** ومن لطائف تيراب الكوميدية، يحكى أن أحدهم عاد الى قريته مع أول الليل مترنحاً من وطأة أم الكبائر، فوجد القرية كلها تبحث عن طفل مفقود اسمه هيثم، فشرع يبحث معهم - من شارع لي شارع، ومن زقاق لي زقاق - وهو يردد بأسى ( ياسلام ياخ، بالله هيثم إتفقد؟، والله ده فقد للوطن).. وأصابه الرهق، فعاد الى منزله وهو يسب ويلعن (ياخ بلاهيثم بلا بلولة، نحن ناقصين بشر؟، إن شاء الله مايتلقي).. وقبل أن ينام، ومع أول الفجر، سمع زغاريد النساء وتهليل الرجال، فخرج إليهم سائلا عن السبب، فأخبروه بأنهم وجدوا هيثم..فحدق في طفل يتوسطهم، ويبدوا أنه كان دميماً، وسألهم بدهشة ( ده هيثم؟)، فأجابوا بنعم، ثم كرر السؤال ( بالله ده هيثم الساهر بينا الليل كلو؟)، فأجابوا بنعم .. فغادرهم قائلا ( على الطلاق أنا لقيت الشافع ده قبل العشاء ستاشر مرة ) ..!! ** وهكذا تقريباً لسان حال الوفد الذي أرسلته الحكومة الى أديس لتفاوض قطاع الشمال ولتبحث عن السلام وتأتي به الى الخرطوم..لقد ذهب الوفد ثم بحث عن السلام في دهاليز قطاع الشمال، وعندما أصابه الرهق والعجز، عاد الى الخرطوم لا ليعترف بعجزه، بل ليقول : ( لن نتفاوض مع قطاع الشمال ، لأنه السبب في إنهيار السلام)، أي لسان حال الوفد، كما لسان حال ذاك الطاشي شبكة، (بالله انتو كنتو عايزينى افاوض ليكم وإجيكم بقطاع الشمال؟، على الطلاق أنا لقيتو ستاشر مرة)..!! ** نعم، تصريحات كمال عبيد، أول البارحة بالإذاعة، مدهشة للغاية، ونقتبس منها على سبيل المثال ما يلي : ( الأمين العام لقطاع الشمال - رئيس الوفد المفاوض - غير مرحب به في جولات التفاوض)، فلنتأمل هذه البساطة المراد تمريرها على عقولنا.. وهنا نسأل بكل براءة : الأمين العام غير مرحب به - في جولات التفاوض - من قبل من؟..بالتأكيد غير مرحب به من قبل وفد الحكومة، إذ ليس للوسطاء حق الترحيب أو الرفض..وعليه يصبح السؤال : هل لوفد الحكومة حق إختيار رئيس وأعضاء وفد قطاع الشمال المفاوض، بحيث لا يرحب بعرمان ويرحب بعقار، مثلا ؟.. ربما، إذ كل شئ في نهج كمال عبيد (جايز وممكن)، ولذلك نقترح - لسيادته - بأن يصدر قراراً بتشكيل رئيس وأعضاء الوفد المفاوض لقطاع الشمال، ثم يذهب ويفاوض الذين ( عينهم قراره)، ثم يأتي بهم مكرهين.. وبهذا يستحق كمال بأن يتوج (ملكاً)، وليس رئيساً للوفد الحكومي ..لم لا، وهو الذي يلزم قطاع الشمال بالمرحب به ليبعد غير المرحب به ..؟؟ ** ذاك شئ، والشئ الآخر، هو ما يلي نصاً، وهو حديث - لوتعلمون - خطير للغاية : ( لن نتفاوض مع قطاع الشمال، إنما مع أبناء الولايتين الذين يرغبون في حل القضية حلاً نهائياً)، هكذا يواصل كمال عبيد في غرس بذور العنصرية في جسد (ماتبقى من الوطن )، وليس في الأمر عجب، إذ نهج كمال جزء من (نهج حزبه)..القضية التي يجب حلها حلاً نهائياً طرفها قطاع الشمال، وليس النوبة والأنقسنا والفونج والمابان وغيرها من القبائل التي يسميها كمال عبيد ب(أبناء المنطقتين)..البلد لم تحصد من منطق فرق تسد - في السنوات الفائتة - إلا التمزق، ولن تجني من هذا المنطق - في حال التواصل - إلا المزيد من ذات التمزق، فليتبه كمال عبيد وليبتعد عن منطق ( أقلام الإنتباهة الغافلة)..فالذين يحملون السلاح بجنوب كردفان والنيل الأزرق لايمثلون قبيلة ولامنطقة ولاجهة ولاعنصر، ولكنهم يمثلون ( الحركة الشعبية قطاع الشمال)، والتفاوض يجب أن يكون سياسياً مع هذه الحركة، بدلا عن يكون إثنياً أو عرقياً مع من يسميهم ب (أبناء المنطقتين)..أحدهم كتب بالإنتباهة نصاً ساذجاً فحواه (ياسر عرمان لايمثل المنطقتين)، إنها ذات طرائق التفكير التي فصلت الجنوب، وأربكت نسيجنا الإجتماعي الذي كان متماسكاً، ولو تأنى هذا الساذج قليلاً لسأل نفسه : فهل كمال عبيد يمثل المنطقتين (عرقياً وقبلياً) ..؟؟ .. نعم، هوية ياسر عرمان لاتمثل المنطقتين فقط ، بل تمثل كل مناطق السودان، إذ هويته سودانية وكذلك طرائق تفكيره، وهذا يكفي .. وهذا ما يميز ياسر عن (بلهاء الإنتباهة)..!! ** وبالمناسبة، لقد إستحسنت تساؤل الأخ يوسف عبد المنان بالمجهرالسياسي ، إذ سأل كمال عبيد بمنتهى الوضوح : ( إذ أبعدت الحركة الشعبية من وفدها المفاوض ياسرعرمان ووليد حامد، وجاءت بمالك عقار وعبد العزيز، فهل يتنازل كمال عبيد عن رئاسة الوفد الحكومي لمركزو كوكو وحسين حمدي؟) .. ثم واصل يوسف حائراً أمام منطق كمال عبيد : ( من يصغي اليك وانت تتحدث عن عرمان بانه لايمثل النوبة، تنتابه الشكوك بأن كمال عبيد من طروجي أو قردود أو ردمي ).. شكراً للأخ يوسف على عمق التناول والطرح، وليتهم يفهمون مقصدك، وهذه هي قيمة أن تكون سودانياً في التفكير، حتى ولو تباينت الأفكار السياسية والإنتماءات الحزبية.. على كل حال، نريد سلاماً رغم أنف دعاة الحرب والفتن، ونريد ديمقراطية رغم أنف هواة البطش والتنكيل، ونريد عدالة يتساوى تحت ظلالها كل أهل السودان..وعليه، فلتجر الحكومة تغييراً جذرياً في تفكيرها، وكذلك في وفدها المفاوض، بحيث يكون رئيس الوفد سودانياً في التفكير، وليس مهماً أن يخطئ أو يصيب، وكذلك ليس مهما أن ياتي بالسلام أو لا، فالمهم جدا هو أن يكون ( سودانياً في التفكير) ..أي لاتفكر له (أقلام الإنتباهة) ..!! الطاهر ساتي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته