قد يتهمنا البعض بالجنوح إلى نظرية المؤامرة عندما نعتبر أن أميركا واسرائيل وراء كل ماجرى ويجري في المنطقة العربية، لكن مجريات الأمور تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة. إن علاقة الارتباط القوية بين إسرائيل وأميركا تشير بوضوح إلى أنهما وجهان لعملة واحدة، وبالتالي فإن الحفاظ على أمن إسرائيل، ودعم تفوقها العسكري على محيطها العربي والاقليمي، وتأمين المظلة السياسية لحمايتها من عقاب المجتمع الدولي على ارتكاباتها الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني، وبحق دول الجوار، والتلويح باستخدام حق الاعتراض الأميركي في مجلس الأمن «الفيتو» وكذلك الإمعان في التآمر على الدول العربية لتفتيتها وتمزيقها ونشر الفتن الإثنية والمذهبية في ربوعها، وتغيير معادلة الصراع من صراع عربي- إسرائيلي، إلى صراع عربي- عربي، وإلى صراع بين الأشقاء في البلد الواحد، ماهو إلا خدمة لعيون إسرائيل وعيون المصالح الأميركية لإحكام هيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية. لقد دمرت القوات الأميركية مقومات الدولة في العراق، وتقوم الآن بتدمير مقومات الدولة في ليبيا، وغذت عوامل الفتنة والاقتتال بين الإخوة والأشقاء في هذين البلدين، بعد أن دمرت البنى التحتية وشردت مئات الآلاف بل الملايين من السكان الذين كانوا يتمتعون بخيرات بلادهم النفطية والزراعية، وباتوا الآن يبحثون عن منظمات دولية لإغاثتهم.. ومخطط المؤامرة الذي تدعمه أميركا واسرائيل، وينفذه بعض الحاقدين داخل سورية وخارجها لايمكن أن نعزله عن الرغبة والمصالح الإسرائيلية.. فالمطلوب إشغال سورية عن التزاماتها العربية والإقليمية، ووقف عملية التنمية التي جعلت بلدنا يعتمد على موارده الذاتية ويستغني عن قروض البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو غيرهما. لقد تنبه الشعب السوري بجميع شرائحه لما يحاك ضد سورية، أميركياً وأوروبياً واسرائيلياً، وإلى ماتروجه فضائيات الفتنة، لاستجلاب التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية، وأعتقد أن المراهنة على وعي شعبنا هو الرهان الوحيد الذي سيوصلنا إلى بر الأمان ويقطع الأصابع الإسرائيلية الأميركية التي تمعن في إشعال الحرائق والفتن في أكثر من منطقة عربية وإقليمية. إن سورية القوية بشعبها طوقت ذيول المؤامرة، وتسير بخطا واثقة على طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي خدمة لمواطنيها، وليس استجابة للضغوط الخارجية. لان تلك الضغوط تستهدف الوطن والمواطن معاً. المصدر: تشرينالسورية 2/6/2011