أكد ممثل حكومة جنوب السودان لدى مصر والشرق الأوسط أنه لا تأجيل لموعد الاستفتاء بشان دوام الوحدة أو الانفصال عن الشمال، المقرر يوم التاسع من يناير طبقاً لبنود اتفاقية السلام (نيفاشا 2005). في لقاء مع القبس قال السفير فرمينا مكويت منار «لن نتراجع عن بنود اتفاقية السلام، وفي حال تراجعت الحكومة السودانية عن الاتفاقية لأي سبب سنلجأ الى الأصدقاء الضامنين للاتفاقية ومن بينهم مصر، علماً بأن حكومة الخرطوم كانت هي الطرف المتراجع دائماً عن جميع الاتفاقيات السابقة». وحول الخطوات المرتقبة إذا كانت نتيجة الاستفتاء مع استمرار الوحدة، قال: اتفاقية السلام تضمنت حلولا لمثل هذه الحالات، فان كانت النتيجة رغبة شعب الجنوب في دوام الوحدة، ستكون هناك فترة انتقالية لستة أشهر، يقوم خلالها ممثلون عن الحكومة السودانية، والحركة الشعبية لتحرير السودان بوضع الترتيبات الإدارية اللازمة». الانفصال آت آت واستطرد منار «لقد عانينا في الجنوب طوال ال 54 سنة الماضية من ويلات الحرب الأهلية، والرغبة في الانفصال ودفعنا ثمناً باهظاً لهذه الحروب بلغ حوالى 4 ملايين ونصف المليون ضحية بين عامي 1972 و1995، ومليونين ونصف المليون ما بين 1983 و2005، ولا نعتقد أن الانفصال سيكون أسوأ مما تعرضنا له». ورداً على سؤال مباشر، وواضح عن توقعاته اكد ان «الانفصال آت آت لا محالة، نحن نريد نموذجا مختلفا من الوحدة والتعاون. نريد ترسيم الحدود». مهيأون لإنشاء دولة ولكن ألا تعتقدون أنكم لا تملكون مقومات إنشاء دولة بما تحتاجه من مؤسسات، خاصة مع ضعف البنية التحتية؟ - هيكلية الدولة موجودة، وحكومة الجنوب المحلية قامت بخطوات كبيرة على صعيد تلبية متطلبات الشعب، وقطعت شوطاً واضحاً وجلياً على صعيد البنية التحتية، والتعليم سلاح، ولدينا عدد كبير من أبنائنا المغتربين في اوروبا والولايات المتحدة، وكثير من هؤلاء سيعودون الى الوطن حال وقع الانفصال، ولدينا ثروات طبيعية من نفط ومياه وأراض خصبة للزراعة. يواصل السفير منار حديثه: «مياه الأمطار كثيراً ما تهطل لثلاثة أيام من دون انقطاع مما جعل لدينا مخزوناً ضخماً من المياه الجوفية. نحن شعب قوامه يتراوح ما بين 12 الى 15 مليون مواطن، أي لدينا ثروة من الموارد البشرية، رغم أن إخواننا في الشمال يقولون أن عددنا لا يتجاوز السبعة ملايين». علاقات نسب ودم مع الكويت وبمناسبة الحديث عن الثروة النفطية، سألنا منار عن نواياهم (كمسؤولين جنوبيين) تجاه الثروة النفطية، وما إذا كانوا سيستعينون بخبرات عربية، كويتية مثلاً، فقال: «لقد أبرمت حكومة الخرطوم عقودا طويلة الأجل مع شركات شرق آسيوية، وللأسف فإن جل هم هذه الشركات كان سرعة استخراج النفط، فتسببوا في خسائر بيئية كبيرة، وإذا تم الانفصال سنقوم بمراجعة هذه العقود والاتفاقيات من دون تراجع عنها، ومع ذلك سنستعين بخبرات الأصدقاء، والكويت تحديداً تأتي في المرتبة الثانية بعد مصر من حيث التواجد، بفضل مستشفى الصباح للأطفال، والذي بالمناسبة أصبح في حالة لا تسر جراء إهماله لسنوات طويلة لظروف خارجة عن إرادتنا، كذلك لدينا