في اليوم الأول من عام 2010 وأثناء استماعي لنشرة أخبار بي بي سي الناطقة بالإنجليزية ورد خبر غاية في الغرابة ، الخبر مفاده اختراع واستخدام جهاز جديد يقوم بفحص كل المسافرين بغض النظر عن جنسيتهم وجنسهم فحصاً إلكترونياً دقيقاً ويُظهر الجسم البشري عارياً تماماً وذلك بغرض اكتشاف أي متفجرات مزروعة في أجسام الركاب ، ومن ثم نقل التلفزيون البريطاني صوراً حية مفصلة لكيفية عمل الجهاز قليل الأدب وكيفية قيامه بخرق أخص خصوصيات الإنسان ونشرها على شاشات المراقبة الأمنية ، ويأتي هكذا اختراع في سياق تشديد الإجراءات الأمنية إثر محاولة الارهابي النيجري عبد المطلب تفجير طائرة ركاب أمريكية عشية أعياد الميلاد! من المؤكد أن الكشف عن عورات المسافرين بحجة مكافحة الإرهاب هو أحدث موضة أمنية في عام 2010 وهو أمر مثير للجدل بكل تأكيد، فالمؤيدون قد يقولون بأعلى صوت إن هكذا إجراء قد يكون السبيل الوحيد الذي يمكن السلطات الأمنية في المطارات العالمية من اكتشاف الأجسام البشرية المفخخة قبل صعود أصحابها إلى الطائرات المدنية المستهدفة ولكن المعترضين قد يردون بالقول إن هكذا إجراء يشكل إنتهاكاً فاضحاً للخصوصيات الإنسانية وللحريات البشرية وأنه من الممكن اختراع أو استخدام أجهزة أخرى مؤدبة نسبياً وليست قليلة الأدب بهذا الشكل من أجل ضمان سلامة الطائرات المدنية وركابها! ومن الملاحظ أن المفتين في العالم الإسلامي لم يشرفونا حتى الآن بإصدار أي فتاوى حول هذا الإجراء المريب وإن كان من المتوقع صدور فتوى معارضة تؤكد أنه حرام وأخرى مؤيدة تؤكد أنه حلال وثالثة تمسك العصاة من المنتصف وتفيد بأنه مكروه ولكن الضرورات تبيح المحظورات! وغني عن القول إن استمرار محاولات ارتكاب العمليات الإرهابية الناجحة أو الفاشلة من جهة وتشديد الإجراءات الأمنية من جهة أخرى لإحباط تلك العمليات سيؤدي حتماً إلى المزيد من التعدى على الحريات الفردية بحجة حماية الصالح العام ، كذلك من المؤكد أن عام 2010 سيدشن عصر الخطوط الجوية العارية إذا تم تعميم استخدام هذا الاختراع في كافة مطارات العالم الأخرى وعندها سوف يضطر المسافرون جواً إلى الخضوع لإجراءات الفحص العاري ويضربون بعرض الحائط أي تحفظات أو اعتراضات أو احتجاجات حول شرعية أو عدم شرعية ذلك الإجراء أو إمكانية استغلال الصور البشرية العارية لأغراض غير أمنية ولسان حالهم يقول "لئن تصل إلى وجهتك عارياً وسالماً أفضل في كل الأحوال من ألا تصل إليها مطلقاً وأنت بكامل ملابسك الرسمية! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر