بقوتها الناعمة وجاذبيتها العالمية تتحرك ثورة 25 يناير في القارة السمراء بقلب مفتوح كما يتجلى في زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية حالياً لأثيوبيا للبحث في حلول تتعلق باتفاقية توزيع مياه نهر النيل التي تتحفظ عليها القاهرة. وتتفق العديد من الدراسات على أن تنامى قوة الدولة يعني تزايد قوتها الشاملة وبحيث تتصاعد قوتها الناعمة لتتكافأ مع قوتها الخشنة أو الصلبة فيما نوه المهندس أيمن عيسى رئيس مجلس الأعمال المصري-الأثيوبي بأن مصر بعد ثورة 25 يناير باتت أكثر جاذبية في الشارع الأثيوبي وأهمية التعامل مع المتغيرات الناجمة عن هذه الثورة الشعبية. وكان وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية لقى استقبالاً حافلاً لدى وصوله، صباح الجمعة الماضية، إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا وكان في مقدمة مستقبليه داود محمد وزير الدولة الأثيوبى للسياحة فيما أضفت فرقة فنون شعبية أثيوبية نكهة خاصة على مراسم الاستقبال. من جانبه قال الدكتور علي السلمي رئيس حكومة الظل في حزب الوفد صاحب مبادرة زيارات الدبلوماسية الشعبية لدول حوض النيل: إن هذه الزيارات تسعى لتوثيق علاقاتنا المباشرة مع هذه الدول ونقل رسائل مباشرة إلى حكوماتها وشعوبها بأننا حريصون على علاقات قوية وتعاونية معهم، في الوقت الذي أكد فيه ضرورة بذل جهود أكثر عبر الدبلوماسية الرسمية التي يجب أن تجري لقاءات مماثلة فيها. فيما قالت د. إجلال رأفت أستاذ الشؤون الأفريقية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن المشكلات بين الدول دائماً ما تكون على مستوى الحكومات والأنظمة الحاكمة سياسياً واقتصادياً وليس على مستوى الشعوب، مشيرة إلى أن زيارة الوفد الشعبي لأثيوبيا من شأنها التقريب بين الشعبين المصري والأثيوبي بما يدفع الدولتين لخيار التعاون والمشاركة، معتبرة أن هذه الوفود ستمهد الطريق أمام الوفود الرسمية لتوثيق علاقتها بأفريقيا خاصة دول حوض النيل. وأكدت إجلال أهمية أن يكون أعضاء وفود الدبلوماسية الشعبية على دراية واطلاع بمدى أهمية البعد الأفريقي لمصر، ومعرفة طبيعة المجتمعات الأفريقية وثقافاتها بما يسهم في توفر لغة تفاهم مشتركة، لكنها بينت أن زيارة أثيوبيا ليس بإمكانها تماماً تغيير موقفها أو إثنائها عن طموحاتها، نظراً لكون المسألة "فنية جداً وأعقد كثيراً مما نتصور والوفود الشعبية تقوم بتمهيد الطريق أمام المفاوضين الحقيقيين بما فيهم من قانونيين ومختصين في قضايا المياه والري واقتصاديين ودبلوماسيين رسميين. واعتبر الدكتور هاني رسلان، الخبير بالشأن السوداني بمركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، أن وفود الدبلوماسية الشعبية لدول حوض النيل تعد تحركاً إيجابياً ولها دور مهم في تعديل الصورة الإعلامية المغلوطة عن مصر لدى شعوب هذه الدول، لأنها تنظر إلى مصر باعتبارها قوة استعمارية سابقة وذات نظرة أنانية تريد الحفاظ على مصالحها بغض النظر عن مصالح الآخرين بحسب ما تبثه وسائلها الإعلامية. وأشار رسلان إلى أن مصر كانت رمزاً للتحرر والاستقلال في القارة الافريقية ولعبت دوراً كبيراً في تحررها. ورغم أن تمثيل الوفود الشعبية "رمزي وليس برسمي" إلا أنه أكد أن زياراتها سيكون لها صدى إيجاي في هذا المجال ولكن علينا ألا نتوقع أن تغير هذه الدول مواقفها تجاه أزمة مياه النيل، لأنها تعبر عن مصالح دول واستراتيجيات، كما تدخل فيها أدوار وأطراف دولية وإقليمية أخرى. وطالب رسلان بتكثيف مصر لجهودها، منوها بالدور الذي يمكن أن يلعبه الوفد الشعبي لأثيوبيا في دعوة الكنيسة الأثيوبية للعب دور مؤثر في تخفيف حدة العلاقات المتوترة بين البلدين لصلاتها وعلاقاتها العريقة والوثيقة بالكنيسة المصرية، حيث كانت في السابق جزءاً منها ويشرف عليها بابا الإسكندرية، ولها تأثير على وجدان الأثيوبيين، بما يمكن الاستفادة منه في الإشارة إلى أننا دول شقيقة وبيننا قواسم مشتركة. وأوضح الخبير بمركز الأهرام أن صورة مصر أصبحت إيجابية بعد ثورة 25 يناير لدى شعوب دول حوض النيل، لكن بسبب حال الارتباك وانشغال مصر بإعاة ترتيب البيت من الداخل بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في 11 فبراير الماضي، أدى لإضعاف صورة مصر بالخارج وساعد على القوى الأخرى من دول الحوض مثل اثيوبيا في تنفيذ مشروعها الطموح المتمثل في سد الألفية في ظل انشغال مصر. المصدر: الراية 13/5/2011