يستعد جنوب السودان لإعلان انفصاله عن باقي السودان السبت المقبل، ليصبح أحدث دولة في العالم، في تطور يدفع الأممالمتحدة لمراجعة أسلوب التعامل مع الجنوب وبناء روابط جديدة. ويرأس بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وفد المنظمة العالمية الذي سيشارك في مراسم الاحتفال بعيد الاستقلال في جوبا عاصمة الدولة الوليدة، إذ تخرج أمة من رحم عقود من الصراع مع حكومة بقيادة عرب الشمال في الخرطوم- باستثناء هدنة دامت ست سنوات بفضل اتفاق السلام الشامل الذي أبرم عام 2005 . وفيما تستعد جوبا للاحتفال باستقلالها السبت المقبل، يحتدم القتال الان حيث يشتبك الجنوب مع قوات من الشمال في جبال النوبة الواقعة في الجنوب، إذ تدور اشتباكات بين الجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات المسلحة السودانية التابعة للشمال في منطقة أبيي الغنية بالنفط، والواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب. وبدت الأمور وكأن كلا من الخرطوموجوبا تمكنتا من تسوية النزاع في جبال النوبة التابعة لولاية جنوب كردفان، الأسبوع الماضي، لكن بعد الموافقة على إنهاء القتال، لم يوقع أي من الطرفين على اتفاق رسمي، الأمر الذي دفع بان كي مون للإعراب عن شعوره 'بخيبة الامل ' عشية عيد الاستقلال. دعا الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف المتناحرة لتسوية النزاع عبر الحوار 'ووقف المشاحنات على الفور، وضمان حماية المدنيين وتوفير الدعم اللازم لتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين '. بالنسبة لجنوب السودان، فإن العمل وفق مقتضيات اتفاق السلام 2005 ينتهي السبت المقبل. كما ستنتهي مهمة عشرة آلاف من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في السودان التي كانت تراقب تنفيذ الاتفاق. وكان مواطنو جنوب السودان صوتوا في كانون الثاني/يناير الماضي لصالح الانفصال عن الشمال بأغلبية ساحقة. ويعتزم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع المقبل التوصية بمنح جنوب السودان عضوية الأممالمتحدة، وهو المقترح الذي من المتوقع أن تصادق عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبذا تصبح جنوب السودان- لدى انضمامها - العضو رقم 193 في المنظمة. ويخطط مجلس الأمن الذي يرأسه السفير الألماني بيتر فيتنج، للتصويت هذا الأسبوع على مشروع قرار يهدف لتوجيه مهمة أممية جديدة لجوبا. وسيوصي المجلس في الثالث عشر من تموز/يوليو الجاري بمنح عضوية الأممالمتحدةلجنوب السودان. وقالت الأممالمتحدة إنها تستعد للمرحلة التالية من انخراطها في السودان ذلك البلد الأفريقي النامي مترامي الأطراف، الذي مزقه الصراع على مدى عقود في بادئ الامر بين الشمال والجنوب في البداية، والآن بين الخرطوم وجماعات المعارضة الأفريقية في إقليم دارفور غرب البلاد. وتحاول بعثة أممية - أفريقية لحفظ السلام قوامها عشرون ألف عنصر بين عسكري ومدني، الحفاظ على الأمن والنظام في دارفور. وقبيل أيام من انتهاء مهمة الأممالمتحدة في السودان، قال ديفيد جريسلي منسق الأممالمتحدةالإقليمي لشؤون جنوب السودان، إن البعثة حقق إنجازات مهمة. وقال 'جهود زملائي حققت مساهمة كبيرة في