لعل احد بنود الاتفاق الذي وقعته تشاد والسودان قبل أربعة أعوام والمتعلق بالتعاون في المجالات الأمنية والعسكرية، ظل النقطة التي تحرك ساكن الخلاف بين البلدين، ويعتبر السبب الرئيسى وراء تفجر الأزمة بينهما لتدخل أجندة الحركات المتمردة الموجودة في تشاد ونظيرتها في السودان، وقد التزم البلدان بحفظ الأمن ودعم السلام، إلا أن تجدد الصراع وعدم التوصل لحلول أبقى على الخلاف القائم حتى وقت قريب. ولطفت الأجواء تحركات ايجابية ساقتها الحكومة السودانية عقب تسلم الدكتور غازي صلاح الدين ملف دارفور وزيارته الاخيرة لتشاد. وزاد من تلطيف اجواء العلاقات بين البلدين الترحيب الدولي بالمبادرة واهتمامه بمستقبل السلام في دارفور والاقليم. إزاء ذلك أوردت مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية التشادي سيقود وفد بلاده للسودان لبحث سبل العلاقات وتطويرها بين البلدين. ويرى مراقبون أن المؤشرات تتجه نحو السلام وتطوير العلاقات، الا ان البعض يرى استحالة استقرار وضعية العلاقات بين البلدين لاسباب لا تزال عالقة على السطح. الخبير في الشأن الدارفوري الأستاذ عبد الله آدم خاطر قال ل «الإنتباهة» انه ومن خلال التجربة التاريخية فإن البلدين تربطهما علاقة ثقافية واقتصادية، لكن بعد ظهور حركات التمرد بكلتا البلدين، دخلا في مواجهة غير معلنة، فيما يرى المجتمع الدولي عدم تجاوز الأزمة إلا عن طريق الحوار والتعاون الحقيقي. وزاد خاطر إن قضية دارفور في هذه الاثناء تتجه نحو الحل بما يحقق أهداف الدارفوريين، وهذا بدوره يساعد في عودة العلاقات وتحويلها الى وضعية أفضل. ويرى عبد الله أن تشاد تاريخياً تنظر الى السودان باعتباره الأخ الكبير، وهذا ما دفع السودان لتجاوز أخطاء عديدة ساهمت في حريق دارفور وتفجره. وكان البلدان قد تبادلا الاتهامات بينهما برغم الاتفاقيات التي تجرى من وقت لآخر، مما قلل من فرص التفاهم، ومع ذلك فإن التراجع والاحتكام لصوت العقل لم يفقد مكانه، إذ أن الرغبة في الحل هي طموح يضمن الاستقرار للكل، وهناك من يستبعد إمكانية حلول جذرية أو تطور في العلاقات بين البلدين مهما بلغ التفاهم وجرت الاتفاقيات. وفي ذلك قال الخبير السياسي الدكتور حسن الساعوري ل «الإنتباهة» إن العلاقات بين البلدين متقلبة وليس هناك اساس ثابت، اذ ان المتغيرات في العلاقة متعددة سواء مزاج الحركات المسلحة او مزاجات اصدقاء تشاد داخل وخارج القارة والسودان كذلك. ويرى الساعوري أن زيارة الوفد التشادي المرتقبة بقيادة وزير الخارجية لا يمكن الجزم بقدرتها على طي الخلافات نهائيا، فكل المفاوضات السابقة مؤشر واضح على عدم ثبات الأوضاع والعلاقات بين البلدين على طبيعة واحدة مستقرة. ويضيف الساعوري أن السلام في دارفور وفي تشاد اذا لم يكتمل ويضع حدا وحلا للحركات المسلحة، ستظل العلاقات متوترة وباقية كما هي عليه، وقد تكون زيارة وزير الخارجية محاولة كما بادر السودان. وبحسب مراقبين فإن الهدوء النسبي الذي تشهده حدود البلدين ربما يتيح فرص الحوار ويعزز الثقة تجاه التفاهم، وهو ما بدأ المجتمع الدولي يدفع به ويضعه على قائمة الحلول لإنهاء الصراع. وهناك اشارات خضراء أوردتها الحكومة السودانية حول خلافها مع تشاد، تجئ استكمالا لملف السلام في دارفور الذي خطا خطوات ايجابية بعد تكليف غازي صلاح الدين به. وكانت آخر زيارة لوزير الخارجية التشادي للسودان في عام 2007م، بعد الهجوم التشادي على بلدة سودانية راح ضحاياه عدد من أفراد الجيش السوداني، وقدم اعتذارا رسميا للحكومة السودانية التي أخذت موقفاً سلبياً من تلك التصرفات، وما بين تبادل الزيارات ومضمون النتائج، تظل العلاقات بين البلدين حتى الآن، أشبه بالنفخ في جسم مثقوب لا هو يمتلئ ولا يحبس الهواء بداخله..!! نقلا عن صحيفة الانتباهة 22/12/2009م