أنشئت البعثة استنادا لقرار مجلس الأمن الدولي بالرقم (1590)والصادر بتاريخ 24مارس 2005م وفق أحكام الفصل السابع ،والذي رأي ان الحالة في السودان ما فتئت تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين . وحدد القرار ان ولاية البعثة تتمثل في دعم تنفيذ اتفاق السلام الشامل عن طريق رصد تنفيذ اتفاق وقف أطلاق النار والتحقق منه والتحقيق في الانتهاكات ،.والاتصال بالمانحين بشان تشكيل الوحدات المتكاملة المشترك ،ومراقبة ورصد تحركات الجماعات المسلحة وإعادة نشر القوات في مناطق انتشار بعثة الأممالمتحدة في السودان وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار ،والمساعدة علي وضع برنامج لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج حسبما دعا اليه اتفاق السلام الشامل ،مع الاهتمام تحديدا بالاحتياجات الخاصة للنساء والأطفال المقاتلين ،وبتنفيذ البرنامج عن طريق نزع السلاح طواعية ،وجمع الأسلحة وتدميرها . بين التمديد والرفض تشارف اتفاقية السلام الشامل علي بلوغ محاطتها النهائية عقب الانتهاء من تنظيم استفتاء جنوب السودان وانتهاء المرحلة الانتقالية في التاسع من يوليو ،فيما ينتهي التفويض الممنوح للبعثة في الثلاثين من ابريل القادم . وعلي خلاف السنوات الماضية تشهد عملية تمديد عمل البعثة جدلا بين المنظمة الدولية وحكومة السودان فبعثة اليونميس طلبت تمديد فترة عملها في كل من آبيي والمناطق الحدودية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب .أما الحكومة السودانية فقد أعلن وزير خارجيتها علي احمد كرتي في تصريحات صحفية نشرت في الثالث عشر من الشهر الجاري بأنهم يسعون لإقناع الحركة الشعبية للوصول لاتفاق لإنهاء مهمة البعثة في موعدها وجعل تلك النقاط الحدودية منزوعة السلاح . أما المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني فقد أكد في اجتماع عقده الأسبوع الماضي وبإجماع كل أعضائه ،علي إنهاء تفويض بعثة الأممالمتحدة وقواتها الدولية فور انتهائها وعدم التجديد لها مرة أخري . خيارات الأطراف حتى لحظة إعداد هذه المادة لم يصدر راي رسمي من قبل حكومة الجنوب او الحركة الشعبية لتحرير السودان ،وهو ما دفع (السوداني )لطرح التساؤل حول هذه القضية علي نائب رئيس المجلس الوطني والقيادي بالحركة الشعبية أتيم قرنق تساؤل حول موقف الجنوب والحركة حول قضية تمديد عمل بعثة (يونميس )وقواتها الذي سينتهي اجله في التاسع من يوليو القادم ،حيث رد قرنق بقوله ان خيارات وجودها من عدمه ستكون متروكة لخيار كل من دولتي السودان الشمالي والجنوبي وفقا لمل تقرره مصلحة كل منهما بوجود (يونميس )من عدمه ،اما حول وجود قوات يونميس بالمناطق المختلف حولها فاعتبر ان هذا الأمر متروك لتقديرات كل طرف من الإطراف . تباين مواقف يظهر هذا التعليق معطي أساسيا وهو ان وجهتي النظر بين الشمال والجنوب والحزبين الحاكمين فيهما حول تجديد تفويض بعثة (اليونميس )لا تبدوان متناغمتان وربما تكشف الأيام القادمات وقائع خلاف بين الطرفين حول هذه القضية . ولعل هذا الجدل وتباين وجهات النظر والمواقف من بعثة (اليونميس )والتجديد لها وللقوات العاملة معها بعد انتهاء تفويض مهمتها ،حفز مركز التنوير المعرفي تنظيم ندوة بمقره بالخرطوم عن (مستقبل القوات الأممية بالسودان )قدمها السفير عبد الرحمن بخيت . أشار بخيت في الندوة الي ان بعثة اليونميس جاءت ضمن الترتيبات المتعلقة باتفاقية السلام الشامل منوها الي ان السودان ولأول مرة في تاريخه يستضيف قوات أممية ،وطالب بخيت بإنهاء مهمة بعثة اليونميس في السودان مبينا انه ليس هنالك مبرر لوجودها وطالب الجهات المختصة بة وضع إستراتيجية لخروجها . مرجعيات اليونميس وتطرق لعدد من المرجعيات التي شكلت بموجبها البعثة الخاصة بالسودان والتي تمثلت في قرار مجلس الآمن رقم 1590الصادر في 24/3/2005م الذي نص علي إرسال 10الاف جندي 715شرطيا مع بعض العناصر المدنية الي السودان بموجب اتفاقية السلام الشامل .أما المرجعية الثانية فهي اتفاق الترتيبات الأمنية بين الشريكين لاسيما المادة (15)،بجانب تقرير الأخضر الإبراهيمي الصادر في عام 2000م حول إصلاح المنظمة الدولية ،والقوانين والأعراف التي تحكم الدولة المضيفة لتلك القوات . جدول زمني ونوه لوجود جدول زمني لقوات اليونميس ينص علي التخفيض التدريجي لها تناسبا مع النجاح في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ،الا ان هذا الأمر لاعتقاد مسؤولي المنظمة الدولية ان الشريكين لم يحققا نجاحات يتم بموجبها تخفيض قوات البعثة ،كما ان حالة التشاكس المستمر بين الشريكين بشان تنفيذ بنود اتفاقية السلام والقضايا العالقة التي لم تحسم بعد عززت تلك المخاوف . أسباب التضخم عزا بخيت ضخامة البعثة بالسودان ووصول ميزانيتها لملياري دولار أمريكي نتيجة للتقرير الذي قدمه الأخضر الإبراهيمي للأمم المتحدة بشان إصلاح المنظمة الدولية نفسها والذي أشار فيه الي ان فشل بعثات الأممالمتحدة في أداء مهامها في كل من كوسوفو والصومال ورواندا ناتج عن ضعف إمكانات البعثات وضعف حجمها ،حيث أوصي في تقريره بقوات أكثر عدد من حيث الجنود ومعدات اكبر . إستراتيجية الخروج واثني بخيت علي تصريحات كرتي التي أعلن فيها انتهاء عمل البعثة بالسودان وعدم تجديد تفويضها ،معتبرا ان ذلك يعني عدم رغبة الحكومة التجديد لها وانتهاء مهمتها في الثلاثين من ابريل المقبل وبالتالي عليها مغادرة البلاد في موعد أقصاه التاسع من يوليو القادم الي يمثل موعدا لنهاية الفترة الانتقالية وإعلان الجنوب كدولة مستقلة عقب ظهور نتيجة الاستفتاء باختيار الناخبين الجنوبيين للانفصال. وأضاف: ((بالتالي فليس هنالك ما يبرر وجود البعثة بعد ذلك التاريخ))، لكنه نبه لوجود رغبة من قبل حكومة الجنوب لتجديد واستمرار أمد البعثة. ودعا الأجهزة الحكومية لوضع إستراتيجية ترتب لخروج القوات الدولية مشيراً لوجود عدة أسباب تدعو لإنهاء عمل البعثة تتمثل في (تقاطع أنشطة البعثة مع السيادة الوطنية، ووجود مخاطر سياسية وأمنية جراء وجود 10 آلاف جندي بجانب حوالي 30 ألف آخرين في بعثات أخرى خلاف اليونميس حيث تصاحب مثل هذا العدد الهائل أنشطة لجيوب مخابراتية، سلوك بعض أفراد ومنسوبين لتلك البعثات سيما فيما يتصل بتعاطي الخمور وممارسة الجنس وصعوبة التعامل مع كوادر البعثة التي تتمريز بالذكاء)، مشيراً في ذات الوقت إلى أن البعثة نفسها تسببت في إرهاق إداري ومالي بالنسبة لبعض وزارات وأجهزة الدولة جراء متابعة أنشطة تلك البعثة . هناك ايجابيات:- رغم السلبيات التي تطرق لها البخيت، الا أنه أشار لعدد من الايجابيات لبعثة (يونميس) خلال فترة عملها بالسودان أبرزها توفير فرص عمل للسودانيين ومساهمتها في تأهيل بعض المطارات وإنجاح انتخابات ابريل 2010م واستفتاء جنوب السودان في يناير 2011م غبر استخدام مركبات وطائرات البعثة لنقل المواد المتعلقة بتلك العمليات. كيفية التعامل مع البعثة:- واقترح جملة نقاط يمكن أن تكون بمثابة موجهات للتعامل مع الأممالمتحدة وقواتها تشمل التنسيق بين الإدارات الحكومية من جهة والبعثة الدولية من جهة أخرى. اختتم حديثه بالتشديد على أهمية قطع الطريق أمام البعثة إذا تجاوزت التفويض الممنوح لها وضرورة الإلمام بمهام البعثة والتحاور معها. المشهد العام يشير حالياً إلى أن الأممالمتحدة قد تبدو في طريقها لإنهاء عمل أكبر بعثة لها لحفظ السلام في السودان والتي استمر عملها لست سنوات على الرغم من تمسك الأممالمتحدة باستمرار وتمديد العمل لبعثتها، ولكن ربما تشهد الفترة القادمة الوصول لنقطة وسط تجمع بين (إنهاء التفويض) و (إعادة تجديده) بطريقة تحول دون حدوث صدام بين الحكومة السودانية والمنظمات الدولية فالسياسة تعرف دوماً كيفية الوصول للمناطق الوسطي.. نقلاُ عن صحيفة السوداني 16/2/2011م