الحفاظ على السلام والاستقرار الشامل خلال السنوات الست الماضية، التي أوصلتنا، إلى حيث نحن اليوم، فالعد التنازلي لاستقلال جنوب السودان يدخل مرحلته النهائية'. واستشهد جريسلي بوساطة البعثة في نزاعات الشمال مع الجنوب، بما في ذلك وساطة فك الاشتباك بين الجيشين، وتدريب عشرات الآلاف من ضباط الشرطة في الجنوب والمساعدات الانتخابية في الاستفتاء حول الاستقلال الذي أجري في كانون الثاني (يناير) الماضي. لقد شرد الصراع بين الشمال والجنوب أناسا كثيرين من الطرفين. وقالت المفوضة السامية لشؤون اللاجئين، إن قرابة مليونين من أهل الجنوب يعيشون في الشمال، غير أن نحو 300 ألف منهم عادوا للجنوب منذ كانون الثاني (يناير). لقد أدى القتال الاخير في أبيي إلى نزوح نحو مئة ألف شخص من ديارهم حيث صاروا يعتمدون على مساعدات برنامج الأغذية العالمي، الذي يقوم بتوزيع الأغذية على نحو تسعمئة ألف شخص في الجنوب. وقالت إيميليا كاسيلا المتحدثة باسم البرنامج، إن الوكالة ترحب باستقلال جنوب السودان. وأضافت 'السلام يعد مهما للحفاظ على الأمن الغذائي'. واشار جدول زمني قدمه رئيس مجلس الامن التابع للامم المتحدة يوم الثلاثاء الى ان جنوب السودان قد يصبح دولة عضو بالمنظمة الدولية بعد ايام من انفصاله عن الشمال. ويتهيأ جنوب السودان المنتج للنفط للانفصال رسميا في التاسع من يوليو. وقال السفير الالماني بيتر ويتج رئيس مجلس الامن الدولي للشهر الحالي للصحافيين ان من المرجح ان يتبنى المجلس قرارا في 13 يوليو يوصي بمنح جنوب السودان عضوية الاممالمتحدة. واضاف ان تلك ستكون على الارجح التوصية التي ستحال الى الجمعية العامة للامم المتحدة لاتخاذ اجراء في اليوم التالي. وإذا قدم قرار بتلك التوصية الى الجمعية العامة مع كل المتطلبات الضرورية مثل عدم استخدام حق النقض (الفيتو) فمن المرجح ان يصبح جنوب السودان دولة عضوا في 14 يوليو. ويحتاج طلب العضوية الى أغلبية الثلثين للموافقة عليه وهو ما يعني الحصول على 128 صوتا من 192 دولة عضوا. ومع هذا فان جنوب السودان ربما لن يحتاج إلى اقتراع لأن القرارات غير الخلافية يمكن تبنيها باجماع الاراء من دون حاجة الى تصويت. وقال بان كي مون الامين العام للامم المتحدة في وقت متأخر يوم الثلاثاء انه يشعر بخيبة أمل لاستمرار القتال في جنوب كردفان وهي ولاية منتجة للنفط في الشمال على الحدود مع الجنوب. ودعا جميع الاطراف الى وقف الاعمال العدائية وأدان 'الاثار الانسانية الخطيرة لاستمرار القتال'. وقبل انفصال جنوب السودان من المتوقع ان يوافق مجلس الامن الدولي على نشر ما يصل الى 7 آلاف من جنود الاممالمتحدة لحفظ السلام في الجنوب. وقال ويتنج 'ستجرى مناقشة مستفيضة بشأن ذلك القرار.. في ما يتعلق بالصيغة والشكل والهدف لتلك البعثة.. في الايام القادمة'. مضيفا ان قرارا سيصدر على الارجح 'قبل يوم او يومين' من التاسع من يوليو. وستكون بعثة الاممالمتحدة في جنوب السودان رابع بعثة منفصلة لحفظ السلام في السودان إلى جانب بعثة في دارفور واخرى في أبيي، اضافة الى بعثة تراقب التقيد باتفاق السلام بين الشمال والجنوب الموقع في 2005 الذي أنهى عقودا من الحرب الاهلية. المصدر: القدس العربي 6/7/2011