ترى كم خنجرا طائشا يتربص في جنح النهار ؟ .. ينتظر مرور الغافلين .. الأبرياء من الناس الذين لم يشعروا بعد أن الأرض قد بدأت تتململ من تحت أقدامهم .. لا يعلمون أن الخرطوم لم تعد آمنة منذ ان استقر على أرضها جيشان غير الجيش النظامي .. أو لعلهم يعيشون خارج دائرة الحاضر واسقاطاته ... فالذي يخرج من بيته صباحا للعمل أو الدراسة .. يحمد الله اذا عاد الى بيته عصرا دون أن يصيبه مكروه .. من جراء حافلة مسرعة أو خنجر معتوه .. أو خنجر طائش يبحث عن متنفس . حادثة كلية الصحة والتي أعقبتها حادثة صحيفتا الرأي العام وحكايات .. كل ذي بصيرة كان ليدرك ان هاتان الحادثتان كانتا الشرارة الأولى لبداية الظاهرة ... ولم تكونا مجرد حوادث فردية .. وعندما لم تجد التعامل السريع والتقصي الدقيق وفق خطورتها وتداعياتها .. استفحلت وأسفرت عن وجهها القبيح والمريع ... في ثقافتنا السودانية ليس من السهل أبدا وصف حدث بالظاهرة .. الا اذا تجاوز كل الخطوط الحمراء .. وصارت كلمة ظاهرة أقل ما يوصف به ... عندها نجد أنفسنا مرغمين على وصفه على استحياء بالظاهرة .. هذا اذا لم نكابر ونصفه بالأحداث المعزولة .. اي أنها لم تصل مرحلة الظاهرة .. رغم سقوط العديد من الضحايا . تختلف الدوافع باختلاف حالة حامل الخنجر أو السكين .. فالدافع عاطفي في حادثة كلية الصحة ... ونفسي في حادثة صحيفة ( حكايات ).. الغضب و الطيش في حادثة داخلية الطلاب .. ولا ندري دوافع حادثة وزارة الصحة الأخيرة .. الأيام وحدها ستتكفل بذلك .. والتي نرجو ونأمل ان تكون الأخيرة .. فيكفي ما أحدثته تلك السكاكين الغادرة من هلع وارتباك لم يفت الآوان بعد لمحاصرة الظاهرة .. وكبح جماحها والقضاء عليها .. فقط اذا أجبنا على السؤال الجوهري .. ما الرسالة التي أرادت الخناجر الغادرة او المعتوهة ايصالها لنا ؟ اي ما الذي تريد أن تقوله ؟ ... يقيني أنها لن تخرج عن أحد ثلاث أسباب .. أو ثلاثتها مجتمعة .. الضائقة المعيشية – المشاكل الأسرية – اسقاطات التوترات السياسية ... كل ذلك يقود الى عدم الاستقرار .. الاجتماعي والنفسي .. لا سيما ضيق فرص العمل أو انعدامها .. وما يترتب عليه . الاحباط والعجز والاحساس بالظلم ... اذا اجتمعت في مواطن صار خنجرا يمشي بين الناس .. اذا عجز عن الاقتصاص من ظالمه .. اقتص من المجتمع .. سيئ الحظ من تلقي به الأقدار في طريقه .. وما حدث في وزارة الصحة خير برهان ... رفع الظلم .. واقامة العدل بين الناس .. وافشاء روح التسامح .. هو الطريق المعبد الوحيد لازالة الاحتقانات والغبن الذي طفح على سطح مجتمعنا ... فثورة البركان دوما ما تبدأ بغليان في قاعدته . منتصر محمدزكي [[email protected]]