ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كبج : مرتبات الأجهزة الأمنية تساوي 65% من جملة مرتبات العاملين
نشر في سودان موشن يوم 31 - 12 - 2011

كشف الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد ابراهيم عبده كبج عن انحياز الميزانية الجديدة ضد المواطنيين العاديين .
وقال في حوار مع صحيفة (رأي الشعب ) انه رغم الأزمة الاقتصادية التي تعترف بها سلطة الانقاذ فقد خفضت الضرائب المباشرة على رجال الأعمال والمستثمرين في الميزانية الجديدة عن العام السابق ، حيث انخفضت من مليار و(400) مليون الى (587) مليون فقط أي بانخفاض (561) مليون جنيه – 561 مليار جنيه بالقديم !
وأضاف كبج ان الضرائب غير المباشرة التي يقع عبؤها على المواطن العادي – ضرائب السلع والخدمات والتجارة والمعاملات الدولية – ارتفعت الى (8) مليار و(300) مليون جنيه – أي 8 تريليون و300 مليار بالقديم .
كما كشف كبج بان مرتبات قطاع الدفاع والأمن والشرطة المقدرة في الميزانية الجديدة تبلغ (6) مليار و(154) مليون جنيه من جملة مترتبات العاملين ومقدارها (10) مليار و(971) مليون جنيه أي حوالي 65% من جملة المترتبات .
وأوضح بأن تكلفة الاستيراد المتوقعة تساوي (10) مليار دولار و(100) مليون دولار ، في حين كل حصيلة بنك السودان من العملة الصعبة (4) مليار دولار و(520) مليون دولار ، مما يعني أن مساهمة السوق الأسود تساوي (5) مليار دولار و(800) مليون دولار ، أي أزيد من عطاء بنك السودان وبفارق كبير ، مما يعني أن حكومة المؤتمر الوطني عاجزة عن السيطرة على سعر الصرف .
( نص الحوار أدناه) :
بلغة الأرقام الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج الاقتصاد السوداني يمر بأزمة عميقة وهذه هي الاسباب
انطلقت الحناجر الفرنسية الجائعة تهتف بسقوط لويس السادس عشر بينما زوجته النمساوية الحسناء ميري انطوانيت تسمع صرخات المحتجين بلا مبالاة، وكانت الأجساد النحيلة البائسة تجوب طرقات باريس هاتفة للحرية والعدالة والمساواة كأضلاع مقدسة لمثلث ثورة الشعب الأبي الذي حطم أسوار الباستيل احد أعظم سجون الأحرار في التاريخ ونسف أبوابه وجدرانه.. ثم جابت الحشود شوارع باريس حتى وصلت قصرها الرئاسي حيث تطل منه ميري متسائلة: ما لهم غاضبون؟!.. فأجابها الحرس إنه الجوع.. إنهم لا يجدون خبزاً ليأكلوه.. فردت بعفوية السادة المترفين والغائبين عن الحقيقة (فليأكلوا الجاتوه إذاً؛)!! وكانت هذه آخر عبارة الطغيان الإمبراطوري بفرنسا وآخر عهد باريس بالاستبداد الملكي، إذ برزت فرنسا بثورتها صانعة لعالم جديد أسست فيه لنظريات أخرى أساسها رفاهية الشعوب.. لا الملوك قال شارليس ديغول يوماً رداً على المرجفين من حوله وهم يهتفون له بأن فرنسا لا غنى لها عنه : (مضى كل ملوك فرنسا ورؤسائها.. وبقيت فرنسا) .. وكان حينها يشير نحو مقابر الملوك ...
٭ وها هو ذا المشهد يتكرر في السودان
فبينما تتلبد سحب ثورة الجياع في سماء السودان يشير وزير ماليتنا (انطوانيت السودان) على الشعب بأكل الذرة والتي هي أغلى القمح ، ويضع ميزانية لفداحة الانفجار القادم ويتساءل أمام برلمانه (من وين أجيب الفرق)؟ في أبشع تبرير لزياداته القادمة على الأسعار.. والإجابة بين دفتي هذا السفر الرقمي للخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج:
٭ إقتصاد الإنقاذ.. المعارضة التي لا تُقهر بالوعيد والأحلام
يقول كبج عن هذه الميزانية عند جلوسنا اليه:
تأتي هذه الميزانية الجديدة للعام 2012م في ظروف بالغة التعقيد وحقائق على الأرض لا يمكن القفز فوقها، وفي اعتقادي أن الانقاذ الآن تجني الُمرَّة لسياساتها وممارساتها الاقتصادية التي ارتكزت على سياسة التحرير الاقتصادي وشعار التمكين، ولا أود أن أخوض في التفاصيل ولكني أعطيكم صورة توضح بجلاء أين نحن الآن.
