** قبل ما يزيد عن العشرين عام، شاهدت هذا الفيلم .. ومع ذلك، لاتزال تفاصيله في الخاطر .. أمريكياً، من ولاية تكساس، يتجول بسيارة قديمة في وسط المدينة، مصطحباً طفلته ذات الخمسة عشرة ربيعاً..ساقهما القدر إلى محطة وقود يعمل فيها أحد الألمان، وتجاذبا الحديث.. العامل لم يكن مهذباً، إذ تحرش بالطفلة وخاطب والدها وهو لايعلم بانه والدها : زوجها لي مقابل بعض المال، فالألمان - كما تعلم - يحبونها صغيرة.. وما كان من الكاوبوي إلا أن يرد عليه بالرصاص، حيث أراده قتيلاً..ثم واصل مخرج الفيلم بخلق معارك طاحنة بين هذا الأب والألمان في قلب العاصمة الأمريكية، ثم نقل المعارك إلى ألمانيا.. وكالعهد بهم دائماً في أفلامهم : انهى المخرج الأمريكي الفيلم بخروج الكاوبوي من ألمانيا منتصراً بواسطة فرق إنقاذ من ذوي الرؤوس الحليقة والوجوه المكحلة بالرماد ..كل المعارك، بكل مجازرها، في البلدين، فقط لأن عاملاً بمحطة وقود قال في لحظة طيش ( الألمان يحبونها صغيرة)، وهكذا اسم الفيلم أيضاً، فابحث عنه في المواقع، قد تجده بكل معاركه ومجازره ..!! ** وهناك الف وسيلة ووسيلة - غير هذا الفيلم - لترسيخ ثقافة مكافحة زواج القاصرات في المجتمع .. وما كان هذا العمل الدرامي إلا محض رسالة مناط بها مهمة توعية مجتمعاتهم وتحريضها لمكافحة ظاهرة زواج القاصرات، مهما كانت الأسباب ومهما بلغت الخسائر في أوساط غير القاصرين والقاصرين، أو كما عكستها المجازر الدامية بالفيلم .. وفي الأسبوع الفائت، ينشر صندوق الأممالمتحدة للسكان تقريراً مخيفاً حول هذا الأمر، إذ يقول التقرير : (أكثر من 14 مليون فتاة، تحت سن الثامنة عشر، ستزوجن سنوياً خلال العقد المقبل، وقد يرتفع العدد إلى 14 مليون فتاة ما بين العام 2021 والعام 2030، ومع زيادة زيجات القاصرات ستزداد نسبة الوفيات بين الفتيات).. بعد تلك المعلومة، يحذر الصندوق الاممي بالنص : ( زواج القاصرات - وفق المواثيق والعهود الدولية - إنتهاك للحقوق الأساسية للإنسان).. ولذلك، لم يكن مدهشا إعلان (185 دولة)، بأن سن (18 سنة) هو السن القانوني للزواج، ومادون ذلك يعاقب ولي الأمر بالقانون.. ولكن، هناك دول بالعالم الثالث - والأخير طبعاً - لاتزال غارقة في بحر إنتهاك الحقوق الإنسانية، بحيث تترك لمجتمعها حرية إرتكاب الجرائم، وذلك بتحديد سن الزواج فتياتها حسب أهواء أولياء أمورهن ، حتى ولو كانت الفتاة دون ال (15 سنة)، ناهيك عن السن القانوني (18 سنة) ..!! ** المهم، ما كان على الأمين العام للمسماة بهيئة علماء السودان أن يتحدث - أول البارحة - حديثاً يوحي للناس بأنه من المؤيدين لزواج الصغيرات.. فلنقراً حديثه غير المسؤول، إذ يقول بالنص : ( الإسلام لايمنع زواج الصغيرة، وأنه مباح)، هكذا قال في الندوة، وبهذا ضجت صحف البارحة..هذا الحديث - بكل صراحة - غير مسؤول، ويجب ألا يصدر من رجل شارع لم يفك الحرف، ناهيك بأن يخاطب به أمين عام هيئة علماء السودان مجتمعاً كما مجتمعنا هذا.. فالصغيرة - في مفاهيم مجتمعنا - هي الطفلة التي لم تبلغ سن الرشد، وهي القاصرة حسب قانون الطفل.. ووليس من الدين - ولا من مكارم الأخلاق- بأن ينشر هذا الرجل ثقافة زواج القاصرات في المجتمع، متحدياً كل الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة السالبة ومخاطرها العضوية والنفسية..في الإسلام، تختلف الروايات حول سن زواج السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولم تتفق كل الروايات على (9 سنوات)، ودونكم المواقع وكتبها وروايتها..!! ** وفي الإسلام، ياتي سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على فترتين زمنيتين، ليخطب لهما السيدة فاطمة رضي الله عنها، فيخاطبهما ب (أنها صغيرة)، ثم يزوجها لسيدنا علي كرم الله وجهه بعد أن تبلغ سن الرشد ( 18/21)، حسب الروايات .. وفي الإسلام، يخاطب المصطفى صلى الله عليه وسلم الشباب - وليس الأطفال والصغيرات - بالنص النبوي الشريف ( يا معشر الشباب، من إستطاع منكم الباءة فليتزوج).. وفي الإسلام، يفتي ابن عثيمين عليه رحمة الله، عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، ب (منع زواج الصغيرات).. فمن أي إسلام جاءنا أمين عام المسماة بهيئة علماء السودان بهذا الحديث غير المسؤول، والذي ألقاه على عواهنه بلا أي تقدير لمخاطره على مجتمعنا؟..فالإسلام ليس بدين ضرر ولاضرار، وكذلك يأمرنا الإسلام باستخدام العقل في إدارةالكثير من أمور دنيانا، وليس من العقل أن يبيح هذا الرجل غير المسؤول إغتصاب القاصرات تحت مسمى (زواج الصغيرات).. فليقرأ الأمين العام للمسماة بهيئة علماء السودان المخاطر الصحية والأضرار النفسية الناتجة عن زواج القاصرات والمسماة عنده بالصغيرات، ثم يتحدث حديثاً يتسق مع ( قيم الدين الحنيف و تفكير العقل السوي).. !! الطاهر ساتي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته