المهدية لم تكن يوما ثورة بالمعايير العلمية لمفهوم ثورة تغير من واقع خاطئ او متدني الى الى احداث تفاعل سياسي وثقافي واجتماعي جديد وتغيير التركيبة الديوغرافية للمجتمع والبنية الاساسية للحياة لواقع افضل ومغايير للوضع السائد قبلا........ولكن المهدية كانت انتكاسة انسانية متكاملة الاركان لكل ما هو سوداني اصيل وعريق ..... فالدراسة التاريخية المحايدة تشير بوضوح الى ان الوضع الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي تردى الى الاسوأ حتى على مستوى الاسرة والافراد........فاساس الفكرة كان يقوم على الكذب واسلوب القيادة كان يعتمد على استغلال سذاجة العامة واميتهم والبطش والتنكيل بالطبقة الواعية واجبارها ان تمتزج جبريا بالمهدية على علاتها....... علاقة القائد بالعامة والخاصة كانت تقوم على القدسية واستغلال الوازع الديني لدى الافراد بشكل غاية في الميكافيلية. والمهدية في جوهرها لم تقم كحركة لمقاومة المستعمر ولكنها قامت على اساس استغلال فكرة ايمان الناس بخروج المهدي المنتظر اخر الزمان فيملأ الارض عدلا.....قام المهدي بمعاونة التعايشي (صاحب الفكرة اصلا).... بالتلاعب بذكاء يحسدون عليه بالمشاعر الصادقة لدى عامة الناس وثبتوا عليها اركان الحكم ولكنهم كان ولا بد من تجاوز القوى المضادة للفكرة سواء كانت مستعمرا من خارج الحدود ام سودانيا من داخل الوطن فكلاهما عند المهدية اما مستعمر او خائن يعمل مع المستعمر. والمشكلة دوما هي في العقلية السودانية الفطرية.... تلك العقلية التي تحكم على الاحداث والامور من خلال اشخاص وافراد وتتناسى المنهج الذي ينطلقون منه.... قدسية الرجال اهم اركان العقلية السودانية التقليدية وقاعدة اعرف الحق تعرف رجاله معكوسة تماما لدينا......فنحن نعرف الرجال لنحكم على الحق. والمهدية اجرمت انسانيا فالمهدية لم تعطي اي قيمة للانسان السوداني بل جعلت منه مجرد اداة لتحقيق اطماع واحلام نرجسية لافراد فقدوا الوازع الديني الحقيقي (المهدي والتعايشي) وكرسوا مفهوم قداسة الفرد ونيابته عن الله في الارض بشكل غير مسبوق في تاريخ السودان الحديث ومنحوا لانفسهم عصمة لم يمنحها الاسلام حتى للصحابة حتى يغطوا على كل جرائمهم ويعطوا المسوغ لفعل كل ما تهواه انفسهم.... لذلك نرى انهيار المهدية سريعا فما بني على باطل فهو باطل. ان هكذا كلام لا يروق للبعض ويمكنه ان يشتم ويسب ويكفر كما يريد... ولكن هل ستتغير حقائق التاريخ؟؟؟ كلا فالحقيقة ستظل حقيقة والاكاذيب تنكشف طال الزمن ام قصر.... وحينما اقول ان المهدي فقد الوازع الديني الصحيح انا لا أجرده من اسلامه ولا من ايمانه ولكن أجرده من الفعل الشرعي السليم واعود بكم الى احاديث الرسول ص الذي اخبرنا ان بينه وبين المهدي المنتظر اكثر من سبعين كذابا... ولا اشك ان محمد احمد المهدي احدهم فهو مات دون ان يصلي بالمسيح عليه السلام في دمشق ودون ان يملأ الارض عدلاً ودون حتى ان يدخل مكة والمدينة حتى..... . والرسول ص يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ... ومحمد احمد المهدي كذب على الرسول ص مرارا وتكرار وادعى انه يأخذ التعليمات من الرسول ص مباشرة واذا كان كذلك ثم لا نصفه بأنه فاقد للوازع الديني (الحقيقي)... نكون قد جانبنا الصواب والمنطق السليم وتحكمت فينا العصبية.