عندما «لعلع» صوت الرصاص فى جنوب كردفان وتضاربت الأنباء حول مصير رئيس الحركة بالولاية عبد العزيز الحلو وعقب تحصن الرجل بالجبال، صور البعض قبيلة النوبة كأنها هى الحاملة للسلاح فى وجة الحكومة. وذهب البعض إلى تصديق ذلك، خاصة ان عدداً من مناطق النوبة ظلت تعرف بالمناطق المقفولة، وفرضت عليها الحركة الشعبية سطوتها على حساب أهل تلك المناطق، وكثيرون منهم لا هم حركة ولا حتى مؤتمر وطنى كحال كثير من المناطق بالسودان.. لكن ربما هو الاعتقاد الذي ترسخ.. وذهب البعض لتصوير الصراع كأنه إثني وينحصر بين الحكومة وأبناء جبال النوبة. وقد كشف ابناء الجبال زيف تلك المعلومات، وقد قال ابن الجبال المرشح الرئاسي السابق لرئاسة الجمهورية منير شيخ الدين، إن هناك اعتقادا خاطئاً بأن النوبة جميعهم ينحدرون من منطقة واحدة، وصحح المعلومة بأن النوبة هي المنطقة التي تضم فى داخلها عدداً من القبائل يطلق عليها جميعا النوبة.. وذهب شيخ الدين إلى أن الحركة استغلت أهلهم وفرقت بينهم من خلال عقدها لمؤتمرات هتكت النسيج الاجتماعى لأبناء النوبة بالولاية. وذهب إلى أمر أخطر من ذلك في حديثه في ندوة ناقشت الشأن بجنوب كردفان الأسبوع الفائت، وهو أن تعامل الحركة مع أبناء الجبال على أساس ديني لم يكن متعارفاً عليه في المنطقة، واستدل بتسمية الحركة لأبناء النوبة في الحكومة المركزية وبجنوب كردفان من أبنائها المسيحيين مثل دانيال كودى وتابيتا بطرس وآخرين بحكومة كادقلى. ومما هو متفق حوله أن الحركة استفادت من النوبة باعتبارهم مقاتلين شرسين ساندوا الحركة منذ الثمانينيات. ويؤكد ابن الجبال مكي علي بلايل على أن ما دفع النوبة للانضمام للحركة هو إحساسهم بانتقاص المركز لحقوقهم، وقد يبدو هذا شعور طبيعي انسرب إلى نفوس أبناء كثير من المناطق في السودان تجاه المركز وعلى مر الحكومات المتعاقبة على السلطة. وعندما جاءت الحركة الشعبية بخطاب تحدث عن الهامش كانت مناطق جبال النوبة اولى المناطق التى انضمت لها، ولكن النوبة تفاجأوا بتهميشهم حتى داخل الحركة، وقد كان بروتكول المنطقة تخديراً لابناء الجبال، ودفعهم لمصادمة المركز، ولعل ما يحدث الآن يصور فى هذا الإطار. وكانت لجنة الإسناد الشعبي الإنساني التي تشكلت في أعقاب وقوع الأحداث، قد ضمت كل ألوان الطيف السياسي والإثني بالمنطقة، وكان على رأسها قيادات المؤتمر الوطني الوزير حاج ماجد سوار ابن الولاية. ورأى مراقبون أن ضم اللجنة لجميع مكونات الولاية واحد من العوامل التي أدت لتهدئة النفوس، وإبطال مفعول شائعة الحركة بأن ما حدث هو صراع بين الحكومة وأبناء النوبة. وفي هذا السياق يقول الصحافي المهتم بشؤون جنوب كردفان مراد بلة، إن ما جرى فى الولاية صراع بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وربما الحكومة نفسها بمنأى عنه، ولكن تطور الى استخدام القوة، فكانت الحكومة جزءاًَ منه. ويضيف في حديثه معي أن الحركة منذ قبل وأثناء الانتخابات أججت مسألة الإثنية، وهو أمر طبيعى منها، والحديث لمراد، لجهة كونها حركة غير واعية وتتخاطب بلغة السلاح لا العقل.. وقد تبرأت قيادات من أبناء الجبال في قوى سياسية مختلفة من مسلك الحركة ومحاولتها إقحام المنطقة في صراعها، منهم القيادى بحزب البعث د. صديق تاور كافي الذي أدان سلوك الحركة في ندوة بالخرطوم نهاية الأسبوع المنصرم، ووصف تجربتها بغير المشرفة لافتقادها للفهم والمشروع السياسي. وكشف مكي بلايل ابن الجبال سبق أن فاز بدائرة كادقلي المؤهلة للمجلس الوطني، وهو ليس منها، مما يعني ترابط المجتمع بجنوب كردفان في ذات الندوة التي نظمتها الزميلة «القوات المسلحة»، كشف أن الحركة لها أجندة صليبية دينية، ولها أجندة بجبال النوبة لا علاقة لها بالنوبة أو العرب، من ضمنها محاربة الإسلام في الجبال!! وهدد بأنهم لن يسمحوا بأن تكون مناطقهم ساحات للمناورة. قيادي بالوطني فضل حجب هويته، رفض الخوض في الحديث بحجة أنه حديث إثنى والحزب لا يتعامل مع القضايا من منظور إثني، ولكنه أكد أن أبناء جبال النوبة محل تقدير واحترام، والحزب يولي مناطقهم عناية خاصة، مستدلاً بوجود دائرة في الحزب معنية بالمنطقة وليس القبائل، وشدد على ضرورة التمييز بين المناطق وقاطنيها. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 19/6/2011م