عين الرئيس السوداني عمر حسن البشير حليفا قديما من الجيش في منصب نائبه الأول وربما يحمي هذا الإجراء واحدا من أقدم حكام أفريقيا من مخاطر في الداخل والخارج. وخلال تعديل حكومي عين البشير اللواء بكري حسن صالح في منصب النائب الأول للرئيس خلفا للسياسي المخضرم علي عثمان طه. وصالح من المقربين للبشير وساعده في انقلاب عام 1989 وإخماد الكثير من حركات التمرد. وربما يكون البشير لجأ لتعيين صالح في هذا المنصب ضمن استراتيجية لتفادي تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية اذا نفذ وعده بترك الحكم عام 2015. ويبرز التعديل الذي أعلنه البشير تراجع دور الإسلاميين مثل طه فيما يلجأ الرئيس لحلفاء من الجيش يثق فيهم أكثر وهو المؤسسة المهمة لاستمراره في دولة شهد تاريخها انقلابات عسكرية. ويقول الكس دي وال خبير الشؤون السودانية ورئيس مؤسسة السلام العالمي في جامعة تافتس بالولايات المتحدة إن صالح "نسخة سياسية من البشير وتعيينه يعزز دور الجيش في السياسة." وأضاف: "هذه خطة الحماية التي وضعها البشير وتشير إلى أنه قد يكون مستعدا للتنحي إذا كان (صالح) خلفه." وفي حين تفادى السودان الاضطرابات السياسية المستمرة التي شهدتها دول عربية أخرى على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، فإن وضع البشير والدائرة المقربة منه بات أكثر هشاشة منذ انفصل جنوب السودان الغني بالنفط عام 2011 بعد أن صوت لصالح الاستقلال وهو ما حرم الشمال من عائدات يحتاجها بشدة. وفي مواجهة خصوم داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم وهو حزب البشير، سعت حكومته جاهدة للتعامل مع اقتصاد متباطئ وتضخم متزايد منذ انفصال الجنوب. وبعيدا عن حركات التمرد التي لاتزال نشطة قرب الحدود مع جنوب السودان والصراع الذي لم يحسم بعد في منطقة دارفور بغرب البلاد، واجه البشير في الآونة الأخيرة مشاكل في عقر داره. وجاء قرار الحكومة خفض الدعم على الوقود في سبتمبر الماضي لتخفيف حدة الأزمة المالية ليذكر بضرورة التحرك بحذر في منطقة أطاح فيها المحتجون بعدة حكام عرب منذ عام 2011. ونتيجة لهذه الخطوة تضاعفت أسعار البنزين بين عشية وضحاها واندلعت احتجاجات عنيفة قتل فيها العشرات. وطالب آلاف السودانيين بتنحي البشير في أكبر مظاهرات معارضة منذ سنوات. وأثارت الحملة التي قامت بها قوات الأمن انتقادات من داخل حزب البشير. على الصعيد الخارجي يواجه البشير أمري اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية في دارفور. ويرفض السودان اتهامات المحكمة الدولية، قائلا إن هناك تضخيما من شأن التقارير عن حوادث القتل الجماعي في دارفور كما يرفض الاعتراف بالمحكمة ويقول إنها شريكة في مؤامرة غربية.