عجيب وغريب أمر الأشقاء في السودان, فقد تركوا وراءهم همومهم ومتاعبهم وأزماتهم الداخلية المتكاثرة وتفرغوا للتحرش بمصر, فبدون مناسبة اندفع بعض مسئولي الحكومة السودانية نحو الادلاء بتصريحات عن أن حلايب وشلاتين تابعة للسودان, وقررت الخرطوم افتعال أزمة مع القاهرة حول قضية محسومة بالثلث ولا يوجد فيها مساحة ولا مجال للنقاش والجدال. وبهذه الخطوة يقدم نظام حسن البشير دليلا دامغا علي أنه يعمل ضد مصلحة مصر وأمنها علي طول الخط, فهذا النظام ساعد عددا من الإرهابيين المصريين المطلوبين علي الهروب لقطر وغيرها عبر الأراضي السودانية, وساند وتبني الموقف الإثيوبي من سد النهضة, الذي يشكل كارثة للأمن المائي المصري. وبصراحة فإن البشير, ممثل الجناح السوداني للإخوان, يسعي لجر مصر لمعركة ليس هذا أوانها ولا مكانها وفي وقت يدرك فيه أنها مشغولة ومثقلة بمهمة إعادة الاستقرار الأمني للبلاد. وربما ظن النظام السوداني أن مصر أصبحت هشة ضعيفة يسهل منازعتها علي سيادة جزء أصيل من أرضها, وهو اعتقاد خاطئ وغير محسوب العواقب, علاوة علي أنه يخدم ويعزز أجندات أطراف خارجية لا تدخر وسعا في إلحاق الضرر بمصر وشعبها, بعد الثلاثين من يونيو والإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي الذي وعد البشير بالتنازل عن حلايب وشلاتين. ولن نتحدث عن سوءات ومثالب نظام البشير الذي فقد شعبيته في الشارع السوداني وخرجت المظاهرات المطالبة برحيله من السلطة, ولكن سنذكره وسنذكر مساعديه بأن أمن بلادهم مرتبط ومرهون بالأمن القومي المصري, وأنه إذا كان يفكر في مصالح وطنه فعليه عدم الإخلال بهذه المعادلة الاستراتيجية الحيوية. أيضا نذكره بأن المصريين لن يفرطوا في ذرة واحدة من التراب الوطني, وأن خلفهم قوات مسلحة قادرة وقت اللزوم علي ردع من يفكر في المساس بسيادة الوطن وأراضيه. الاهرام - محمد إبراهيم الدسوقي