وفيلم الشبكة الاجتماعية The Social Network، لكاتب السيناريو آرون سوركين، الذي تم بثه في الأسبوع الماضي ولاقى المديح من النقاد، يروي قصة خلافه مع التوأم وينكلفوس، اثنين من زملائه من الطلاب يعتقدان أنه سرق فكرة ''فيس بوك'' منهما، وقام لاحقاً بإخراج شريكه المؤسس، أدواردو سافرين. ولا يصل الفيلم إلى نتيجة أكيدة بشأن النزاع، على الرغم من أنه يصور توسيعه موقع فيس بوك بأنه بدافع اليأس لجعل صديقته التي تخلت عنه تندم على ذلك. ولكنه يطرح مسألة مقلقة بشأن رجال الأعمال. هل يجب أن يكونوا ''مشاكسين'' و''أوغاداً''، كما يصفهم في المشهد الأول، لكي يحققوا النجاح؟ وتتأثر أساليب زوكربيرج في الفيلم بأساليب الرأسماليين المغامرين في وادي السيلكون، التي تشبه أساليب القائد الصيني صان تزو، بحيث يكون سيان باركر، المؤسس المشارك النذل لشركة نابستر، مغويه. وهو يقول للأخوين وينكلفوس (أو ''وينكليف''، كما تصفهم شخصيته في الفيلم): ''لو كنتم أنتم مبتكري فيس بوك، لكنتم أنشأتم فيس بوك.'' وفي الواقع، توصلوا إلى تسوية بتعويض يبلغ 65 مليون دولار، الرقم الذي يختلفون عليه الآن. والفيلم دراما عالية الجودة، ولكن هل هو دليل أفضل على كيفية نجاح رجال الأعمال من مسرحية (الملك لير) لنجاح الملوك؟ بالطبع لا. فقد يكون بعض رجال الأعمال قساة، ولكن من الممكن أيضاً أن يتصف بعض المسؤولين التنفيذيين للشركات بالقسوة حين يتنافسون للتقدم عدم تمتعهم بالأخلاق ليس الصفة الأبرز لهم. ويقول فيفك وادوها، الأستاذ المساعد في جامعة ديوك، الذي درس خلفيات ودوافع رجال الأعمال: ''عليهم أن يكونوا مثابرين ومقنعين وحازمين وأن يتمتعوا بشخصية جذابة، ولكن معظمهم ليسوا قساة أو مقنعين. والفرق بينهم وبين الأشخاص العاديين هو التصميم''. وبطبيعة الحال، بما أن زوكربيرج هو أثرى طالب ترك الدراسة في جامعة هارفارد منذ بيل غيتس رئيس شركة مايكروسوفت (وقدم في الآونة الأخيرة تبرعاً بقيمة مائة مليون دولار من أسهم فيس بوك لمساعدة المدارس في مدينة نيومارك بولاية نيوجيرسي)، يلمح الفيلم إلى أن المال جعله يضل السبيل. وتقول له شخصية باركر في الفيلم: ''الحصول على مبلغ مليون دولار ليس رائعاً. أتعرف ما هو الرائع؟ مليار دولار''. وهذا أيضاً مضلل. يقول إدوارد روبرتس، رئيس مركز المشاريع التقنية في معهد ماساتشوستس للتقنية: ''إن المحرك الرئيس لمعظم رجال الأعمال هو بناء شيء ما، حل المشكلات. فهم يريدون تجاوز بعض العوائق السابقة في حياتهم، وفعل شيء مثير. ومن الصعب جعل الكثير منهم يتحدث عن المال''. ولكن هذا لا يعني أن رجال الأعمال أشخاص لطفاء ومتساهلون ويمكن الانسجام معهم. فهم مدفوعون قليلو الصبر ولديهم رؤية واضحة للكيفية التي ينبغي بها بناء الشركة. وغالبا ما يختلف الشركاء المؤسسون في المراحل الأولى حين يعتقد أحدهم أن الآخر لا يعمل بجد كاف أو لديه أفكار سيئة. ويصور فيلم الشبكة الاجتماعية بوضوح هذه اللحظة في مرحلة مبكرة من حياة ''فيس بوك''. فقد تم تقليص جزء كبير من الحصة البالغة 30 في المائة التي يملكها سافرين، الذي أصيب زوكربيرج بخيبة أمل منه، حين تم جلب رأسمال جديد للشركة ثم رفع سافرين دعوى قضائية. ووافق على تسوية بنسبة 5 في المائة من ''فيس بوك''، وهي ليست نسبة ضئيلة. تشير الطبيعة البشرية إلى أن الناس يكونون في أسوأ حالاتهم حين يكون هناك تقاسم للغنائم (انظر الملك لير). وتحدث هذه اللحظة في وقت مبكر من مرحلة نمو الشركات ولكنها تحدث بشكل منتظم في الشركات الكبيرة حين تكون هناك مثلاً منافسة على شغل منصب الرئيس التنفيذي التالي. ويكون عادة الحافز للتصرف بقسوة أقل في الشركات التي في مرحلة النمو، لأن جزءاً كبيراً من القيمة يتعلق ببناء شيء ما، وليس في تقسيم ما هو موجود فعلاً. وإذا كانت الكعكة كبيرة بما فيه الكفاية، كما يظهر ''فيس بوك''، تكون الحصة الصغيرة منها كبيرة. وفي الفيلم، تهاجم شخصية زوكربيرج محامي وينكلفوس لأنه طلب اهتمامه الكامل خلال شهادته: ''باقي اهتمامي يتركز على مكاتب ''فيس بوك''، حيث نقوم أنا والموظفون بأمور لا يستطيع أيا كان في هذه الغرفة، بمن فيهم ولا سيما عملاؤك، أن يكون قادرا فكرياً أو إبداعياً على فعلها''. وفي وسط كل هذه الدراما المليئة بالخيانة والتنافس، هذه هي النقطة الأساسية. فشركة فيس بوك لا تساوي 30 مليار دولار لأن زوكربيرج سرق فكرة الشبكة الاجتماعية من الإخوة وينكلفوس (كان موقع فرندستر Friendster قائماً بالفعل) أو طرد الشريك المؤسس. وإذا كان الأمر كذلك، فسيكون الآن مالكاً لحصة نسبتها 100 في المائة للا شيء. وبدلا من ذلك، نفذ الفكرة ببراعة، وتكيف على طول الطريق، حيث اكتسب مستثمرين من خلال باركر، وجمع كادراً من المواهب حوله، وتمكن في النهاية من ترؤس شركة عالمية. لقد انتقدت زوكربيرج بسبب موقفه تجاه الخصوصية، إلا أن عزو نجاحه إلى كونه مشاكساً وفاسقاً أمر سخيف. وبشكل عام، لا ينشئ رجال الأعمال شركات كبيرة إذا كانوا عباقرة منعزلين وقساة، بل بامتلاكهم المواهب الشخصية والتنظيمية لاستخدام مهارات الآخرين. إن قدرة رجل الأعمال على العمل ضمن فريق هي عامل أساسي لتحقيق النجاح. وتظهر الأبحاث أن الشركة الناشئة التي لها اثنان من المؤسسين أكثر احتمالية لتحقيق إيرادات بقيمة مائة مليون دولار، كما يقول الأستاذ روبرتس. وتزيد الفرص أكثر مع وجود ثلاثة من المؤسسين، وأكثر بوجود أربعة. ولا يشكل هذا دراما عظيمة، كما يقدمها فيلم الشبكة الاجتماعية. ولكنه، مع ذلك، الواقع. صحيفةالاقتصادية الالكترونية