقل تقدير لم تقم بمحاولة الاهتمام بانسان الشرق واهالي حلايب علي وجه الخصوص , وفي ظل هذ الظروف التي اشرنا اليها بالرغم من المواطنون في حلايب سودانيون 100% ولكنهم قد يصوتوا بأتجاه الذهاب مع مصر, اذا لجأ التحكيم الي خيار الأستفتاء , بأعتبار ان مصر هي من رعتهم وربتهم واعتنت بهم , فهي اباهم الحقيقي الذي رباهم ورعاهم , فنعم ان السودان هو اباهم الحقيقي المكتوب في شهادة الميلاد, ولكن لم يقدم لهم شيئا من اجل الأعتراف بأبوته,فالاب الذي لا ينفق علي ابناءه ليس له اي سلطة او ولاية عليهم بحسب القانون , فالطفل يعرف اباه الذي احسن رعايته وتربيته ,وليس اباه البايولجي كما في حالة سكان حلايب مع السودان, وهذه مشكلة ينبغي ان تحتاط لها الحكومة قبل الدفع بخيار التحكيم الدولي,فأستعادة حلايب تبدأ بخطوات أهمها استمالة المواطن في حلايب.
الأستخفاف من النظام المصري بفحوي الخطاب الصادر من الحكومة السودانية للنظر في أزمة حلايب ,شئ طبيعي ,لأن الانظمة السودانية لا تتعامل بندية مع نظيراتها المصرية ,بل تعتبرها دولة أعظم وارفع مكانة, وخاصة الانظمة البوليسية في السودان سبب اساسي في ذهاب حلايب ,بما قدمته من تهاون , مما اعطي انطباعا للمصريين انهم فعلا أفضل من السودان , ولذا يتعامل المصريين معنا (بفوقية ), فقد كانت الطامة الاولي في عهد الجنرال (عبود)التي اقتطعت جزءا من اراضي وادي حلفا لصالح بناء السد العالي بمقابل مالي زهيد, هذا الموقف النبيل الذي لولاه لكانت معاناة الشعب المصري حول ازمة المياه مستمرة الي اليوم , كان افتراضا ان لا تنساه الانظمة المصرية المتعاقبة, بل تسعي لأن ترد التحية بأحسن منها , ولكنهم مع كل هذا يطمعون في المزيد,لدرجة رفضهم حتي مجرد مبدأ التفاوض حول ازمة (حلايب ), فقد وضح ان الانظمة المصرية لا يجدي معها الا اسلوب التعامل بالحزم والشدة , مثلما ما فعلت معها اثيوبيا بشأن سد النهضة, وعلي غرار ما فعله بهم الجنرال(عبدالله خليل) فالزعيم (جمال عبد الناصر) والمسؤليين المصريين تملكهم الاحباط عندما اعلن الاستقلال من داخل البرلمان و(تفركشت) احلام الوحدة مع مصر, ففي العام 1957 , ونتيجة لأستقلال السودان ارسل الزعيم (عبد الناصر) الجيوش المصرية الي (حلايب) كرد فعل من موقف الاستقلال, ووضع العلم المصري علي (حلايب), وكان يمكن ان تصبح (حلايب) منذ ذاك الوقت جزء من مصر, الا ان رئيس الوزراء السوداني وقتها الجنرال (عبدالله خليل) تعامل بحزم و ارسل الجيوش للدفاع عن تراب الوطن ,وقد كسب بذاك الموقف تعاطفا واسعا من كل فئات الشعوب السودانية التي دعمته معنويا وبالتالي لم يكن اما الزعيم جمال عبد الناصر الا الانسحاب حرصا علي مصالحه.