لقد انهارت الخطة العشرية التي أعلنتها الإنقاذ في بداياتها 1992 2002م وانهارت معها كل أهداف إنتاج الذرة والدخن والقمح والحبوب الزيتية والصمغ وغيرها، وكان من ضمن وعود الخطة العشرية أنها بنهايتها ستمكننا من تمزيق فاتورة استيراد الغذاء بعد الاكتفاء الذاتي. ولكن الذي حدث هو تزايد استيراد الغذاء للسودان والذي كان في حدود 27 مليون دولار عام 1992م عندما رُفع شعار «فلنأكل مما نزع» ولكننا بنهاية سنوات الخطة العشرية وبدلاً عن تمزيق فاتورة الاستيراد ارتفع استيرادنا من الغذاء الى قيمة «240» مليون دولار بما يساوي 6 أضعاف استيرادنا عام 1990م.. وكان من المؤمل أن نصل الى إنتاج (20) مليون طن من الذرة في نهاية الخطة عام 2002م ولكن تدهور إنتاجنا الى 2 مليون و528 الف وهو يساوي أقل من 51% من هدف الخطة العشرية، ليس هذا فقط بل يساوي 56% من إنتاجنا للذرة عام 8891م 9891م وقد كان (4) ملايين و(528) الف طن وكان من المؤمل إنتاج (2) مليون و(630) الف طن من القمح والذي أنتج فعلاً عند نهاية الخطة العشرية من القمح يساوي (742) الف طن ويساوي نسبة 11% من هدف الخطة العشرية، وكذلك هدف إنتاج (2) مليون و(100) الف طن من الدخن والمنتج فعلاً (550) الف طن، أي أقل من 03% من هدف الخطة العشرية ويساوي بالضبط ما كان موجوداً من إنتاج 1988 1989م قبل الانقاذ، وهذا يسري أيضاً على إنتاج الحبوب الزيتية والصمغ وهذا كله يؤسس لما نراه الآن لأن الاهتمام الزراعي لم يكن بالصورة المطلوبة.
وحتى عام 2009م كان إنتاجنا من الذرة يساوي (2) مليون و(600) ألف طن أي وبعد عشرين عاماً من حكم الانقاذ يأتي إنتاج الذرة أقل من نهاية العشرية وأقل كثيراً من إنتاج آخر سنوات الديمقراطية اعتماداً على استيراد الغذاء بدلاً من إنتاجه بما يكفي السودان مما جعل فاتورة استيراد الغذاء تصل الى مليار و(400) مليون دولار عام 2008م أي عشرين ضعف ما كنّا نستورده عام 1990م ووصل عام 2009م الى 22 ضعف من قيمة استيراد عام 1990م ثم الى 63 الضعف عام 2010م وهكذا. وعندما نرجع الى ما قاله د. صابر محافظ بنك السودان السابق من أننا بعد الانفصال في 9 يوليو الماضي ستكون صادراتنا متقلصة للغاية بعد فقدان إنتاج الجنوب الذي كان يؤول للحكومة الاتحادية، ذاكراً بالتحديد أننا سنقوم بتصدير بترول من انتاج الشمال بمبلغ مليار دولار ثم مليار اخرى من صادرات الذهب ثم مليار ثالثة من المغتربين، بالإضافة الى صادرات غير بترولية في حدود (570) مليون دولار وهو ما يعني إجمالاً (3) مليار و(750) مليون دولار. كما أنه من المتوقع أن تكون أقصى قيمة لنقل البترول من الجنوب مبلغ (500) مليون دولار.
وعليه فإن كل الدولارات التي ستصل بنك السودان تصل (4) مليار و(520) مليون دولار ولكن على نحو آخر فإن فاتورة الإستيراد في السودان كانت عام 2009م (9) مليار و(600) مليون دولار ثم ارتفعت عام 2010م الى (10) مليار و(100) مليون دولار في عام واحد
وإذا تيسر لحكومة السودان ترشيد الاستيراد فإن استيرادنا سيكون عام 2012م 2013م في حدود (10) مليار و(100) مليون دولار دون زيادة من عام لآخر وهذا يعني أن مساهمة السوق الاسود في تجهيز دولارات الاستيراد في حدود (5) مليار و(800) مليون دولار أي أزيد من عطاء بنك السودان وبفارق كبير، وعليه فإن بنك السودان لن يكون مسيطراً على سعر الصرف وهذه الحقيقة تقلب الموازين بالنسبة لميزانية 2012م وقد لاحظنا أنه قبل التاريخ الرسمي للانفصال في 9 يوليو 2011 قد وصل سعر الدولار الى ما يزيد عن (4) جنيه سوداني وهذه الحقيقة ليس في إمكانية بنك السودان السيطرة عليها لعدم قدرته على ضخ دولارات للمستوردين، وفقدان السيطرة على سعر الدولار سيؤثر على أسعار السلع المستوردة من غذاد ودواء ومدخلات إنتاج زراعي مما يؤثر تأثيراً بالغاً في أسعار السلع الضرورية هذه، وبالتالي انعدام قدرة بنك السودان ووزارة المالية السيطرة على الأسعار والحفاظ عليها كما كانت عليه دعك من خفضها!!.
٭ ميزانية 2102م إشارة لإنطلاق ثورة الجياع
ميزانية 2012م الموضوعة الآن أمام المجلس الوطني تُقدر إيرادات 2012م بحوالي (42) مليار جنيه سوداني وقد قدرت الأداء الفعلي حتى نهاية 2011م. إن الإيرادات في حدود (22) مليار و(700) مليون جنيه والسؤال هو كيف لإيرادات 2012م أن تتجاوز الإيرادات التقديرية لعام 2011م والتي كنات تتمتع بنصف بترول الجنوب حتى 9 يوليو 2011م؟ وبالإضافة الى ذلك فإن عائدات تصدير النفط تأتي متأخرة حوالي أشهر في بعض الفترات وبعد 9 يوليو ستتسلم وزارة المالية الاتحادية عائدات البترول لمدة 3 أشهر إضافية حتى منتصف شهر 10 وهذا ايضاً يضيف الى استحالة أن ترتفع الايرادات في 2012م كما كانت في 2011م.
إن إجمالي الإيرادات تشمل الضرائب المباشرة وغير المباشرة وعائدات النفط واجرة ترحيل ونقل بترول الجنوب.. ولنأخذ ذلك بالتفاصيل:
إن الضرائب المباشرة على رجال الاعمال والمستثمرين في السودان كان اداؤها الفعلي التقديري للعام 2011م مليار و(400) مليون جنيه، ولكننا نلاحظ انخفاضها في عام 2012م الى (578) مليون فقط، أي بانخفاض (561) مليون جنيه وهذا يدعو للدهشة إذ أن الحكومة التي تحاول نقل نتائج سياساتها الى ظهر المواطن العادي مؤدية لتهدور معيشته لا تفعل ذلك بالنسبة للمستثمرين ورجال الأعمال السودانيين. لقد كانت الضرائب المفروضة على رجال الأعمال حتى قبل سنوات قليلة هي 30% من صافي أرباحهم ولكن تم تخفيضها الى 15% قبل عامين والآن من جانب الحكومة ومن جانب رجال الأعمال كان يتوجب النظر الى رفع الضريبة الى 30% مرة أخرى على أقل تقدير، ولكن يبدو أن مثل هذا الإجراء قد يفض الحلف ما بين الحكومة ورجال الأعمال القدامى والجدد وبالطبع أن هناك رجال أعمال جدد قد أصبحوا أثريا ثراءً فاحشاً وتمكنوا من أموال طائلة وهم صناعة انقاذية كاملة الصنع.. والآن يتوجب عليهم التطوع بالمزيد من المال كضريبة أعمال تُضاف الى الميزانية، ونحن نرى عائدات ضريبة الاعمال قد انخفضت في تقديرات 2012م بمقدار (561) مليون كما أسلفنا، مقارنة بما تمت جبايته منهم خلال 2011م.
