مازالت الذاكرة الدرامية العربية قادرة على أن تستذكر المسلسل المكسيكي «كاسندرا» الذي كان يجعل المواطن العربي يضبط مواعيده على اوقات بث المسلسل، بحيث لا تضيع منه مشاهدة اي حلقة، والسبب بالطبع لا يعود للمضمون الدرامي الخارق للمسلسل بقدر ما يعود لجمال البطلة «كاسندرا»، التي كانت تطل على المشاهد العربي بوجها الجميل والبهي وشعرها الأشقر. وقد احتاجت الدراما العربية إلى وقت طويل كي تعيد تأثيث مضمونها الدرامي من جديد كي تجب مثل هذا المسلسل وغيره من المسلسلات المُدبلجة حيث نهضت الدراما التلفزينية المصرية باعمال درامية لافتة ومتميزة، وتبعتها في ذلك الدراما السورية في اعمال درامية متميزة. لكن التكرار في المضمون التلفزيوني الدرامي المصري والسوري واجترار المواضيع والافتقار الى الوجوه الجديدة وربما الجميلة ايضاً قد أفسح المجال للمسلسلات التركية هذه المرة. والمسلسلات التركية التي اعتمدت اللهجة السورية في التعبير عن مضامينها، مع أن الأذن العربية تدربت واعتادت على سماع الدراما باللهجة المصرية، الا أن نجاح الدراما السورية جعل المسوق لمثل هذه المسلسلات يعتمد اللهجة السورية والدمشقية تحديداً. والغريب أن المسلسل التركي برغم حلقاته الماراثونية والتي يصل عددها احيانا الى ما يزيد عن المئة حلقة، يحتمل المشاهدة والمتابعة، وذلك على الأغلب لأسباب غرائزية عند المشاهد العربي على تنوع الاعمار عنده وتنوع الجنس بين ذكر وأنثى، ذلك أن الجهة الانتاجية تختار بطلة فائقة الجمال، مثلما تختار بطلا فائق الجمال والوسامة مثلما حدث في مسلسل «مهند ونور». والأكثر غرابة هو أن مضمون المادة الدرامية يكون عادياً جداً، لكن مؤلف العمل يحوله الى بؤر بخيلة وبطيئة وركيكة وساذجة سرعان ما تتكاثر وتتوالد مع كل حلقة، لتتحول الى ما يُشبه الكابوس العنكبوتي الدرامي. وهذه الايام تبث احدى الفضائيات العربية المتخصصة بعرض مثل هذه الدراما مسلسل تركي بعنوان «بائعة الورد» الذي تقوم ببطولته «لميس» التي استحوذت بجمالها الغجري على عقل البيت العربي بنسائه وذكوره وصباياه. هذا يحدث مع أن القصة سبق وان جسدتها كل الاعمال الدرامية العربية والعالمية. ان المسلسلات التركية تفعل فعلتها في العقل العربي بشكل احتلالي، وأخذت تدمر بعض البيوت باغواءاتها الساذجة، وقدرتها على اثارة الغرائز الساذجة أيضاً. بقي ان نقول كان الله في عون جيل تتم سرنمته عند كل مطلع كل ليلة، وقبل كل نوم.