دار المال الاسلامي - جدة ذهبت حبيبنا وصديقنا واخونا الذي لم تلده امنا ، ذهبت ليس في عجالة منك بل في غفلة منا ، ذهبت وفقدناك قبل ان نجتمع بك قبل ان نكلمك وتكلمنا ، قبل ان تقول لنا ونقول لك ، قبل ان تصافحنا ونصافحك ، قبل ان ترانا من بعد شوق ونراك من بعد لهف لرؤيتك – ذهبت قبل ان نقول سلاماً لتقول وداعاً ، ذهبت في لحظة مشرقة عليك وليلة حالكة علينا ، ذهبت وغبت عنا وبعدك غربت الشمس – غيب الله في مغرب تلك الجمعة شمسين – شمس يرتجى بعد الغروب طلوعها ، وشمس ثانية هي انت لن نراها الا في الأخرة ، فالله قد خلق للناس شمساً للضياء ومن الناس شموساً للقدوة والصفاء . ذهبت اخي يوسف قبل ان تكتب لنا سيرتك كتاباً مسطوراً - وانت صاحب القلم والبيان – ولكن شاء الله ان يجعل سيرتك كتاباً منظوراً لنقرأه بعدك كما نقرأ الكون . ذهبت قبل ان نقول لك يوسف ايها الصديق افتنا ليس في رؤية منامية ولا اضغاث احلام بل في يقظة ناظرة وصحوة باصرة ، افتنا في كيف تكون البداية كما النهاية ، كيف تكون السيرة من المهد الى اللحد ، كيف تكون المسيرة من صرخة الميلاد الى زفرة المعاد ، كيف تكون الحياة بين المنبع والمصب !! افتنا يا يوسف كيف يموت المرء منا في حلقة ذكر وسط روضة من رياض الجنة في الدنيا قبل ان يرتع فيها هناك – قل لنا يا يوسف كيف يعيش الانسان منا حياته في هدوء ويذهب في هدوء ، كيف يعيش في صمت هو ابلغ من كلام الناس ويموت في صمت دون ان يقول وداعاً. افتنا يا يوسف في كيف تكون القناعة في القسمة والزهد في النعمة والرضا في المكان والتأمل في الزمان ، كيف يكون التواضع في العلماء والإطراق في الاتقياء والاخلاص في الاوفياء والبساطة في الكبار ! كيف يكون المرء حاضرا بين الناس بشخصه غائبا عنهم بفكره ، ناظراً في حواضر عالم الكون سابحاً في حضرات عوالم المكون ، كيف يفر المرء من التشريف فيتبعه الشرف . لقد ترجل اليوم فارسك ايتها الخيول الصهباء ونزل عن ركابك ايتها الابل الودعاء وحق لك الا تكتمي ما في صدورك من صهيل عليه ورغاء . اذا كان اخي قد واراك قبر تحت الترب فإن ذكراك فوق الترب لن تتواري ، وان كان قد واراك تحت الأرض اديم فلك فوق الثريات حياة باقية ومكان. الله يعلم وروحك في برزخها ان كلماتي اقصر من قامتك واصغر من مقامك وقليلة في حقك لكنه الدين الذي لا بد من الإيفاء ببعضه فكلماتي فقيرة معسرة عاجلك الرحيل قبل ان تقول لها نظرة الى ميسرة . الآ رحمك الله يا يوسف ،،،، التجاني حافظ الربيع جدة 26 / فبراير / 2017م بواسطة د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.