مهدي يوسف ................................ ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) اليوم تخرج من السلطة ذليلا .مضعضع القوى ، ذائغ النظرات ، تطاردك صيحات الأرامل و الثكالي اللواتي قتلت أزواجهن و أولادهن ، و تلحق بك لعنات الآباء المكلومين الذين عفّرت كبرياءهم في غياهب السجون ، و تقتفي آثار قدميك النجستين أنّات الأطفال الذين اجتثثت آباءهم من الخدمة المدنية لا لسبب ..إلا لتمكن لجماعتك الدنيئة من مفاصل الدولة .. تلك رؤيتك للتمكين .قبضا و احتكارا ...لا عدلا .. و كرامة ! و كان الله أعمى بصيرتك فلم تكمل الآية الكريمة "أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ " . اليوم تخرج منها منبوذا إلى عرصات التاريخ و فيافيه المقفرة ، عار إلا من الفضيحة ، تلاحقك دموع الرجال الذين غادروا السودان هربا من جحيمك ، و تركض وراءك رائحة الموت التي اشتمها شباب ابتلعتهم أمواج البحر ..حين حولت بلادهم إلي بحر من دموع ! اليوم لم يعد يتغني مغنيك الهزيل الموهبة ، القصير بنطال الفكرة بأننا لا نريدا سواك رئيسا ..و كأنك سقف الكون ...و منتهى التاريخ ......و كأنك فرعون في مجلسه ..تمد رجليك ..فيفسح له الزمان مكانا !! اليوم تفتش عن غرفة تقيك سواعد الثوار ..في بلاد كانت قبلك مبسوطة كراحة اليد ، متسعة كالحلم فجعلتها أضيق من صدر السفيه ... ثلاثون عاما يا فرعون هن الأسوأ مذ خلق الله السودان ... جئتنا و الشعر في لون الدجى ..و ركلناك و الشعر غدا صباجا مسفرا...ثلاثون عجافا ...كنزت فيها و أهلك المال و الذهب و الفضة ...و ابتلعتم فيها عائدات النفط ، و دمرتم فيها المشاريع .و اغلقتم فيها المصانع ..و بعتم فيها تراب بلادي بدراههم معدودة و كنتم فيه من الزاهدين ... ثلاثون عاما قطعت فيها أوصال الوطن تقطيعا ..ففصلت الجنوب فدى لرأسك .. و أشعلت النيران في دارفور تمكينا لعرشك ...و مع كل لامّة تجمع شذاذ آفاقك المرضي في ساحة لعينة .. و ترقص كما رقص نيرون و روما تحترق ...ثلاثون عاما و الوطن رهينة بين يديك ..درعا تقي قلبك الرعديد من مخالب الجنائية ...تتسلى بعذابات أهله ..و تتلذذ بأخبار أوصابهم .. ثلاثون عاما عشنا كل يوم فيها كابوسا مريعا ...نصحو على جرح و ننام على فجيعة و تصحبنا الكوابيس الي مضاجعنا ... ثلاثون عاما و أنت جاثم علي أنفاسنا ..من صمت منا مات كمدا ، و من ثار أرديته برصاصة ، أو ألقيته في قعر مظلمة ...و لم تغفر عليك لعنة الله يا عمر ... ثلاثون عاما و الغمائم تعبر سماوات بلادي ..و تتنزل على ترابها " المكوفر " للاخضرار ..فلا يجد النبت الي السطح هدى و قد اجتثه سياساتك الرعناء ..تمكنينا لمستثمرين طفيليين قدموا إليك عبر بوابة مطامعك .... ثلاثون عاما حولت فيها سلة غذاء العالم بنيليه و مشاريعه و سحائبه و غاباته و بهائمه ...إلى متسول لا تقيه الشمس سوى رقعة من كساء و رقعتين من كرامة ... اليوم تغادرها حقيرا ، امتدادا لطواغيت سبقوك ..ثلة ملعونة آمنت بمهزلة أن " جوع كلب يتبعك " ..فعلمت بعد انتهاء الدرس أنّنا الخيول لا ترضي سوي بمقارعة الريح .لا الكلاب تقبع و حدود عالمها صحن قذر ...اليوم نكبك حثالة تنتن أنف التاريخ ...و إضافة مقدرة لعفن بن علي و مبارك و علي عبد الله صالح .. اليوم تخرج الخرطوم عروسا للأزرق العاتي و الأبيض الحليم ..لا صبية يقدمها الطغاة قربانا للنيل ...و لكن مدينة معلّمة تحكي للكون كيف تبتل سراويل الطغاة حين تثور الشعوب ...اليوم نصلّي ركعتي عشق الحلاج ...نتوضأ بدماء الشهداء ...و نيمّم وجوهنا صوب واحد قهّار .لا طاغية جبّار !! اليوم تمزّق نساء بلادي أكفان القمع .. و يركلن بأقدامهن قانونا لم ينطق سوى بالسياط ..فجلدت منهن من جلدت بسبب طرحة انزلقت سهوا عن خصلة بريئة ..و سجنت منهن من سجنت بسبب بنطال ...بينما غضضت الطرف عن مليارات ابتلعها إخوتك في التنظيم و الجشع و العفونة اليوم تقف آلاء صلاح ممثلة لكنداكات بلادي ..و كأنها فجّت التاريخ و جاءت من لدن ترقاها لتعلمنا معني النضال ..ثوبها أبيض من قلب الأم ... و قدماها تقفان على خاصرة الشمس ... اليوم يشق عصا الطاعة عليك جيل سلبته حق التعليم و الصحة ...إخضاعا و إذلالا ..بينما بسطت يدي عطائك لمليشياتك تقتل و تسرق و تغتصب ...و كأن الله منحك صك الخلود و أعفاك من الموت و المساءلة !! اليوم نلفظك لفظا ابديا ...و ستلقى ربك مخذلا مدحورا ..تحمل علي عاتقيك دماءا و أرواحا و جثثا و مظالما ...تثقل خطوك حين نقف بين يدي الله ...و نرجف إلا من أتاه بقلب سليم ... أيها الجنرال السفيه ...هذه رسالة بصقة على وجهك و وجه عهدك !! عليك لعنة الله ...و الشعب و التاريخ !! .... 13/4/2019