الخرطوم: نعمان غزالي شيع إلى مثواه الأخير بمقابر الصحافة صباح أمس الخميس الملازم أول شرطة غسان عبدالرحمن المتهم في قضية مكتب والي الخرطوم الذي توفي متأثراً بجراحه جراء حادث مروري بمستشفى الفؤاد الطبي بالخرطوم. وتمت مراسم التشييع في الثامنة والنصف من صباح أمس بحضور عدد كبير من قيادات الشرطة ودفعة الراحل بكلية الشرطة ومعتمد الخرطوم وعدد من القيادات السياسية وأسرة الراحل ويقام المأتم بمنزل الفقيد بالمعمورة م. (84) شارع 30 شرق تقاطع لفة جوبا مع الستين. وكان الملازم أول شرطة غسان توفى متأثراً بإصابته التي تعرض لها أمس الأول عقب اصطدام سيارته بسيارة كامري إفراج مؤقت تتبع لموظف بالقطرية في تقاطع شارع الستين مع جوبا. وتم نقله إلى مستشفى جرش بشارع الستين ثم مستشفى الأطباء بالصحافة شرق حيث فارق الحياة بعد غيبوبة استمرت يومين. وأفاد مصدر شرطي رفيع بإدارة المرور أن الملازم غسان عبدالرحمن تخطى شارة مرور حمراء، مما أدى لاصطدامه بعربة كانت تسير في الاتجاه المعاكس نتج عنها فقدانه للوعي لمدة 24 ساعة وفارق الحياة في اليوم الثالث. تهديد بالتصفية الجسدية في شهر مايو من العام 2014م نسبت تصريحات للملازم أول شرطة غسان عبد الرحمن بابكر أن شخصيات نافذة في الحكومة قامت بتهديده بالتصفية الجسدية في حالة قيامه بكشف القيادات الحقيقية التي تقف خلف القضية التي عرفت ب"فساد مكتب الوالي"، التي اتهم فيها عدد من العاملين بالمكتب ببيع قطع استثمارية وعربات حكومية. وكشف الملازم بابكر لضباط الأمن الذين حققوا معه داخل السجن إن شخصيات قيادية طلبت منه العمل معه في بيع وشراء الأراضي، وتجارة العملة، والسلع الاستهلاكية بعلم الوالي، وقال: "أنا لم أقم بتزوير ختم الوالي لبيع وشراء الأراضي، وكان لدينا مكتب استثماري لبيع وشراء الأراضي يديره أحد المقربين من والي الحرطوم". وأكد الملازم بابكر أنه لم يكن نصيبه من عمليات بيع الأراضي وتجارة العملة سوى ملياري جنيه عبارة عن عمولة متفق عليها، ولكن الجناة الحقيقون لم يكشف عنهم، وقال إنهم نهبوا أكثر من سبعة مليارات دولار أسسوا منها مجموعة محطات لبيع البنزين وعدد من مزارع الدواجن وشركات الأدوية والمواد الغذائية . وقال إن الجهات هددته بالقتل في حالة ورود أسمائهم في التحقيقات معه. وأضاف: "حينما هددت بفضحهم إن لم يطلقوا سراحي، قاموا بوضع سم في وجبة العشاء التي تقدم لي، ولكن حينما شعرت بالتعب وضيق في التفس قام ضابط الشرطة الذي يتولى حراستي بإسعافي". وأردف: "ظل ذلك الضابط إلى جواري طوال الليل حيث طمأنني بأنه يؤدي واجبه الشرطي في حمايتي كأي متهم ولن يسمح لأي جهة بقتلي إلا على جثته". وناشد الملازم أول شرطة غسان منظمات حقوق الإنسان والصحفيين بتبني قضيته، إذ أن جهات عليا تريد تقديمه ككبش فداء للتغطية على فسادهم. وفى بيان سابق أصدرته الشرطة جاء فيه: (بعد أن تم القبض على الملازم شرطة غسان عبد الرحمن بابكر تم تداول الكثير من الشائعات والأقاويل حول صحته وتهديد حياته وطريقة التعامل معه، الأمر الذي سبب كثيراً من اللغط والإزعاج لأسرته وأهله داخل وخارج السودان. بهذا يؤكد المكتب الصحفي للشرطة أن الملازم غسان يتمتع بصحة جيدة ولم يتعرض لتسمم أو أي وعكة صحية كما لم يتعرض لأي تهديد ولم يدلِ بأي تصريحات لأي جهة أو أي شخص ولم يطلب تدخل أي منظمة أو غيرها، كما نؤكد أنه لم تتخذ ضده أي إجراءات استثنائية أو تعسفية وتم حجزه وإيقافه وفق الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات ويتمتع بكل الحقوق التي يكفلها له الدستور والقانون إلى حين الفصل في هذه القضية. تفاصيل ما سبق تأسف الدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر والي الخرطوم لما أسماه شغل الرأي العام بما حدث في مكتبه على خلفية قضية الفساد المتهم فيها اثنان من مكتبه بما يقارب ال18 مليون جنيه نتيجة استغلال النفوذ والتلاعب في بيع الأراضي الاستثمارية والثراء من خلال ما أسماه (الكبري) بين موظفيه وبعض المتهمين الموقوفين من الأراضي الذين يلاحقهم الاتهام. وألمح الوالي إلى إمكانية معالجة الموضوع داخلياً إلا أن المسؤولية الأخلاقية حتمت عليهم إيصال الأمر إلى نهاياته خاصة بعد إطلاع الرئيس عليه وتوجيهه بالمضي فيه. وروى الخضر في حضور مدير جهاز أمن الولاية اللواء محمد مختار تفاصيل ما حدث بمكتبة، مشيراً إلى أن التحريات والتقصي تجاوزت الأسبوعين حتى تم إعلانه وبدء الإجراءات في مواجهتهم، مؤكداً أن المعلومات الأولية عن المتهمين تم تجميعها بواسطة أجهزة الولاية والتعامل معها عبر لجنة تحقيق داخلية فشلت في التوصل معهم إلى معلومات، ثم أوكل الأمر إلى الأجهزة الأمنية التي تعاملت مع المتهمين إلى تسليمهم إلى وزارة العدل التي شكلت بدورها لجنة للتحقيق وخلصت إلى التعامل مع القضية وفق قانون الثراء الحرام والمشبوه بعد أن توصلت إلى استحالة إثبات التزوير في توقيع الوالي وعدم وجود اعتداء على المال العام. وأشار الوالي إلى أنه طلب من جهاز الأمن استكمال التحقيق بتوسيع دائرة التقصي مع العاملين بالأراضي والمتعاملين معها حيث تمت مقابلة أكثر من ثلاثين من موظفي الأراضي والسماسرة والتجار وثبت تورط اثنين من جملة ثمانية دارت حولهم الشبهات وآخرين سيتم أمر معالجتهم إدارياً. وأعلن الوالي خلال تنوير صحفي في العام الماضي بالنادي الوطني بالخرطوم أنه أصدر قراراً بإيقاف البيع في الأراضي الاستثمارية إلى حين اتخاذ تدابير جديدة تضبط الممارسة وتظهر الشفافية في مثل هذه المعملات غير أنه أكد الاستمرار فيها قريباً، وأشار الوالي الى أن متهمي مكتبه انحصرت مخالفاتهم في الأراضي الاستثمارية مستغلين معرفتهم بالإجراءات وأن جملة ما استولوا عليه هي ست قطع أرض وأربع عربات ومبلغ مالي في حدود 2350000 جنيه ما يعادل في جملته 17835000 جنيه، وشدد الوالي على أن مبادرة كشف المتهمين بالتحقيق الأولي خرجت من مكتبه بالتنسيق مع جهاز أمن الولاية وتم تحويل القضية إلى العدل بخطاب رسمي في 22 مارس 2014م، وطلب من الوزارة اعتماد تحقيقات الأمن تاركاً للوزارة تكييف الوضع القانوني للقضية غير أنه أعرب عن أسفه للترميز في أسماء المتهمين رغم تقديره لتبريرات الجهات العدلية ونفى الوالي كل ما يروج للقضية خارج الإطار الذي رواه خاصة ما ذكر حول المبالغ المالية التي تداولتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي قاطعاً بعدم صلته بأي من المتهمين أو مشاركتهم اجتماعياً، وحذر الوالي من مغبة الشائعات في هذه القضية ومحاولات استغلالها من بعض الجهات. سيرة ذاتية الاسم: غسان عبد الرحمن بابكر عبد الرحمن من أبناء ولاية البحر الأحمر مدينة بورتسودان درس جميع مراحله التعليمية بالبحر الأحمر، التحق بكلية الشرطة في العام 2003 وتخرج منها برتبة الملازم في العام 2007 متزوج وأب لطفل اسمه محمد يبلغ من العمر عامين. من سرادق العزاء تجمع المئات في شارع (30) بالمعمورة يقدمون واجب العزاء للأسرة في وفاة الملازم أول غسان واكتظ المكان بسيارات الشرطة وأفرادها بجانب عدد كبير من القيادات أبرزها معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر، وكانت مقابر الصحافة بالخرطوم شهدت تدافعاً رهيباً من أجل المشاركة في التشييع من (دفعة غسان) وزملائه في الحقل الشرطي وانتقل ذات التدافع إلى منزل الأسرة بالمعمورة. الجريدة