الدفاع المدني يدشن حملة مكافحة نواقل الأمراض وإصحاح البيئة بمحلية جبل اولياء    عثمان ميرغني يكتب: فيضانات السودان وسؤال «سد النهضة»!    خبر صادم..مقتل حكم قومي شهير في السودان    اعتقال جديد في السودان    التربية والتعليم في الخرطوم تصدر قرارًا مثيرًا    المطلوب الان الوقوف بقوة مع القوات المسلحة لكسر شوكة التمرد    تكوين لجنة المسابقات باتحاد كرة القدم السوداني    المريخ يختتم إعداده اليوم    كواسي أبياه يستدعي خماسي المريخ    هل كانت ثورة ملونة ام كانت وهم الواهمين؟    هل سبق لسلك اتهام كيكل بالإجرام قبل أن يهجر المليشيا؟    المريخ يؤدي مرانه الرئيسي على مسرح المواجهة واستقبال خاص للثنائي    رحلة جبريل إبراهيم من الفشل إلى التحايل والتحليل    هل يكون الموسم الحالي الأسوأ في مسيرة صلاح مع ليفربول؟    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    كيف تم تحديد التكلفة التي ذكر رئيس الوزراء أنها تبلغ 100 مليار دولار؟    جابر يؤكد دعم الحكومة للقطاع الصناعي لإحداث التنمية الاقتصادية المنشودة    انهيار الجسر الطائر بجامعة الخرطوم إثر اصطدام شاحنة    تم نقله من العناية المركزة.. تعرف على تفاصيل الحالة الصحية للفنان علي كايرو بعد أن تدهورت وتم حجزه في إحدى مستشفيات أوغندا !!    بالفيديو.. هل كان يصور الجلسة بهاتفه؟ خالد الإعيسر يكشف حقيقة الصورة التي عرضته لسخرية واسعة خلال جلسة الأمم المتحدة (كنت اتأكد من التلفزيون القومي وسونا)    مباراة المريخ ولوبوبو غير متلفزة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    بالصورة.. مصرع القائد الميداني بمليشيا الدعم السريع "حنفي" إبن خالة "حميدتي" إثر قصف جوي بمنطقة "عنكوش"    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة حسناء تحكي قصة ذكاء سيدة سودانية وحكمتها في التعامل مع زوجها بعد أن علمت بزواجه من سيدة أخرى في السر دون أن يخبرها    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يعود للهجوم على المطرب محمد بشير والناشطة ماما كوكي: (حمادة صوته نسائي وشبيه بصوت ندى القلعة و"ماما كاكا" خرابة بيوت وتريد أن تصيبني بالجنون)    ترامب يوقع أمرا يعتبر فيه أي هجوم على أراضي قطر تهديدا لأمن الولايات المتحدة    20 بص من المريخ لجمهور الأحمر بينغازي    كامل إدريس .. زيارتي الي السعودية ناجحة وقدمنا مشروعات استثمارية بقيمة 100 مليار دولار أمريكي    شاهد بالفيديو.. عروس سودانية تشكو: (راجلي كان مبسوط و"ينطط" في الصالة ليلة الفرح وعندما ذهبنا للشقة طلع "تمبرلي" و "عوير")    أسرة الفنان الراحل محمود عبد العزيز تصدر بياناً ترد فيه على تصريحات "ريحان سيكة" التي تسببت في غضب الآلاف: (لا يمت لنا بصلة ولا يمثل جمهور الحوت بأي شكل من الأشكال)    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الإعلامية السودانية "لنا مهدي" تشارك ب"كورونامايسين" في معرض الرياض الدولي للكتاب    "يوتيوب" يدفع لترامب 24.5 مليون دولار    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    بمكالمة من واشنطن.. نتنياهو يعرب عن أسفه لانتهاك سيادة قطر    بريطانيا تتجه لتشديد شروط منح الإقامة الدائمة للمهاجرين    منشور غامض لترامب بشأن "إنجازات عظيمة" في الشرق الأوسط    القبض على 3 أصحاب مخابز استولوا على أموال الدعم    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    والي نهر النيل يطلع على ترتيبات دخول خمسة آلاف فدان للموسم الشتوي في محلية البحيرة    الطاهر ساتي يكتب: حمى الصراع ..(2)    الرواية... الفن والدور السياسي    شرحبيل أحمد... ملك الجاز السوداني الذي حوّل الجيتار إلى جواز سفر موسيقي    تلاعب أوكراني بملف القمح.. وعود علنية بتوسيع تصديره لأفريقيا.. وقرارات سريّة بإيقاف التصدير    بعد تسجيل حالات..السلطات الصحية في الشمالية تطلق صافرة الإنذار    إغلاق مقر أمانة حكومة جنوب دارفور بنيالا بعد غارات جوية    حسين خوجلي يكتب: بعد جرح الدوحة أليس من حقنا أن نتسائل أين اليمين العربي؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولة لفهم ما يحدث (4): العصيان المدنيي السوداني والعالم ... بقلم: عمرو محمد عباس محجوب
نشر في سودانيل يوم 22 - 12 - 2016

في أحدى القروبات في الواتس اب كتب أحد الامريكان السودانيين، أنه وبعد أن شرح ما يجري في السودان لصديقة أمريكية ناشطة، فاجئته بالقول: هذا ما نحتاج اليه، عدم إطاعة ترامب!. في المقالة الأولى من هذه السلسلة طرحت أن هناك ثلاثة أسئلة تدور في الذهن وأولها الوضع العالمي والذي حدثت فيه تغيرات كبرى ننتظر تبينها في قادم الايام. هذا المقال سوف يتناول كيف يتم التفاعل عالمياً مع العصيان المدني السوداني.