كانت الطامة الثانية في عهد الجنرال (النميري) الذي يبدو انه لم يتعلم من التجارب أن المصريين لا يحفظون الجميل,ولا يدري انهم يخططون سرا للأستيلاء علي حلايب, فقد سمح للسلطات المصرية ببناء قاعدة عسكرية في المنطقة لمراقبة البحر الاحمر ,وبالمقابل هل كان يوافق النظام مصري علي السماح لنظيره السوداني ببناء قاعدة عسكرية في اراضيه ....؟ فهذه المسألة ايضا رسخت في ذهن المصريين أن السودان من السهل تطويعه ....! ومرت الايام الي ان جاء عهد الانقاذ و اذدادت فيه الامور سوءا, و الاكثر ادهاشا ان الدولة السودانية لم تكن ضعيفة بهذا الشكل في الاعتراض علي الاطماع المصرية كما يحدث في عهد الجبهة الاسلامية, و ظهر النزاع مرة اخري الي السطح في العام 1992 عندما اعترضت مصر علي اعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية....! وقامت الشركة بالانسحاب الي ان تحل المشكلة , ولكن العلاقات تأزمت فعليا اثر تعرض الرئيس المصري لحادثة اغتيال في (اديس ابابا) اتهم فيها النظام السوداني, فتوترت العلاقات ووصلت حد التصعيد , الي ان اصبحت السيطرة للحكومة المصرية ....! الي ان جاء العام 2009 حينما اعلنت مفوضية الانتخابات في السودان بأن (حلايب )ارض سودانية وان الانتخابات القادمة 2010 ستجري هناك نتيجة لاحتجاجات مؤتمر البجا الذي وعد جماهيره في شرق السودان بذلك ,ولكن لم تنفذ الحكومة السودانية شيئا مما قالته , علما أن أخر انتخابات اجريت في المنطقة في حقبة الديمقراطية الثالثة 1986
ولكن ما الذي يجعل نظام الانقاذ بهذه السلبية , في مقابل التغول المصري علي حقوق الشعوب السودانية المغلوب علي أمرها ,علي نحو لم نشهده من قبل الأنظمة السابقة ,واحتقار مواطنيها منذ ان احتلت حلايب بغير وجه حق....؟ ام ان كل هذه الارتال من القوات النظامية اعدت لارهاب طلاب الجامعات, وعلي قمع الشعب الغلبان حين يحتج علي زيادة الوقود وزيادة السلع الاستهلاكية , وقد أشار الكثير من المحللين بأن موقف الحكومة السودانية الضعيف امام الحكومة المصرية سببه الاتهام بالضلوع في محاولة اغتيال الرئيس المصري الاسبق ( حسني مبارك) , ولكن في رأيي لا اعتقد ان هذا الموقف وحده يقضي بكل تلك التنازلات, فهناك اسباب أخري , فالاتهام بالاغتيال مثل اتهامات كثيرة اكثر (توثيقا) نفتها حكومة الانقاذ , يمكن أن تكذبه مثلما كذبت كل ما ارتكبته من مأسي بحق دارفور....؟
خنوع السودان لمصر ,كما أشرنا هو ما يدفع المصريين للأستخفاف والاستهانة بالسودان ومواطنيه ,واكبر دليل ما تسمي بأتفاقية الحريات الأربعة التي يشوبها كثير من الاجحاف بحق السودان, تحتاج الي مقال كامل لشرح نقاط ضعفها واجحافها بحق السودان , وما يدهش ان الحكومة السودانية هي ما طالبت بها ,وليس المصرية كما يروج لها النظام السوداني ....! كسبا لود المصريين ...! وهذا ما لا يعرفه الكثيرون , ولكن كيف يرضي النظام السوداني بأتفاقية مجحفة بحق شعبه لولا انه الخنوع لدولة لا تعرف قدر نفسها ...! وأستشهد بما خطه الاعلامي( هاني رسلان )في هذا الامر في مقال له عقب نشوء الازمة قبل الاخيرة بين البلدين ,اثر سجن وتعذيب بعض السودانيين بمصر,بعنوان الازمة المصطنعة يقول "أما اتفاقية الحريات الأربع فإن الإخوة فى السودان يتناسون، أنه قد تم توقيعها فى عام 2004، بطلب عاجل من الحكومة السودانيه، إذ كان ذلك لاستباق التوقيع على نيفاشا فى 2005، وذلك لأسباب سياسية تخص الحكومة السودانية, يمكن تناولها بالتفصيل فى مكان آخر، وقد جاءت الاتفافية فى أعقاب عقد التسعينيات وما شهده من أعمال إرهاب ضد مصر كانت تحتضنها وتمولها السلطة السودانية, ولأن أى دعوة لتقارب مصرى سودانى لا يمكن ردها فقد رحبت مصر بالاتفاقية, وأوضحت أنها لا تستطيع إلغاء التأشيرات لأسباب تتعلق بضبط الأوضاع الأمنية داخل مصر، والحد من تسلل بعض العناصر ذات الصلة. وقد وافقت الحكومة السودانية على ذلك وأعلنت مرارًا وتكرارًا تفهمها له عبر كل المسئولين السودانيين بما فى ذلك الرئيس البشير نفسه. أما إذا كانت حكومة السودان ترغب فى مراجعة الاتفاقية فيجب على مصر أن تستجيب لذلك، ويا دار ما دخلك شر.. ولا أى حد يكون زعلان، لأن قضايا التعاون والصالح المشترك تعتمد على طرفى العلاقة وليس على طرف واحد." ووفقا لهذه العلاقة غير المتكافئة بين الدولتين من الصعب ان تستجيب (مصر) لنداءات الدولة السودانية بخصوص أزمة المنطقة المتنازع عليها.
