تستهل اليوم الاحد مرحلة التسجيل و اعداد السجل الانتخابي التى تستمر لشهر كامل ، إيذاناً بدخول البلاد مرحلة جديدة ، طالما انتظرها الشعب السوداني و حلم بها ، و تتأكد بها جدية الحكومة فى اتمام التحول الديمقراطي و حلول ساعة التنافس الحر ، القائم على التناطح بالافكار و البرامج و الحوار المفتوح بين مختلف المكونات السياسية. و التحدي الكبير الذى يواجه المرحلة القادمة هو جدية كل الفرقاء السياسيين فى دخول حلبة الجدال السياسي و الفوز بأصوات المقترعين ، و إثبات ان الشعب السوداني قادر على صياغة اختياراته ونظام حكمه ، و يستطيع عبر قواه السياسية واحزابه ان يترجم شعار (التداول) السلمي للسلطة و جعله حقيقة واقعة ، بعد ان خاض سنين طوالاً فى أنهار الدم حتى أرتوت بها ارضه و لم تزل . لكن الذى نخشاه ان تكون الخطوة التى تبدأ اليوم نقطة خلاف جديدة بين شريكي الحكم اللذين لا يلبثان ساعة والا تبادلا الاتهامات و سعي كل واحد منهم الى دمغ شريكه بأنه لا يريد الانتخابات و يخشاها و ترتعد فرائصه من مجرد ذكرها . فبداية مرحلة التسجيل التى اعلنت عنها مفوضية الانتخابات هو مفوضية مستقلة و ذات كفاءة عالية و متفق عليها و تحظي برضاء و احترام الجميع ، جعلت هذه الفموضية من مرحة التسجيل بمثابة المحك الحقيق لصدقية كل اطراف اللعبة السياسية، و فى مقدمتها المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية، و فيما يبدو ان الاستعداد للتسجيل و اعداد السجل الانتخابي قطع شوطاً كبيراً فى الولايات الشمالية ، بينما لا تكاد تسمع له ركزاً فى جنوب السودان ، غير ان المفوضية تقول ان اكتمال الاستعدادت للتسجيل تمت فى كل ولايات البلاد ، بعد التنسيق الذى تم بين اللجان العليا فى الولايات و الاجهزة المختصة الاتحادية و الولائية ، كما اشار اللواء الهادي محمد احمد عضو المفوضية القومية للانتخابات. و نخشي ان تخرج الحركة اليوم، بموقف آخر تتلجلج به و تتحجج لتعطيل الانطلاقة نحو الانتخابات المزمع اجراؤها فى ابريل المقبل وليس بمستغرب ان تثير الحركة فى اللحظات الاخيرة حججاً واهية حول عمليات التسجيل ،و قد تتعلل فيها بمسألة الاحصاء السكاني الذى لا علاقة به بعملية التسجيل ، و تم السكوت عنه و قد تثير موضوع الاستفتاء من جديد ، كما فعل الامين العام للحركة ناقضاً غزل نائب رئيس الحركة د. مشار الذى اعلن بنفسه بعد اجتماع اللجنة المشتركة برئاسة السيد نائب رئيس الجمهورية ، عن تجاوز معضلة الاستفتاء . ستخرج الحركة الشعبية بمبررات و دعاوي واهية حتى تتحلل من التزاماتها تجاه العملية الانتخابية ، فالمعلوم انها لا تريد للانتخابات ان تتم، و تتمني لو استمر الوضع على ما هو عليه الآن ، ضاربة عرض الحائط بقطعيات اتفاقية نيفاشا و جداول تنفيذها ، و المواقيت المحددة لقيام الانتخابات ، وستحاول بعض الاحزاب السياسية المعارضة التي ضمتها سلة مؤتمر جوبا الاخير ، مناصرة الحركة الشعبية فى موافقها ، وستعمل على إذكاء نار الرفض للتسجيل او تدعو لمقاطعة الانتخابات. كل هذا سيكون مفهوماً فى اطار الهروب الكبير من الاستحقاق الانتخابي و الخشية من انكشاف الحال ، فالاحزاب السياسية و معها الحركة لا تريد ان يفتضح أمرها بضآلة كسبها السياسي ، و انفضاض الناس عنها، لبيعها الوهم و لهوانها على الناس اجمعين. ففي الجنوب لم تزرع الحركة الا الموت و التقتيل و الارهاب و قهر المواطن الجنوبي و نشر الصراعات القبلية و نهب الجنوب و امكاناته و خذلانه فى مجال التنمية و الخدمات، و تسخير الجنوب بامكاناته و موارده و أسواقه و إيراداته للخارج، و التلاعب بالمواطن الجنوبي كأنه دمية لا حول لها و لا وجود. هذا الواقع المزري فى جنوب السودان، و حال احزابنا التائهة فى بحر الضلال الموزعة الهوي ، يكذب اى إدعاء منتفش للحركة و حلفائها ، ولذا سيحاول كل هذا الركام المتجمع كالزبذ ايقاف القطار المتحرك نحو الانتخابات ،و يكذب ايضاً الوهم الذى تحاول تسويقه للشعب السوداني بأنها مع التحول الديمقراطي .. لقد حانت لحظة الحقيقة.. فمن يصمد ومن يصدق ؟