٭ تناقضات الميزانية ما بين الأزمة العالمية والبنود
من ضمن التقديرات هناك ضرائب السلع والخدمات والتجارة والمعاملات الدولية وإن الضريبتين تساويان (8) مليار و(300) مليون جنيه وهي الضرائب التي سيتحملها المواطن العادي في زيادة فقره ومعاناته ويمكن مقارنة ذلك بما أسلفنا مما يتحمله رجال الأعمال الذين أثروا أيام الانقاذ وضعت للمنح (وهذه هي منح خارجية) مبلغ مليار و(306) مليون جنيه لعام 2012م مع العلم بأنها كانت في عام 2011م (1089م) مليون جنيه وكلنا نلحظ أن الدول الغنية مازالت تعاني من آثار الازمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008م وتواصلت بدرجات متفاوتة حتى يومنا هذا وأصبحت تلك الدول مشغولة بأمر اقتصادها في اليابان والاتحاد الأوروبي وأمريكا بما لا يسمح لها بمساعدة الدول الفقيرة وتحديداً السودان الذي مازال يواصل احترابه في جنوب السودان الجديد .
وجاء في كتاب مشروع موازنة 2012م أن هناك إيرادات أخرى تساوي ما يزيد عن 31 مليار جنيه وقد كانت إيراداتها في عام 2011م هذه الأُخر تساوي ما يزيد عن 11 مليار وايضاً أشا راليه مشروع موازنة 2012م كإيرادات تقديرية؛ هذا فيما يتعلق بالباب الاول.
٭ تناقضات الإيرادات والمنصرفات
في الباب الثاني (تقديرات المصروفات 2012م) تأتي في مقدمة المصروفات تعويضات العاملين وهي تشمل الأجور والمرتبات والمنافع الأخرى للعاملين، ونرى أنها قد كانت في حدود (10) مليار و(971) مليون جنيه حسب تقديرات العام 2012م. وقد زدنا على الانفاق في الأجور والمرتبات عن العام السابق وظلت الحكومة تعد بتقليل الانفاق على الجهازين التشريعي والتنفيذي ولكن تفاصيل ذلك تقول إن اجمالي مرتبات قطاع الدفاع والأمن والشرطة قد كانت تعويضات العاملين المقدرة لهم في 2012م تساوي (6) مليار و(154) مليون جنيه من جملة تعويضات العاملين ومقدارها (10) مليار و(971) مليون جنيه أي حوالي 65% من جملة المرتبات، ويبدو أن الحديث عن حكومة صغيرة الحجم وكبيرة الكفاءة هو شعار لم يتم تطبيقه وأن ميزانية الحرب التي تواصلت منذ مجيء الانقاذ للسلطة وحتى هذه الميزانية التقديرية جعلت من غير الممكن تخفيض نفقات جهاز الدولة من ناحية الأجور، كما نجد أن قطاع الدفاع والأمن والشرطة قد جاءت تقديراته لشراء السلع والخدمات بمقدار حوالي مليار جنيه أخرى بالإضافة الى كل ما يحمله بند من البنود الممركزة وما يحدد في الميزانية من مصروفات . إن مبيعات النفط ستكون (4) مليار و(780) في عام 2012م مقارنة بمبيعات النفط عام 2011م بمقدار (7) مليار و(973) مليون جنيه والسؤال كيف يمكن ذلك وعام 2011م كنا نتسلم عائدات النفط من نفس نفط الجنوب؟ نصف بترول الجنوب حتى 9 يوليو 2011م بالإضافة الى تلقينا عائدات صادر البترول المتأخرة السداد كما أسلفنا، وهذه تقديرات مبالغ فيها لعام 2012م ونجد أخرى ثانية لتقديرات الايرادات عام 2012م بمقدار (6) مليار و(590) مليون جنيه في تقديرات عام 2012م مرتفعة من مبلغ اقلق من (3) مليار في عام 2012م فكيف يمكن لهذه الأخرى الثانية أن ترتفع لهذا المستوى؟.. أما الطامة الكبرى في تقديرات الايرادات فقد جاءت فيما يتعلق بإيجار وسائل نقل البترول لحكومة الجنوب ووضع عليها في تقدير 2012م (6) مليار و(560) مليون جنيه مرتفع مما تم دفعه خلال عام 2011م لنقل البترول جميعه من مبلغ (2) مليار و(376) مليون جنيه وهذه قفزة كبرى تأتي نتيجة للموقف المتعسف الذي تتخذه حكومة السودان ومن طرف واحد لرفع خيالي لتكلفة نقل البترول من الجنوب، ولابدَّ أن ننوه هنا أن هذين الرقمين في عامي 2011 2012 كرسوم لخدمات وعوائد جليلة هي تشمل نقل بترول الجنوب والشمال والصينيين والماليزيين وأُخر، ولكن القفزة الكبرى قد جاءت مما تحلم به حكومة السودان من رفع خيالي لأسعار نقل البترول من جنوب السودان الشيء الذي لن يتحقق لأن ما جاء على لسان حكومة السودان لهذه الرسوم هو تقدير عشوائي لا علاقة له بأرض الواقع، إذ أن الفارق بين العائد للعامين 2011 2012 هو زيادة تساوي 280% في 21 مقارنة بما حدث فعلاً من رسوم في عام 2011م كما أن ما تطلبه حكومة السودان وبعشوائية بالغة لن يتحقق عند اي مفاوضات وحتى إذا اعتبرناه موقف تفاوضي فإن فيه الكثير من الابتزال للحقائق التي تشير لها هذه الرسوم ولا يتماشى أيضاً مع التجارب الدولية في رسوم العبور ونقل البترول والغاز وغيرها، هذه هي البنود الرئيسية للإيرادات وها نحن نعلن طعناً قوياً في إمكانية تحقيق ما أشارت اليه.