لكن عموما في ظل هذه الظروف, يظل تعنت الجانب المصري منطقيا وفقا لما خططوا له ,فالدولة المصرية تعول علي انجازاتها بالمنطقة التي أستهدفت استمالة المواطنين في حلايب لصالحها ,وهذه هي النقطة الأهم بحسب رأيي الشخصي, لا يوجد امام السودان من حلول سوي التعامل بندية والضغط بكرت مياه النيل لأرهاب المصريين, أو أن تذهب بالدفع بالنزاع حول المنطقة الي المحكمة الدولية لحسم النزاع ,ولكنها قد تكون خطوة غير متوقع نجاحها بنسبة 20% لما ذكرناه مسبقا من معطيات , بخصوص مسألة النزاعات الحدودية في افريقيا , بأعتبار أنها متعمدة من الدول المستعمرة تهدف الي استمرار النزاعات بهدف استنزاف القارة الافريقية من قبل الدول الكبري, اما مسألة( طابا) التي يعول عليها النظام السوداني كما استشهد بها من قبل , فهي لا يمكن قياسها بحلايب , لان الارض المتنازع عليها تقع بين قارتين ,يسهل الفصل فيها , أضافة الي أن سكانها متمسكين بمصريتهم ليس كما يحدث بشأن حلايب التي يريد الكثير من مواطنيها الانضمام لمصر بحسب ما أشرنا , وقد تستصحب المحمكة الدولية بأراء الادارات الأهلية وبعض مواطني حلايب فلا اعتقد أن رأيهم سيكون في صالح السودان في ظل هذه الظروف التي يعاني فيها انسان حلايب من ظلم الحكومة المركزية , فهل الحكومة السودانية جاهزة لسيناريوهات المحكمة الدولية تحوطا لكل النتائج.....؟ خاصة خيار الاستفتاء....! هل عمل له نظام الانقاذ.....!فالمواطن في الشرق يعيش حياة قاسية ,قست عليه الطبيعة والحكومة المركزية ,ويعاني في اكله وشربه ,اضافة لخدمات الصحة والتعليم, فالمدارس في الارياف لا احد يهتم بها ونتائج امتحانات شهادتي الاساس والثانوي لهي مأساة حقيقية ,ويعاني أنسان الشرق عموما من اجل ان يعيش حياة كريمة خاصة في مناطق جنوب طوكر , فما تعرض له مواطن حلايب من تهميش من الحكومة المركزية سيدفع مواطنه الي اختيار مصر التي احسنت وفادته , وهذه مشكلة ينبغي ان تحتاط لها الحكومة قبل الدفع بخيار التحكيم الدولي, واولي خطوات استعادة حلايب تبدأ بالاهتمام باهالي المنطقة , علي نحو يشعرهم انهم فعلا مواطنون سودانيون, يحق لهم أن يعيشوا حياة كريمة في كنف دولة تهتم بهم فعلا لاقولا , فمن التعجب ان الانقاذيين يتمسكون بسودانية حلايب ضجيجا علي وسائل الاعلام , ولكن علي ارض الواقع صفر....! يجب ان لا نلومهم اذا طالبوا بالانضمام الي مصر , أو اذا صوتوا لخيار الوحدة مع مصر, لاننا لم نقدم لهم شيئا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.