يرى كثير من المراقبين والمحللين أن الخلافات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان والحركة الشعبية تسير جديا باتجاه نقطة لا عودة بعدها. ويشير هؤلاء إلى المظاهرة التي شهدتها عاصمة الجنوبجوبا، والتي تزامنت مع زيارة وفد مجلس الأمن الدولي، ورفع فيها المتظاهرون لافتات تطالب بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية بشأن دارفور، وهو ما عده محللون سياسيون أوراق ضغط جديدة للحركة الشعبية تجاه المؤتمر الوطني. إبراز موقف واعتبر المحلل السياسي محيي الدين تيتاوي أن سماح حكومة الجنوب للمتظاهرين بالمطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الدولية يشير إلى وجود موقف مخفي للحركة الشعبية بهذا الاتجاه. ولم يستبعد في حديث للجزيرة نت ضلوع قادة من الحركة الشعبية في الترتيب للمسيرة، لإبراز موقف جوبا من قرار المحكمة، مشيرا إلى وجود قادة جنوبيين "أبدوا موقفا واضحا بتأييد قرار المحكمة منذ صدوره". وقارن بين تصريحات رئيس حكومة الجنوب "التي أعلن فيها دعمه ودعوته للانفصال ومطالبته للجنوبيين بالثأر حال تعرض أحد قادة الجنوب للاغتيال"، وما ظلت تسيره الحركة الشعبية من مسيرات مناوئة للشمال. أما المحلل السياسي محمد موسى حريكة على الرغم من استبعاده الربط بين المتظاهرين وحكومة الجنوب، فإنه لم يستبعد أن يكون الموقف الجديد قد تأسس على الخلافات الجذرية بين الحركة والمؤتمر الوطني. وتوقع أن تأخذ الحرب بين الجانبين عدة أشكال "ربما لن تكون ذات علاقة حقيقية بقضية دارفور"، مشيرا إلى اتجاه كل طرف لرفع أكثر من عصا في وجه الآخر، "فمثلما يرفع المؤتمر الوطني عصا أبيي تحاول الحركة مجاراته برفع عصا أخرى موازية". بدوره اعتبر المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن ما رفعته المظاهرات الجنوبية من لافتات يدل على التضامن بين الحركة الشعبية والحركات المسلحة بدارفور. ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت أن تكون المطالبات واحدة من الوسائل التي يرى منظمو المظاهرة أنها كفيلة بلفت نظر مجلس الأمن للإسراع في معالجة أزمة دارفور من جهة والتأكيد على التمسك بقرار الجنائية الدولية من جهة أخرى. وقد اعتبر الخبير السياسي عبد الله سعيد أن المظاهرة الحاشدة والمنظمة تنظيما دقيقا لجمهور من الإقليمالجنوبي "لا يمكن أن تتم بدون موافقة الحركة الشعبية، الحاكم المطلق لإقليمجنوب السودان". وقال للجزيرة نت إن الحادثة أدخلت العلاقات المتوترة أصلا إلى حيز العلن وإلى المواجهات المباشرة بين شريكي الحكم "وربما يؤثر ذلك سلبا على سير التفاوض والتفاهم حول كثير من المواضيع تحت المناقشة والتنفيذ بما في ذلك ترسم الحدود والاستفتاء". اتهامات بالتلكؤ وفي تطور ذي صلة طالبت الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على المؤتمر الوطني لتنفيذ ما تبقى من اتفاقية السلام الشامل وعدم السماح له بالالتفاف عليها. وقالت في مذكرة سلمتها لبعثة الأممالمتحدةبجنوب كردفان تلقت الجزيرة نت نسخة منها إن الاستفتاء الذي يفترض أن تسبقه المشورة الشعبية في كل من جنوب كردفان جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق يواجه تلكؤًا متعمدا من قبل المؤتمر الوطني في تأخير نتيجة التعداد السكاني وتوزيع الدوائر الجغرافية "مما يستنتج منه نية المؤتمر الوطني لعرقلة كل عملية المشورة الشعبية التي ستكون خرقا واضحا ومتعمدا وصارخا لاتفاقية السلام الشامل". ومضت تقول إن حشود القوات المسلحة بجنوب كردفان والجسر البري المتواصل في نقل العتاد الحربي للمنطقة بطريقة لم تشهدها المنطقة حتى في سني الحرب الأهلية "دليل واضح على نية المؤتمر الوطني في خرق الإرادة الدولية المتمثلة في وثيقة اتفاقية السلام". وقالت إن هذا المسلك يعد خرقا متعمدا للترتيبات الأمنية التي تتضمن في فحواها تقليص القوات المسلحة إلى ما كانت عليه قبل الحرب، مشيرة إلى أن تلك الحشود شكلت هاجسًا مخيفا لكل مواطني جنوب كردفان وجعلتهم يتكهنون برغبة المؤتمر الوطني في إثارة حرب أخرى. وأعربت الحركة عن أملها بأن "يتحلى المؤتمر الوطني بالحكمة والعقل ويضاعف جهوده لكي يظل السودان وطنا واحدا"، كما دعت المجتمع الدولي إلى أن يتحرك للحفاظ على السلام والأمن بين الشعوب، وإعطاء حق الشعوب الأصيلة في ممارسة كل حقوقها الإنسانية المنصوص عليها في إعلان الأممالمتحدة. وطالبت بإعلان نتيجة التعداد السكاني والدوائر الجغرافية بجنوب كردفان وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت مراقبة دولية واحترام خيار شعب إقليمجنوب كردفان. كما دعت إلى ملاحقة من أسمتهم بمجرمي الحرب بالسودان وفق المواثيق الدولية الصادرة، وإعادة النظر في تفويض بعثة الأممالمتحدة بالسودان حتى تتمكن من حماية شعب جنوب كردفان ولاسيما شعب إقليم جبال النوبة الأصيل.