التعليم في الكويت ليس حقا للجميع! منذ شهر أيلول/سبتمبر منعت السلطات الكويتية نحو ألف من أطفال "البدون" من الالتحاق بالمدارس. وهؤلاء "البدون" هم أشخاص إما ولدوا أو أقاموا في الكويت منذ زمن طويل وترفض السلطات منحهم الجنسية الكويتية. ومنذ عدة أسابيع بدأ العشرات من أهالي التلاميذ بالتجمع في العاصمة الكويت للتعبير عن تنديدهم بهذا الوضع. هناك أكثر من 110000 شخص ممن تعتبرهم السلطات أجانب مقيمين بطريقة غير شرعية على أراضيها. ومن هؤلاء "البدون" (أي "بدون جنسية") من ولدوا في الكويت ولكنهم لم يستطيعوا أبدا إثبات جنسيتهم رغم أنهم مقيمون منذ زمن طويل. واليوم يمنحهم قانون البلد وضعا خاصا لا هو وضع مواطن ولا وضع أجنبي وبموجب ذلك يحرمون من حقوقهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الممنوحة لبقية سكان الكويت. وتعتبر الحكومة الكويتية أنهم أجانب أتلفوا وثائق هويتهم للتظاهر بأنهم كويتيون. عادة لا يسمح في الكويت لأطفال "البدون" بالتعلم في المدارس العامة المجانية، بل عليهم الالتحاق بالمدارس الخاصة المدفوعة فقط. ويتحمل الأهل دفع 30% من رسوم هذه المدارس، فيما يغطي بقية المصاريف صندوق أنشأته السلطات لمساعدة "البدون". ولكن منذ بداية العام الدراسي رفضت السلطات تسجيل 1000 طفل من "البدون" في المدارس الخاصة بدعوى أن أباءهم قد اشتروا جوازات سفر مزورة من بلدان أخرى. المساهمون هديل بوقريص "يجب على الكويت أن تحترم المعاهدات الدولية التي وقعت عليها وأن تقر الحق الذي لا منازع فيه لهؤلاء الأطفال في التعليم" هديل بوقريص، ناشطة كويتية في حقوق الإنسان وتشارك منذ أيلول/سبتمبر في حركة الاحتجاج ضد هذا المنع. أطلقت السلطات الكويتية في التسعينات حملة لحث "البدون" على طلب جنسية أجنبية تتيح لهم أن يحصلوا على وضع مغترب والتمتع ببعض الحقوق. آنذاك ظهر هناك سوق حقيقي لجوازات السفر فصارت تعرض إعلانات في المتاجر وحتى في المباني الحكومية. وافتتحت في أماكن كثيرة بالبلد مكاتب تقول إنها "معتمدة" وتعرض جوازات سفر من جيبوتي وإرتيريا وليبيريا وغيرها. وكانت التكاليف تختلف حسب أهمية البلد بين 1000 دينار لجواز السفر الأفريقي و5000 دينار لجواز السفر الكندي. لكن من اشتروا جوازات سفر اكتشفوا عندما أرادوا تمديد صلاحيتها المنتهية في السفارات المعنية أنها كانت مزورة. ومنذ ذلك الحين رفضت الإدارة الكويتية منح شهادات ميلاد لأبنائهم. واليوم إدارة المقيمين غير الشرعيين، وهي إدارة مكلفة بالبدون، تمنعهم من التسجيل في المدارس [حسب نائب كويتي إذا كان قرار المنع يخص حاليا 1000 طفل فإن أكثر من 3000 مهددين بذلك هذه السنة]. واحتجاجا على هذا القرار، أطلق مدرسون كويتيون مبادرة من باب المواطنة باسم "كتاتيب البدون" لتعليم هؤلاء الأطفال. ويقوم متطوعون بتدريس الأطفال اللغتين العربية والإنكليزية والتربية الإسلامية يوميا. وقد اقترنت هذه المبادرة باعتصامات يومية أمام وزارة التعليم للمطالبة بإعادة هؤلاء الأطفال للمدارس وتظهر مشكلة التلاميذ بلا شهادات ميلاد مع بداية كل عام دراسي. وفي كل مرة يحدث صراع مرير بين جمعيات حقوق الطفل وإدارة المقيمين غير الشرعيين وينتهي الصراع بمنحه تصاريح بالدراسة "استثنائية". وأنا أتوقع حدوث السيناريو ذاته هذه السنة. بدل أن تطمّع الكويت الأهالي بتصاريح "استثنائية"، عليها أن تحترم المعاهدات الدولية التي وقعت عليها وتقر تماما ونهائيا بأن هؤلاء الأطفال لهم الحق بلا منازع في التعليم المجاني ويجب تسوية المشكلة من جذورها ومنح الجنسية الكويتية لهؤلاء الناس الذين ولدوا وعاشوا في هذا البلد منذ زمن طويل." هديل بوقريص ومؤخرا، عرضت السلطات الكويتية جنسية جزر القمر على "البدون" ووعدت بمزايا منها وثائق إقامة في الكويت ومجانية التعليم والرعاية الصحية والحق في العمل. وحسب وكالة الأنباء الفرنسية أشار الأمين العام للجنة الكويتيين البدون السيد نواف البدر إلى أن هذا العرض استقبله عديمو الجنسية "بغضب ورفض" لأن مطلبهم الثابت هو جواز السفر الكويتي. ومنذ عام 2011 وعديمو الجنسية يتظاهرون باستمرار للمطالبة بالجنسية والحصول على الخدمات العامة. وقد قمعت الشرطة هذه المظاهرات واعتقلت مئات المتظاهرين. فرانس 24