طال تشاؤم واسع المشاهد السوداني من افتقار الشاشات الفضائية السودانية بكل مواعينها الاعلامية المرئية والمسموعة الى محترفين في تقديم برامج المنوعات, من حيث الحضور الابداعي الثقافي والإلمام بسيكلوجية التقديم والتعاطي مع خفة الدم والتلقائية.. انتظر المشاهد السوداني مدة الى ان أطلت فضائية النيل الازرق في ميقاتها الاول, واضحت متنفساً موازياً للرضا الى حين, فقد غيرت ?حينها- فقه التنويع الى تحف بصرية, وخفة في التحليق من حيث التشويق الادائي والتفاعل البصري والتفوق الجرافيكي, واستجاب لها المشاهد من باب (المغايرة) وهو يمسك بزمام (الريموت كنترول) الى فضائيات مغايرة من باب (لالوب بلدنا ولا تفاح الآخرين)..! لكن فجأة.. غربت شمس التجربة الجديدة بالتكرار والجمود وعدم المواكبة, وهي ذات المحرقات التي تنسف اي برامج منوعات من المتابعة (الى الابد), وغرقت النيل الازرق لتكرار ما بثته في (حضورها) الأول بنسخة غير منقحة ولعلها نامت في الخط, من حيث المنافسة على أثير العولمة.. في محيط الاعلام العربي يعرف عن الاعلامي اللبناني انه ملك المنوعات بالفضائيات, فهو قد خرج من بيئة اعلامية احترفت الاعلام, وتستطيع ان تستجيب للتطور من خلال الامساك بالمشاهد متعة بصرية ومعلوماتية واسعة, فأصبحنا نلمح حضورهم في كافة الفضائيات العربية يتنقلون من نجاح الى آخر.. ونحن فقط نشاهد.. ربما تعد معضلة الشاشة السودانية في فشلها في تقديم برامج المنوعات معدة بشكل جيد, فتثاؤبية الاعداد والتوزيع الباهت للفقرات والتشتيت العشوائي لانتباه المشاهد كلها عوامل مساعدة على الفتور الذي تقابل به برامج المنوعات, ويبدع الآخرون من حيث احاطتهم بفنون التقديم وتطويع المرئيات وتقنين المعلومة لخدمة المشاهد, عبر مقدم مبدع ومخرج متمكن ومعد حصيف, تشربوا معاً فنون الكاميرا والاحترافية الاعلامية.. يعد في الفضائيات الاوروبية ان اهم مذيع هو مقدم برامج المنوعات, لانه الذي يجذب الملايين من المشاهدين و(المليارات) من الدولارات, لذا فان القناة تختاره بعناية فائقة يشترك فيها خبراء اعلام وسيكولوجيون وكذا عارضو ومصممو الازياء..!! وكل ذلك الاهتمام لان مقدم المنوعات هو عنوان الفضائية وعبره تنهال الاعلانات والاتصالات والدعايات.. لهذا يتم صقله احترافياً من دون مغادرة روح الهواية فهي التي تعطي المصداقية لما يقدم.. ما يلينا في السودان اليوم هو صناعة مقدمي برامج منوعات يمتازون بروح خفيفة واطلالة مريحة, ويحلقون بوعي اعلامي رصين مدرك لصناعة المشاهدة, ليخرجوا بالمنوعات من هذا الميدان القديم القابع في أطر تقليدية, وينتقلون بنا الى أساليب تجديدة تواكب أحدث ما بلغته القنوات المتفوقة علينا..إضافة لذلك نحتاج الى حضور إخراجي إبداعي ووظيفي من خلال توزيع الفقرات لتكون معاً ذات قيمة جمالية ومعرفية والانتقال من فقرة الى اخرى بسلاسة, لا كما نرى الآن في معظم برامج المنوعات..