٭ الإنفاق على الحرب و التحويلات
نرى أن أغلبها سينفق على قطاعات الأمن والدفاع والشرطة، وهذا يتماشى مع ضرورة وجوداجهزة القمع والحروب المتجددة التي تأتي من أصحاب التركيز على حلول المشاكل الاجتماعية عن طريق الحسم العسكري.. هذا الطريق الذي جربناه كثيراً، وقد يؤجل الكثير من المشاكل الى الأمام ولكن الإنفاق العسكري في مثل هذه الظروف التي تتوقف فيها الحكومة الاتحادية عن التفاوض لإيقاف الحرب وتنزع للمزيد من المعارك في جبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي وهو جنوب السودان الحالي بعد أن ذهب جنوبه الأصلي .
أما التحويلات الى الولايات، فمن المفترض أن تقوم على مستوى أعلى من التحويلات السابقة حتى نسير في طريق سد المفارقات التنموية بين المناطق المهمشة وغيرها وإننا نجد أن تحويلات الولايات تنقسم الى جزئين..
الأول هو: تحويلات جارية لدفع الأجور وغيرها من منصرفات التشغيل في الولايات ويذهب الجزء الأصغر الى منصرفات التنمية الرأسمالية، وهذا بعكس ما هو مطلوب من تحويلات للولايات أزيد وأزيد لسد الفجوة التنموية بين الولايات المتقدمة نسبياً تنموياً والمهمشة، فالتحويلات الجارية تذهب لتغطية مرتبات خدمات التعليم والصحة والمياه وغيرها في المناطق النامية نسبياً ولكنها تحرم الولايات المهمشة من تلقي تحويلات تساعد في التنمية وتقليص الفجوة التنموية بين الولايات المختلفة .
أما الباب السادس وهو المتلعق بالتنمية في هذه الموازنة فهو يعطي قطاع الزراعة والري والثروة الحيوانية حوالي 10% من جملة الانفاق التنموي المتوقع لعام 2012م وهكذا يتواصل إهمال تنمية الزراعة بشقيها النباتي والحيواني واهمال مشروعات حصاد المياه في القطاع المطري التقليدي وإهمال الثروة الحيوانية وتنميتها، هذا رغم كل الصراخ بضرورة الاهتمام بالنهضة الزراعية والحيوانية والنباتية وهي أصل البلاء الذي أدى لكل هذه الأوضاع بالغة السوء التي نعيشها الآن، ولكن قلَّ من يتعظ من تجاربه ولا نقول أكثر من (اعدلوا هو أقرب للتقوى). فالأوضاع الحالية تشير الى أن كل المعالم والأسباب التي أدت للحرب في السودان مازالت شاخصة ولم تتم معالجتها وبهذا فإننا نؤسس لمواصلة الحرب وليس لسلام مستدام في السودان .
٭ كانت تلك حصيلة جلسة رقمية نادرة مع الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج حول ما جاء في موازنة العام 2012م..
إن ما بهذه الأوراق يغني عن أي تعليق ويجعل الحقائق بين دفتي بصر وبصيرة المواطن.. ومن ثم يجعل له القرار.. فليس لأحد سواه من حق لتحديد الخيارات.. هذه هي المعادلة فالمصير مصير المواطن.. والقرار قراره .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.