الوظيفة أو العمل بمختلف أنواعه يمثل للانسان سبيلاً لكسب العيش ويحفظ له كرامته ويمنحه القدرة على توفير مقومات الحياة، ومن الطبيعى جداً أن تصبح المرأة عاملة وموظفة لتوفير احتياجاتها على المستوى الشخصي او الاسري. وعلى الرغم من رفض الكثيرين لعمل المرأة الا انه يمثل لها حقاً مشروعاً كفله الدستور، كما ان العمل يمكنها من خدمة الوطن، وفي الآونة الاخيرة اصبحت المرأة تعاني صعوبة فى الحصول على الوظيفة ربما لعدم توفرها، والذى لا يعلمه الكثيرون انه لم يعد المؤهل العلمى او التحصيل الاكاديمى كافياً لحصول المرأة علي الوظيفة التى تريد. إن التسابق اصبح محموماً، فاغلب الوظائف تحظى بها الفتيات الجميلات فقط، كما اشار الاعلان الذى أثار جدلاً فى الصحف أخيراً الذى اشترط ان تكون المتقدمة للطلب بيضاء البشرة، وقد اثار الاعلان غضب الكثير من الناس وايضا الفتيات بما فيهن بيضاوات البشرة، ومثل للبعض تقليلاً من قيمتهن بوصفهن سودانيات، وكاد يفقدهن الثقة فى انفسهن، فى وقت اصبحت فيه المرأة تقف في صف واحد مع الرجل من اجل الحصول على العمل وتحقيق طموحها فى المجال الذى درسته. تقول الطالبة سحر أسامة بجامعة الخرطوم كلية الاداب: اذا كان التوظيف للجميلات وصاحبات البشرة البيضاء فقط فماذا تفعل اللائي حباهن الله ببشرة سمراء ويحملن درجة مقبولة من الجمال؟ هل يجلسن دون عمل؟ ام يستسلمن لمثل هذا الاعلان ويبحثن عن وسيلة اخرى تغير من لونهن كاستخدام الكريمات وغيرها؟ وتضيف سحر أن عدم حصول الفتاة او المرأة او النساء عموماً على الوظيفة ليس لعدم توفرها او لضعف التحصيل الاكاديمى، وانما لكثير من العوامل التى تواجهها فى سبيل الحصول على تلك الوظيفة، وبجانب الجمال ايضا المساومة لها دورها، فالجميع عندما يتم توظيف احدى الفتيات فى مؤسسة مرموقة ورفيعة المستوى يضع علامة استفهام كبرى امامه، ويتبادر الى ذهنه سؤال كيف تم توظيفها بهذه السرعة فى وقت اصبحت فيه الوساطة هى العامل الاساس للحصول على الوظيفة، حتى وإن كان المحصل الاكاديمى هو دافعها الاساسى لارتياد تلك الوظيفة. إذن المشكلة لا تكمن فى ان فرص العمل للجميلات فقط، فهنالك مؤسسات تتطلب أن تكون الفتاة جريئة فى تنفيذ كل ما يطلب منها، كما تقول الطالبة نهلة ابراهيم خريجة جامعة الخرطوم كلية الآداب التى تقدمت هى وزميلاتها لاحدى الشركات، حيث اجري لهن عدد من المعاينات التى كانت من شروطها ان تكون الفتاة جريئة فى عمل كل ما يطلب منها مقابل ان تحظى بهذه الوظيفة، واضافت نهلة أن هنالك الكثير من الفتيات اللائي يجدن مضايقات فى المؤسسة التى يعملن بها إلا انهن يظللن صامتات حتى لا يفقدن هذه الوظيفة. وأبانت نهلة أن هذه القضية لم تجد حظها من المناهضة من النسوة، وذلك لن يكون الا بالتضامن فيما بينهن وعدم الصمت من جانب كل فتاة تقدمت للعمل وحدث لها مثل ذلك. وغير بعيد من افادة نهلة تقول الطالبة نجلاء عمر إن المرأة اصبحت تعانى الكثير فى سبيل الحصول على العمل الذي باتت تحظى به الفتيات الجميلات وسيئات الخلق، وتعتقد ان عمل المرأة في كثير من المؤسسات بات مرتبطاً بتقديم كثير من التساؤلات، وتشير نجلاء الى ان التوظيف اصبح اختياراً بين امرين احلاهما مر، واضافت قائلة: «إما الحصول على الوظيفة والصمت حيال المضايقات او ترك الوظيفة للأبد»، رغم حاجتها واستحالة الحصول على وظيفة في الوقت الحالي.