ارتسمت الدهشة على وجه كل من طالع خبر اقامة حفل استعراضى للمواهب بالخرطوم بمشاركة عدد من نجوم نيويورك بالتعاون مع منظمة ياس اكاديمى، ومصدر الدهشة ان حكومة الخرطوم ظلت تتمنع عن استقبال العديد من المطربين العرب على رأسهم المطربة المصرية الشهيرة شيرين عبدالوهاب، ويومها ثار احد البرلمانين ولم تهدأ ثورته تلك الا بعد ان الغي الحفل تماما، ليفرض هنا سؤال نفسه "هل اخترقت واشنطن بهذا الحفل دولة المشروع الحضارى". خيانة الأمانة يوم الجمعة الثانى والعشرين من نوفمبر الجارى صوب خطيب المسجد الكبير بالخرطوم الشيخ كمال رزق انتقادات عنيفة لوزير الثقافة والاعلام لتنظيمه للحفل الذى احتضتنه قاعة الصداقة والتى غصت ليلة السبت بجمهور غفير تدافع لحضور الحفل كما طالب الشيخ كمال بإقالة وزير الإعلام وتقديمه للمحاكمة لخيانة الأمانة، بيد ان خطبته تلك ذهبت ادراج الرياح واقيم الحفل فى موعده وهو ما حدا بالفنان الجيلانى الواثق امين دائرة الفنون والآداب بالمؤتمر الوطنى الى التأكيد بان هذا الحفل يتنافى مع عادات وتقاليد السودان وقال ل(الأهرام اليوم) ان موقفه من الاحتفائية كان واضحا وانه اعلن رفضه قيام الحفل. ومضى الواثق يقول ان المجتمع ايضا استنكر قيام هذا الحفل ولم يوافق عليه، ورفض الجيلانى الاتهام بانه ضد انفتاح الاغنية السودانية على العالمية او التعرف على ثقافات جديدة تضيف لها الكثير وقال : "انا مع التعرف على الثقافات التى تتماشى مع ثقافتنا السودانية بمعنى ادق ثقافة بها قاسم مشترك ما بيننا وبينها خاصة واننا مجتمع محافظ ومسلم". صادرت حرية المبدع قبل ان يغوص فى تفاصيل الموضوع طرح الناقد السر السيد سؤالا مفاده ماعلاقة صندوق دعم المبدعين بالانشطة الابداعية خاصة وان دوره الذى كون من اجله هو دعم المبدعين؟ ثم واصل السر حديثه قائلا: ان هذا النشاط يقع فى دائرة اختصاص المسرح القومى خاصة وانه احتوى على غناء ورقص، هذا من جهة ومن اخرى بالعودة الى السؤال عن ان هذه الفعالية بمثابة اختراق من امريكا لدولة المشروع الحضارى، فاقول ان هذا المشروع انهار منذ سنين لان السودان يعتبر اكثر دولة مخترقة ثقافيا، وادلل على ذلك بالثقافات الوافدة التى اصبحت بيوت الافراح على سبيل المثال مسرحا لها، بالاضافة الى ان جميع المناشط الثقافية اصبحت تقام من قبل السفارات الاجنبية الموجودة فى الخرطوم وقبل ذلك الحكومة تحاصر المثقف السودانى ولا تمول له مشاريعه الثقافية، ومضى السر السيد الى القول ان "هذه الحكومة للاسف تركت امر البلاد الثقافي نهبا لكل ما شأنه ان يدمر ارث وثقافة الناس، وردا على حديث الشيخ كمال رزق الذى دعا الى اقالة وزير الثقافة والاعلام بسبب ان وزارته سمحت لتدريب الشباب السودانى على الرقص، قال ان هذا كلام غير سليم وادعاء باطلا وقال بلال الموجود حاليا بلندن طبقا للزميلة "ألوان" ان وزارة الثقافة والاعلام ستعقد مؤتمرا صحفيا لاحقا لتوضيح الكثير من الحقائق حول الموضوع". جدل مرتقب النائب البرلمانى المثير للجدل دفع الله حسب الرسول الذي سبق ان هاجم قيام حفل للفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب، وتسبب هجومه ذاك في إلغاء حفل المطربة بالخرطوم، يعد احد الذين ظلوا يتصدون لأيما محاولة لاستجلاب مطرب عربي للغناء في الخرطوم، الامر الذي جعل سكوته حيال الفعالية الامريكية التي وجدت رفض الكثيرين مقابل رضا آخرين، يبدو أمراً غاية في الغرابة، وانطلاقا من مواقف حسب الرسول الماضية، هاتفت (الأهرام اليوم) الرجل ظهر امس لسؤاله عن الاسباب التى دفعته للصمت وعدم توجيهه الانتقاد الحاد للحفل الامريكى، لكن دفع الله اكد انه تحدث عن حفل المطربة شيرين عبد الوهاب بعد ان شاهد صورها تملأ الشوراع، منوها في حديثه الى انه لم يشاهد اعلان يتحدث عن وجود حفل امريكي سيقام في الخرطوم، ولكن مع ذلك اذا ثبت خبر الحفل الامريكي فانه يمكننى القول:" ان الناس الذين عملوا هذا الحفل ليس لهم اخلاق" واردف حسب الرسول مستغربا "ديل ناس شنو"، مضيفا : على وزارة الثقافة ان تعلم ان الامريكان سريعين جدا فى تعليم اولادكم الرقص وايضا فى تدريب المتمردين لحمل السلاح". وكان النائب البرلماني دفع الله حسب الرسول نشط بلا هوادة في منع قيام حفل المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب، ودلف حينها الى قبة البرلمان حاملا "بوسترات" اعلان حفل شيرين وعرضها امام النواب، وقال ان ذلك لا يليق لانه يجافي الدين والاخلاق العامة، الامر الذي انتهى بمنع قيام الحفل، اتساقا مع حادثات اخرى كثيرة طرفها احد المطربين العرب بحجة ان الجو العام لا يلائم وان المزاج العام السوداني غير مهيأ لمثل تلك الحفلات، خاصة ان واحدة من حفلات المطربين العرب الملغاة تزامنت مع احتلال جيش دولة الجنوب لمنطقة هجليج النفطية، الامر الذي دعا نواب البرلمان الى اعتبار ان ذلك ينافي حالة النفرة السائدة حينها لدرجة ان احد النواب قال انه لا يمكن قامة حفل غنائي بينما يبذل شباب الدفاع الشعبي والقوات المسلحة جهودهم لتحرير هجليج، لكن مع ذلك سكت الكثيرون ممن صدعوا بهذه الحجة حيال الحفل الامريكي الذي تم الاعداد له مبكرا واجريت له عدة بروفات تخللتها حملة اعلانية واعلامية.