المدينة السكنية المهداة من الكويت، والمركز الثقافي الكويتي في جوبا. نحن ندين بفضل كبير للراحل عبدالله السريع سفير الكويت الأسبق لدى السودان، فبفضله نحن نرتبط مع الكويت بعلاقات نسب ودم». ويضيف السفير فرمينا منار: لدى معلومات عن استثمارات كويتية في الطريق الى هذه الدولة الوليدة المتوقعة، والتي تتمتع بمقومات استثمارية كبيرة ومغرية ومنفتحة على العالم، ولدينا حالياً مشروع سياحي ضخم باستثمارات إماراتية، ونتمنى وجود الاستثمارت الكويتية بصفة خاصة، والخليجية والعربية بصفة عامة، فهم الاقرب إلينا». لسنا عرباً ولكن .. واستوقفتنا العبارة الأخيرة، فسألناه: لماذا هذا التمسك بالعرب، أأنتم عرب.. مع كل الاحترام لأصولكم؟ فتقبل المسؤول الجنوبي السؤال برحابة صدر، وقال: «بالفعل نحن لسنا عربا أصلاًَ، ولكن لدينا ثقافة عربية ممزوجة في دمائنا، كما أننا حالياً جزء من مشروع الوطن العربي الكبير، وعندما ننفصل سنصبح دولة أفريقية متعددة الثقافات بحكم وجودنا السابق في دولة عربية أفريقية، وظروفنا جعلتنا منفتحين في تعاملاتنا مع الغرب، ولدينا عدد كبير من المسلمين في ظاهرة فريدة غير موجودة في أي مكان آخر في العالم، حيث توجد لدينا أسر تضم أكثر من ديانة، فتجد داخل الأسرة الواحدة أحد الأبناء مسيحياً، والآخر مسلماً، ويعيشون داخل بيت واحد. ويضيف فرمينا: عقب تحقق الانفصال سنتقدم بطلب عضوية لدى الجامعة العربية، وإذا رفض طلبنا سنتقدم بطلب آخر لنبقى ولو بصفة مراقب من دون أدنى عقد نفسية أو إحراج». النفط سيوحدنا مع الشمال هناك اتهامات لكم من أبناء الشمال ومن حزب المؤتمر الوطني الحاكم بأنكم أسأتم استخدام عائدات النفط، ولم تلتزموا بما هو مطلوب منكم تجاه الحكومة المركزية من التزامات مالية .. ما ردكم؟ - انها اتهامات تصدر بشكل غير رسمي، فضلاً عن أنها متبادلة، لن نتوقف كثيراً أمام هذه الصغائر لأن العجلة دارت. دعونا نتحدث عن مستقبل أفضل، النفط سيكون وسيلة لعلاقات قوية مع الشمال من دون دخلاء، فنحن لا نملك مصفاة للتكرير، ولا خط أنابيب مستقلا، وبناء على ذلك، فنحن بحاجة للأشقاء في الشمال. ويستدرك قائلا: «أود أن أوضح شيئاً مهماً، الانفصال لا يعني القطيعة والانقطاع ، وإنما ميلاد دولة مستقلة جديدة تتمتع بخصوصة شديدة مع الشمال، إذ هناك علاقات مصاهرة ودم وقبائل متزاوجة، ولن تغلق الطرق أو تتقطع الأواصر أمام كل هؤلاء بجرة قلم». أهلاً بالشراكة والاستثمار واختتم ممثل حكومة جنوب السودان لقاءه مع القبس بمناشدة الحكومة الكويتية، ورجال الأعمال للاستثمار في ظل البيئة الاستثمارية الواعدة والمنفتحة، وقال «لدينا مؤتمر مهم سيعقد في الجامعة العربية يوم الثاني من سبتمبر، لبحث سبل المشاركة في تعمير الجنوب، كما ستعقد ورشة عمل مماثلة في مملكة البحرين في نوفمبر ، ونأمل مشاركة الكويت في هذين الحدثين جنباً الى جنب مع عديد من الأصدقاء .. فنحن إذ نقدر كل ما تلقيناه من مساعدات من الأصدقاء ونشكرهم عليها، فإننا نقول لهم الآن كفى إغاثة، فقد جاء وقت الشراكة. والمستقبل بانتظارنا وانتظاركم».