عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هلاّ فكرنا في تاريخ الإسلام وآثاره في مجتمعنا السوداني القديم .. بقلم: أحمد الياس حسين
نشر في سودانيل يوم 26 - 03 - 2017

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
التوا صل الحضاري
تناولت بعض أوراق مؤتمر سنار عاصمة الثقافة الاسلامية - الذي بدأت التعقيب عليه في الحلقة المسابقة - سكان مملكة سنار وأوضاعهم الاجتماعية. ومن خلال تقديم الأوراق تبينت المعلومات القيمة التي تضمنتها. وقد لاحظت كما ورد في تقديم الأستاذة أماني الزين رحمة الله "الواقع الاجتماعي في عهد الدولة السنارة" وفي بعض الأوراق الأخرى تناول المجتمع السوداني من خلال التقسيم القبلي: السود وشبه السود والنوبة والبجة والعرب، والمجموعة الجعلية والمجموعة الجهنية. وتناول الدكتور محمد المهدي بشرى في ورقته الجيدة "إنسان سنار" التواصل الحضاري للانسان السوداني خلال فترات تاريخه المتتالية، وورد في تناوله لتلك الفترات "فترة الوثنية وفترة المسيحية وفترة الاسلام" وقد أثارت هذه الموضوعات بعض التساؤلت في ذهني أردت مشاركة القراء الكرام في التعقيب عليها. ونتناول أولاً موضوع التواصل الحضاري.
يمكن القول أن الحضارة الانسانية عبارة عن إرث تراكمي مع الزمن، فالبشرية الآن تعيش نتائج ذلك التراكم في تجدده وتطوره منذ فجر التاريخ. فعلى سبيل المثال الحروف الهجائية المعروفة عندنا الآن بالحورف العربية أ ، ب ... والانجليرية A و B بدأت مسيرتها من الحروف الفينيقية منذ نحو أربعة ألف سنة عبر الأرامييين والأنباط (في الاردن الحالية) إلى العبرية والعربية. وتطورت الحروف اليونانية من الفينيقية ثم أخد الرومان من اليونانيين وتطور ما هو معروف اليوم بالحروف الانجليزية. والأرقام المعروفة الآن بالأرقام العربية 1 ، 2 ، 3 وبالانجليزية 1. 2. 3 ليست أرقاماً عربية ولا أرقاماً انجليزية، هي في أصولها أرقام هندية طورها الخوارزمي (780 - 850 م) المعروف في الغرب باسم Algorismus فهي أرقام اسلامية انتشرت بانتشار الاسلام، وأصبحت (1 ، 2 ، 3) معروفة في المشرق الاسلامي وانتشرت (1. 2. 3) في المغرب الاسلامي والاندلس، ثم دخلت أوربا وعرفت عندهم بالارقام العربية، لكننا نعرفها باسم الأرقام الانجليزية. وكذلك أصول أسماء الأيام الحالية ووحدة الاسبوع ترجع إلى الحضارة البابلية، وهكذا تراكمات الحضارة الانسانية التي لا تتقيد بالدين أواللغة.
فالانسان السوداني الحالي بما يتمتع به من سمات متميزة وحميدة نتاج التراكم الحضاري المتواصل على تراب هذه الأرض منذ آلاف السنين. وليس من الانصاف حصر ذلك التراث المتراكم في فترات الوثنية والمسيحية والاسلام. فالوثن هو التمثال المتقرب إليه أيا كانت مادته المصنوع منها، والوثني هو الذي يعبد الوثن. فمن أدرانا أن كل سكان السودان في عصر دولة كوش (كرمة ونيتة ومروي) والتي كانت حدودها ممتدة على كل حدود السودان الحالية كانوا يعبدون الآلهة المعروفة لدينا في الآثارالآن مثل ابيداماك أو آمون؟ ثم هل أصبح كل سكان علوة ومقرة (السودان الآن) مسيحيين؟ وهل أصبح كلهم مسلمين؟ استخدام مثل هذه التعبيرات ذات الدلالات العامة تؤدي إلى تجاهل خصوصيات بعض السكان وطمس بعض التراث المحلي. هذا اولاَ، و
ثانياً- ورد عند ابن سليم الآسواني الذي كتب في القرن العاشر الميلادي أن بعض سكان مملكة علوة لم يكونوا وثنيين ولا مسيحسيين. وفيما يلي أنقل بالنص ما كتبه عن معتقدات بعض سكان السودان (في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية العربية ص 104):
" وقد رأيت جماعة وأجناساً ممن تقدّم ذكر أكثرهم يعترفون بالباري سبحانه وتعالى، ويتقرّبون إليه بالشمس والقمر والكواكب، ومنهم من لا يعرف الباري ويعبد الشمس والنار، ومنهم من يعبد كل ما استحسنه من شجرة أو بهيمة، وذكر أنه رأى رجلاً في مجلس عظيم المقرة سأله عن بلده؟ فقال: مسافته إلى النيل ثلاثة أهِلة، وسأله عن دينه؟ فقال: ربي وربك الله، وربُّ الملك، وربُّ الناس كلهم واحد، وإنه قال له: فأين يكون. قال: في السماء وحده، وقال: إنه إذا أبطأ عنهم المطر أو أصابهم الوباء، أو وقع بدوابهم آفة صعدوا الجبل، ودعوا الله، فيجابون للوقت وتقضى حاجتهم قبل أن ينزلوه، وسأله هل أرسل فيكم رسول. قال: لا، فذكر له بعثة موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وسلامه، وما أبدوا به من المعجزات، فقال: إذا كانوا فعلوا هذا، فقد صدقوا، ثم قال: قد صدّقتهم إن كانوا فعلوا."
فبعض أهل السودان كما وضح ابن سليم كانوا يعبدون الشمس والقمر وبعض مظاهر الطبيهة الأخرى ولا يعرفون الله سبحانه وتعالى. وبعضهم الآخر - كما وصفهم - يعرفون الباري سبحانه وتعالى ولكن يتقربون إلية بالشمس والقمر والكواكب. وكان مفهوم التوحيد واضحاً في إجابات الرجل الذي سأله ابن سليم عن دينه حيث قال: " ربي وربك الله، وربُّ الملك، وربُّ الناس كلهم واحد" كما اتضح من توكلهم على الله فيما يماثل إيمان المؤمنين اليوم.
ولعل النقطة المهمة تأتي في سؤال ابن سليم عن الرسل، فإجابة الرجل تتضمن ما يشير إلى معرفته بالرسل وبرسالاتهم، فقد وضح أنهم إن كانوا كما وصفهم ابن سليم "قد صقوا" ووضح إن كانوا كذلك فقد "صدقهم" أي آمن برسالتهم. وليس في كل ذلك ما يثير التساؤل أو الغرابة! فنحن نعرف ونفهم الدين والتدين بمفهومه الغربي
يرى الغربيون أن الانسان تصور في المراحل المبكرة من حياته وجود قوى خارقة غير معروفة لديه تسيطر على حياته، وبدأ بالتقرب إليها. ولما كانت تلك القوى متعددة المظاهر كالشمس والنار والعواصف فقد تعددت وسائل التقرب. ومع تطور ووسائل انتاج الطعام وتطور النظم الاجتماعية والسياسية تطور الفكر الديني حتى بلغ مرحلة التوحيد في العصور التاريخية المتأخرة. وحسب المفهوم الغربي فإن استمرارية التطور قد ألغت الحاجة إلى الدين ولم يعد الانسان في حاجة إلى قوى خارجية لمساعدته، فعقل الانسان قادر على الاجابة وعلى حل كل المسائل التي تواجهه، وإن كانت هنالك بعض الجوانب التي لازالت عصية على فهمه فسيفسرها العلم في تطوره المستمر، فلم تعد هنالك حاجة إلى الاله.
وما يهمنا من ذلك هو نظرة الغربيين لتطور الفكر الديني من مراحل بدائية متدرجاً إلى أن بلغ مرحلة التوحيد. ونحن المؤمنون بالرسالات السماوية وبعقيدة التوحيد مثل اليهود والنصارى والمسلمين نتبع هذه المعرفة والمنهج في دراستنا للتاريخ القديم وفي نظرتنا للتدين، رغم ان أتباع هذه الديانات الثلاث يؤمنون بأن الله خلق آدم، وبدأت به حياة الانسان على الآرض.
القرآن الكريم يخبرنا بأن الله سبحانه وتعالى هيأ آدم للحياة على الأرض وعلمه الأسماء كلها، وكان رسولاً يوحى إليه، وبالطبع كانت ديانته التوحيد. فديانة التوحيد في المفهوم الاسلامي - على عكس المفهوم الغربي - هي العقيدة التي بدأ بها الانسان مسيرته في الحياة على الأرض، ثم بدأ الانسان ينحرف عن عقيدة التوحيد ويشرك بالله، ويتقرب إلى مظاهر الطبيعة وعبادة الأوثان، فيرسل الله إليهم الرسل لكي يردوهم إلى عبادة التوحيد ويصصحوا معتقداتهم. فالتوحيد هو العقيدة التي أتى بها كل الرسل من عصرآدم عليه السلام إلى عصر محمد .
وتبدو عقيدة التوحيد في عدد من آيات القرآن الكريم بأنها دين الاسلام، فقد وُصِف كثير من الرسل بأنهم مسلمين. جاء عن نوح في سورة يونس أية رقم72 فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وجاء عن ابراهيم ويعقوب واسماعيل واسحاق في سورة البقرة: 127 - 133وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وجاء عن يوسف في سورة يوسف: 101 رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
وقال تعالى عن فرعون موسى في سورة يونس:90 وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وعن سحرة فرعون في سورة الأعراف: 126 وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وعن قوم لوط في سورة الزاريات: 36 فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وعن الملكة بلقيس وقومها جاء في سورة النمل: 29 - 44 قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وعن أهل الكتاب عامة جاء في سورة القصص: 28 وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وعن الحواريون في سورة آل عمران: 52 فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
فعقيدة التوحيد هي دين الاسلام، دين كل الرسل الذين بعثهم الله تعالى إلى أقوامهم، والمسلمون هم كل من آمن برسالة أولئك الرسل. ومن المعروف أن الله سبحانه وتعالى لم يتناول في القرآن الكريم ذكر كل الرسل بل تعرض للبعض الذين كانوا على صلة أو قريبين من مواطني الجزيرة العربية الذين خاطبهم القرآن الكريم. قال تعالى في سورة غافر: 78 وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ... وفي سورة الزخرف: 6  وكمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِين 
كما وضح الله سبحانه وتعالى أنه أرسل رسله لكل الأمم دون استثناء، وأنه لا يحاسب أمة لم سرسل إليها من يدعوها لدين التوحيد، دين الاسلام. جاء في سورة يونس: 47 وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وفي سورة افاطر: 24 إنا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ وفي سورة الرعد: 7 وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
ويخاطب لله سبحانه وتعالى الانس لجنوا بصورة عامة في سورة الأنعام: 130 قائلاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ... فالله سبحانه وتعالى لن يستثن أمة يوم الحساب. وقد جاء في سورة الأسراء: 15 وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
وقد ذكر ابن كثير (تفسير ابن كثير، بيروت: 1403، ج1 ص 585) رواية عن النبي  أن عدد الأنبياء"مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً"
عقيدة التوحيد انتشرت في العالم القديم قبل عصر ابراهيم وموسى واخناتون، ومظاهرها واضحة في الحضارت القديمة في المفاهيم عن خلق الكون وفي التعاليم المتواترة من العالم القديم مثل قوانين حمورابي "العين بالعين والسن بالسن" ووصايا بوذا. لماذا لا نقول مثلاً إن تمثال حمورابي أما الشمس يمثل العلم والمعرفة بدلاً من عبادة الشمس، ولم يقل بوذا لأتباعه اعبدوني كما ورد على لسان عيسى عليه السلام فيسورة المائدة: 116 - 117:
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
وبما أن السودان بلد ذو حضارة قديمة ومتطورة، وكان بلداً متسع الحدود (حدود مملكة كوش في حدود السودان الحالية) ومأهول بالسكان، يعد الجيوش بعشرات الألوف، تصل وتسيطر على مساحات واسعة من العالم القديم امتدت حتى غرب ىسيا. أمة بهذا القدر والوزن لابد وأن تكون بلغتها رسالة التوحيد، دين الاسلام. ولا بد وان يكون السودان قد عرف الرسل آلاف السنين قبل عصر مملكة علوة التي وضح أحد مواطنيها أن موسى وعيسى ومحمد أن كانوا أتوا بتلك المعجزات فقد صدق نبواتهم. فهلا فكرنا وتأملنا في تاريخ الإسلام وآثاره في مجتمنا السوداني القديم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.