النظام والعالم
منذ بداياته حرص النظام على صورته العالمية، تم انشاء آله إعلامية ضخمة ومتعددة من ضمنها تأميم كل الصحف، وكانت قبلها قد أرسلت أبنائها للخارج لدراسة الاعلام ولاجهزة الاستخبارات للتدريب على الاختراقات وسبل الدعاية. كان النظام عملياً موجوداً في الاعلام وتكثيف التصريحات والاقوال النارية لمتنفذيه. ومنذ اوائل العهد في تأييد العراق، إعتمدت خط التجمعات "الجماهيرية" من أجل المنظر. رغم سيطرتها على العدد الاكبر من وسائل الاعلام والنشر، لكنها مهما أعطت من مساحات محسوبة لحرية التعبير، لم تتهاون قط في المنع، المصادرة والاغلاق للصحف المستقلة، التجمعات المخالفة مهما كان غرضها، تفكيك منظمات المجتمع المدني ومحاصرتها ومحاكمتها وآخيراً إيقاف قناة امدرمان!.
على الصعيد المحلي كانت اللقاءات الجماهيرية والاحتفالات هي مكان وجوده الثاني. وقد خلقت جهازاً ضخماً ومدرباً لحشد "الجماهير" وتكبيرها في أي مناسبة مهما صغرت وعلى كل المستويات. كانت هذه اللقاءات الحاشدة، النافذة التي جعل النظام العالم يطل منها عليها. لذلك عندما فشل التحشيد في الساحة الخضراء، تم الاسراع إلى كسلا، ودمدني، والمناقل، الدبة، دنقلا وهكذا. أصبح نجاح هذه اللقاءات هو معيار التنافس في إثبات تمتع النظام ببعض التأييد. ومن فضائية وحيدة في التسعينات، فقدت هذه الوسيلة أثرها مع انفجار الفضائيات ووسائل التواصل.
لم يهتم النظام بمقاطعة "الشعب" للإنتخابات فقد كانت بدون أي رقابة خارجية سوى جهاز نظام عربي (الجامعة العربية) هو نفسه عاجز، والاتحاد الافريقي وهي مكونة من دول ليست أفضل حالاً ديمقراطياً. فشل آلة النظام التحشيدية في الانتخابات كان شيئاً غير مهم فهي لاتحتاج لشرعية، أما العصيان فقد كان امتحاناً حقيقياً لصورة النظام لدي العالم المتربص (جنائياً، عقوبات، ارهاب، حروب شرسة والقائمة تطول). استنفر النظام كل قواه الباقية في افتعال حركة الشارع يوم 19 ديسمبر، مع التركيز على العاصمة. لكن في الجانب الثاني توسع العصيان لمدن لم تكن عادة تشارك.
لأن النظام نفسه هو جزء من نموذج قديم يتداعى، تعتمد على السلطات التنفيذية في تواجدها في الاعلام واللقاءات الجماهيرية، فوصلت بها لحدها الأقصى. وكأي نموذج قديم فقد فقدت الخيال والمبادرة وأمكانية إضافة أي ابداعات إلا في حدود قليلة. واصل الاعلام إنكار الحقائق في عصر "المواطن الصحفي"، كاميرات الموبايلات، الساحات المفتوحة في الفضاءات والاسافير. وأنتشر مؤيديها في المحطات الفضائية يتوسلون بديماجوجية الانكار، الصوت العالي والاتهامات، في وجه تعليقات اللحظة في التويتروالواتس والفيسبوك. هجرت صحفها، وتوقف الناس عن متابعة تلفزيوناتها وأصبحت أخبارها تنقل بواسطة "المواطن الصحفي" من وجهات نظر مغايرة تماماً.
