أرجأت مفوضية الانتخابات القومية إعلان النتائج الرسمية في الانتخابات التكميلية لولاية جنوب كردفان إلى «15» مايو المقبل، لاستكمال كل الجوانب المتعلقة بالفرز وعد الأصوات وجمع النتائج وتوقيع وكلاء المرشحين وممثلي الأحزاب عليها، وهذا التأجيل لإعلان النتيجة رسم علامات دهشة على الوجوه، خاصة أن المؤشرات والنتائج الأولية تشير لفوز المؤتمر الوطني بأغلب الدوائر الجغرافية، وفوز مرشحه لمنصب الوالي أحمد هارون بفارق كبير عن مرشح الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو. وهذا التأجيل لإعلان النتيجة التي كان من المأمول ظهورها يوم أمس الأحد، سبقته تصرفات غير مسؤولة من الحركة الشعبية بجنوب كردفان، عندما أعلن مرشحها وزمرته وغوغاء مناصريه أنه فاز في الانتخابات، فسيروا المواكب وأقاموا الاحتفالات وأعلنوا أنهم لا ينتظرون حتى النتيجة التي ستُعلن عنها المفوضية..!! هذا التصرف الأخرق لا ينم عن أي نوع من أنواع التعقل والحكمة والرشد السياسي، والغرض منه واضح كالشمس في رابعة النهار. فالحركة ومناصروها في الحزب الشيوعي السوداني وبعض حركات دارفور، أرادوا بهذه المسرحية السيئة الإخراج تعبئة قواعد الحركة وتحريضها لرفض النتائج عندما تعلن. وتعلم الحركة أن مرشحها لم يحقق الفوز، وتريد من هذه التهيئة التمهيد لإثارة الفوضى والاضطرابات في جنوب كردفان، وإدخال الولاية في دوامة من العنف والعنف المضاد، دون أن تتحسب لما سيأتي. وهناك تفاصيل كثيرة حول هذا المخطط، وقد عمدت الحركة قبل بدء عملية الاقتراع، لبث الشائعات بأن الانتخابات ستكون مزورة ولن تقبل بنتائجها، ورغم ذلك شاركت فيها في كل مراحلها، وتقول النتائج الأولية إن بعض مرشحيها فازوا في عدد من الدوائر الجغرافية، وربما يكون لها نصيب في مقاعد التمثيل النسبي والمرأة، فإذا كانت الأمور كذلك فهناك منافسة جرت في الولاية، وسارت الانتخابات بشكل نزيه وشفيف، بدليل فوز الحركة في دوائر كان فيها النزال الانتخابي حامي الوطيس. وحاولت الحركة منذ البداية التشكيك في كل ما يجري، فتارة تزعم أن المؤتمر الوطني حشد مليشياته من الدفاع الشعبي والمجموعات الجهادية، وتارة تدعو أمريكا للضغط على المؤتمر الوطني ليجلس مع قطاعها الشمالي لعقد اتفاقية لترتيبات أمنية جديدة، تضمن لها الوجود في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وللعجب فإن ياسر عرمان الأمين العام لما يُسمى بالحركة الشعبية في الشمال، بحَّ صوته وهو يتوسل ويطلب من المبعوث الأمريكي برنيتسون ليمان ومساعد وزير الخارجية الأمريكية جون كارلسون، التدخل وممارسة الضغط على المؤتمر الوطني لتقديم تنازلات والقبول بالجلوس معهم، والعمل على تمديد الاتفاقية الخاصة ببروتكولي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى حين انتهاء المشورة الشعبية والترتيبات الأمنية. فالموضع إذن ليس الانتخابات فقط، فالمطلوب من الحركة وحلفائها وخاصة الحزب الشيوعي الذي صار موطوءاً تحت نعال أمريكا وسقط متاعها، المطلوب تسخين الأجواء وتوتيرها وزعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة والنعرات العنصرية في جنوب كردفان، لإيجاد ذرائع للتدخل الضاغط من الولاياتالمتحدة وحلفائها، لجعل المؤتمر الوطني يذعن ويرضخ لصالح الحركة في الشمال. والمضحك أن تعلُّق عرمان وتشبثه بالثوب الأمريكي ولهاثه خلف الأمريكيين، هو بمثابة طوق النجاة الأخير لقطاع الشمال بالحركة ليبعده عن الغرق، وهو ظن خائب لا محالة، فلا الحركة ستكسب انتخابات جنوب كردفان سواء تم تسخين الشارع أو لم يتم، أو قامت الحركة وضربت برأسها أعلى الحجارة والصخور في جبال النوبة أو لم تفعل، فليس ذلك بمنجيها من الهزيمة، وسيعلم قادتها وحلفاؤها الفرق بين الوهم والحقيقة، ولكم أضاعت على نفسها وكوادرها فرصة التعلُّم في الملعب السياسي والاستعداد لجولات قادمة، لكنَّ ناطح الصخرة يوهن قرنه ولا يصيب الصخرة شيءٌ..!! نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 9/5/2011م