الموقف الامريكي
عام 2012 اصدر جون يونق كتاب " مصير السودان: أصول وعواقب عملية سلام معيبة" وهو ترجمة لعنوان الكتاب " John Young: the fate of Sudan: origns and consequences of a flawed peace proce, Zed books, London, 2012 )). عاش مؤلف الكتاب جون يونق في منطقة القرن الأفريقي وتنقل بين دولها منذ العام 1986 حيث عمل باحثاً وكان أحد مراقبي عملية السلام في السودان ومستشاراً سياسياً لدى مركز كارتر خلال فترتي الأنتخابات وأستفتاء الجنوب على حق تقرير المصير. في هذا الكتاب يتابع يونق التدخلات الدولية وبنائها على نموذج أساسة النظري ضعيف وملفق ولم يؤدي لحلول جذرية.
الموقف الامريكي هو في الحقيقة موقف الغرب باكمله، سواء الترويكا، أصدقاء الإيقاد أو الاتحاد الأفريقي. ومرت العلاقات الامريكية السودانية عبر أربع رؤساء بمواقف مختلفة لاتختلف في أساسها. الثورات العربية غيرت من العلاقة قليلاً، بتوجه أمريكي لأحلال الاسلام السياسي على المشهد السياسي. في هذا كان للنظام دور في علاقاته مع كل هذه المجموعات وإمكانية أن يلعب دوراً في تحقيق تفاهمات. أنتهت هذه الاحلام التي رعتها كلينتون في 30 يونيو 2013م.
عند نجاح ترامب ورغم حسرتهم على صديقتهم كلينتون، تنفس الرؤساء العرب الصعداء، بوصول "رجل أعمال" للبيت الأبيض. وعبر النظام بهذا الاطمئنان في تصريحات رسمية. لكنه في سؤال في ولاية نبراسكا حول انسحاب دول أفريقية من محكمة الجنايات الدولية، جاء جوابه صاعقاً "الأفارقة هم العبيد الذين يعيشون كالعبيد في أرضهم ولكنهم يدعون أنهم مستقلون". ""إنه أمر مخز للقادة الأفارقة طلب الخروج من المحكمة. في رأيي، هذه القيادات تريد أن يكون لها كل الحرية لقمع شعوبها الفقراء دون أي سؤال. أعتقد لا يوجد طريق مختصر إلى النضج ومن وجهة نظري، أفريقيا يجب أن يعاد استعمارها لمدة مائة عام. انظروا كيف يغير هؤلاء القادة الأفارقة الدساتير في صالحهم بحيث يمكن أن يكون رئيساً مدى الحياة. الشيء الوحيد الذي يرغبون فيه تراكم الثروة من دافعي الضرائب الفقراء".
عبر فترتي بوش الابن واوباما ظل الموقف الأمريكي، وبالتالي الغربي ثابتاً رافضاً لأي تغيير سياسي في السودان لايتم إلا عبر ترتيباته. حُصِرت هذه الترتيبات في أجراء إصلاحات ومصالحات تقود لتغيير سياسي متحكم فيه. "نحن (إدارة أوباما) لا تريد أن نرى الإطاحة بنظام الخرطوم، ولا تغيير النظام. نريد أن نرى النظام يقوم بتنفيذ الإصلاح عبر الإجراءات الديمقراطية الدستورية". من الصعب التكهن بما سوف يحدث، فقد تستمر في نفس النمط أو تطرح الإدارة الامريكية الجديدة إستراتيجية جديدة. كما قد يحدث تغيير عبر السيناريوهات التي يتم تداولها ويجد الغرب نفسه أمام ظروف جديدة تماماً.
عبرت الخارجية الأمريكية في بيان، نشر الجمعة 16 ديسمبر 2016م، عن قلق واشنطن من تهديدات الحكومة السودانية، وقمع وسائل الإعلام رداً على دعوات المجتمع المدني السوداني لعصيان مدني، وطالبت الخرطوم باتخاذ الخطوات اللازمة لتمكين المواطنين من ممارسة حقهم في حرية التعبير. وصف المتحدث باسم الخارجية السودانية، البيان الأمريكي، أنه تعوزه الدقة والموضوعية وبعيد تماماً عن الأجواء الإيجابية التي تشهدها الساحة السودانية، والتي تتهيأ لتنزيل توصيات ومخرجات الحوار الوطني والمجتمعي على أرض الواقع، توسيعا لدائرة المشاركة على طريق التبادل السلمي للسلطة وتحقيق التنمية المستدامة. وأضاف أن دستور البلاد يكفل حرية التنظيم والنشر والتعبير وفقا للقوانين السارية.
مع كتاب آخرين كتبوا حول الحدث، كان أريك ريفز (كتب إريك ريفز عن السودان وعلى نطاق واسع على مدى عقدين تقريباً. وهو زميل أول في مركز باغنود فرانسوا كزافييه جامعة هارفارد للصحة وحقوق الإنسان)، أكثرهم تأثيراً وجراءة. كتب العديد من المقالات، جاء مقاله الاخير في واشنطن بوست الأمريكية يوم 16 ديسمبر 2016 محذراً امريكا أن السودان ينفجر، وأنه ليس لحظة للتقارب مع النظام. "هذا الاثنين 19 ديسمبر، والذي سيكون يوم العصيان المدني الشامل في جميع أنحاء السودان. انفجر الهاشتاج من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية في طريقة لم أراها طوال 18 عاماً من البحث الدائم عن السودان والحروب والأزمات المتعددة لها... هذا الهاشتاج يعطي كل علامات على اللحظة التي سنرى الخطوط العريضة لربيع عربي سوداني".
العالم وشباب العصيان
رغم إهتمام الشباب بالعالم، لكنهم غالب اهتمامهم كان، منذ قيام قرفنا، محاولة الفكاك من التابوهات الغربية، وإستعادة مصير وطنهم في أيديهم. ومع تطوير قرفنا أسلوب العمل بالتواصل المباشر مع "الموطن" المستقل والحر في قبول، تعديل أو رفض فكرة ما، الجدال حولها والوصول لتوافق مع بعضهم والشروع في التنفيذ. والتي أسميتها "أثينا جديدة" و"البرلمان العام". حدث تغير مذهل في التعامل مع العالم.
من التدويل لأباطهم والنجم
كان العالم الخارجي جزءاً من اهتمامات النموذج القديم، بأعتباره المرجعية الأساسية في الحل المرتقب سواء "الحوار" او "الهبوط الناعم". لهذا الغرض وجدت المكاتب الممثلة للحركات المسلحة، التكوينات التنظيمية للأحزاب والتجمعات المختلفة "الاجماع الوطني، نداء السودان الجبهة الثورية وغيرها". كانت العادة التواجد في شكل بيانات توجه للعالم، اللقاءات المتلفزة، نداءات لمنظمات الامم المتحدة وجمعيات حقوق الانسان وغيرها. كانت هذه أسلحة ماضية في الصراع وقامت بدورها الكبير، لكن كان قد حان الوقت لكي يتقدم نوع جديد.
لم تشغل قوى العصيان المدني نفسها بهذه ولم توجه اهتمامها له. بدلاً من التدثر بغطاء التدويل، كان أباطها والنجم تتدثر بغطاء كثيف من "الناس". لم يكن هذا تجاهلاً للعالم الخارجي، لكن لتطور الوعي الشديد، تم إعتبار أن هذا العالم جزء من المشكلة ولابد من اخراجه من دائرة قيادة المواقف. سوف يوفر إستعمالهم الوسائط الاجتماعية كأبناء للقرن الحادي والعشرين، الاستفادة من كل خصائصها وإمكانياتها. وبديلاً من المكاتب والنشرات – وهي مفيدة- والنداءات، إستطاعت حركة العصيان المدني أن تحشد خلفها آلاف المؤيدين من سوداني الشتات، الذين تطوعوا وعملوا لصالحها، نفذوا وقفات في أغلب عواصم العالم الذين يتواجدون فيها، ونشروا اخبارها في كافة المواقع (لندن، ادمنتون، أوتاوا – كندا، دنفر كلورادو، دالاس تكساس، نيويورك، لاهاي – هولندا:، بروكسل – بلجيكا، ااستوكهولم – السويد، باريس وغيرها).
الهاشتاق
من ضمن هذه الانشطة كان إستعمال "الهاشتاق"، وهو عبارة عن الرمز او علامة (#) توضع قبل كلمة معينة يتم استخدمها من قبل المتصفحين في مواقع التواصل الاجتماعي. فكرة الهاشتاق، أدخلها تويتر وبعدها قرر موقع الفيس بوك ان يتيح الخاصية لمستخدمية. يستخدم الهاشتاق من اجل زيادة المشاركة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لكلمة معينة ومن هنا تصبح هذه الكلمة موضع نقاش مفتوح بين هؤلاء الاشخاص. تم إضافة هذه الميزة للوصول إلى أكبر قدر من الناس المهتمين بشيء واحد والتناقش حوله. ويتم استخدام الهاشتاق كأداة تحليلية لقياس التأثير في وسائل الإعلام الاجتماعية.
عمل كل مؤيدي العصيان المدني لإيصال صوتهم للعالم عن طريق تبني هاشتاق "العصيان المدني السوداني 19 ديسمبر" وكذلك باللغة الانجليزية، وفي حوالي يوم 17 ديسمبر 2016م، بلغ عدد الذين مروا على الهاشتاق حوالي عشرة ملايين، واحتلت المركز الأول في التردد عالمياً. جذب هذا أنظار مستخدمي هذه الوسائل، وبدأوا في التضامن مع الشعب السوداني من شباب من الدول العربية والاجنبية، كتاب ومثقفين وفنانين وغيرهم.
العصيان على الشاشات
منذ طرح العصيان المدني في شهر نوفمبر 2016م، وحتى التوصل لتحديد ايام (27-29 نوفمبر)، ومن ثم تنفيذه بنجاح، لم يأخذها النظام بجدية واستهان بها تماماً، مطمئناً على سيطرته الكاملة على كل ساحات الوطن. المعارضة بدورها أيدت العصيان لكنها لم تكن واثقة من نجاحه، لكنها دعت مؤيديها للعصيان. حتى الذين دعوا للعصيان لم يكونوا على ثقة بما سيحدث أما العالم فلم يكن قد سمع عنها ومشغولاً بأحداث حلب. فوجيء الجميع بنجاح العصيان، وأولهم النظام والوكالات الدولية التي سارعت بتغطية واسعة للحدث.
كانت كل المحطات التلفزيونية العالمية متحفظة في نقلها، وحاولت أن تقوم بواجبها في نقل الأحداث فقط لا تحليلها كما تفعل في العادة، وفي ذهنهم جميعاً السقطة الاعلامية التي حدثت مع الانتخابات الامريكية وتوجهها بدون دراسة كافية في التنبؤ بفوز كلينتون. فشلت عموماً في إجتذاب متحدثين من القادة الحقيقين للعصيان المدني، فاستعانت جميعها باسماء من مخزنها القديم. وحدها البي بي سي العربية اندفعت في تأكيد نجاح العصيان المدني الأول، وأعطت نسب مئوية محددة (62.5 % في اليوم الأول). لكن في العصيان المدني الأخير (19 ديسمبر 2016م) تراجعت تماماً لموقف معاكس، وجزمت بفشله من الساعات الأولى. حتى عندما اعلنت عن لقاء السيد الصادق المهدي في برنامجها الشهير "نقطة نظام"، أعطته دقائق قليلة، وكرس المذيع باقي الساعة في إثبات الفشل. بلعت البي بي سي العربية بسذاجة طُعَمَ الترتيبات الامنية لشوارع العاصمة وساندت موقفه.
ربما شعرت البي بي سي العربية بتناقض مواقفها في الموقفين، وتراجع مصداقيتها وسط اوساط الشعب السوداني، فقامت بتغطية أخرى مريعة. لقد وقعت في الفخ مرة أخرى. كغيرها، لاتملك المحطة الشهيرة معرفة بالمحركين الحقيقين للعصيان، وتتناول الاحداث كما تراها وليس كما يحدث واقعياً. لتلافي هذا العيب بدأت بنشر حاجتها عن متحدثين معبرين عن قادة العصيان في المواقع، وعندما لم تجد إستجابة واضحة استضافت من تشاء وليس الملائم. وللمؤائمة فقد حشدت من جانب النظام شخصيات هامشية وضعيفة سياسياً.
يمكن الرجوع للمقالات الكاملة في موقع سودانايل (sudanile.com)
محاولة لفهم ما يحدث: ضمور نموذج وظهور نموذج.
محاولة لفهم ما يحدث (2): تغير الأسلوب: التواصل المباشر
محاولة لفهم ما يحدث (3): الوسائط الإجتماعية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.