الخارطة الجديدة لدولة الشمال بعد انفصال الجنوب عنه، ستحدث تغييرات جذرية في الخارطة الصحية والوبائية.. وذلك لمحدودية المساحة التي تقلصت ولسهولة الوصول إلى مناطقها.. خاصة وان المناخ سيتغير ويفقد المناخ الاستوائي الذي يتميز بالأمطار الغزيرة ويتسبب في معظم الأمراض المهملة.. لا سيما عمى الأنهار ومرض النوم و«الولوا» «أورام»، وبانفصال الجنوب توقع خبراء الوبائيات اختفاء «51» مرضاً من خارطة الصحة في شمال السودان حسب التصنيف العالمي من بينها دودة الفرنديد، وشلل الاطفال، ووفيات الأطفال والأمهات وغيرها.. ولأن الأمراض لا تعرف الحدود لا بد من وجود تنسيق صحي بين الدولتين للحد من انتشار الامراض. وقال خبير وبائيات -فضل حجب اسمه- ل «الرأي العام»، ان معظم الأمراض المنسية منشأها منطقة الاستوائية في جنوب السودان خاصة المناطق ذات الأمطار الكثيفة مثل عمى الأنهار ومرض النوم والملاريا والولوا «أورام» والأيدز والسل والكلزار والبلهارسيا وطأطأة الرأس وشلل الاطفال ووفيات الأطفال والامهات وحتى الألغام سوف تقل نسبتها، وأوضح انه بعد الانفصال سيكون الوضع أفضل لاختفاء هذه الأمراض من خريطة شمال السودان، وتوقع ان ينال السودان شهادة البراءة والخلو من مرض دودة الفرنديد.. وسوف يسجل الرقم الصفري إلا حالات وافدة.. وقال ان العديد من الحميات النزفية والسحائي، والاسهالات المائية سوف تختفي من الخارطة الصحية والوبائية حسب التصنيف العالمي لأن معظمها بجنوب السودان وتتسبب برفع المؤشر في خارطة السودان. وطالب خبير الوبائيات بالغاء الكرت الصحي الأصفر لمواطني شمال السودان بعد الانفصال والذي تطلبه بعض الدول.. وذلك لإنحسار مرض الحمى الصفراء في حزام دولة الجنوب، وأشار إلى أنه منذ اتفاقية نيفاشا 2005 انفصل السودان من ناحية النظام الصحي لرغبة السلطات الصحية في الجنوب، إلا أن بعض الأمراض الوبائية مثل الكوليرا أدت إلى ضرورة التنسيق الصحي للحد من المرض وعدم انتشاره في الجنوب ومساعدة السلطات الصحية في الجنوب بالكوادر الفنية المتخصصة. وقال خبير الوبائيات ان الوضع بعد الانفصال يحتاج إلى مراقبة الحدود والحد من الحركة للمواطنين والتسلل غير الشرعي ولذلك لا بد من عمل نقاط للمراقبة و«الحجر الصحي»، ولفت ان بعض الامراض ستختفي مثل مرض الجذام، وتوقع خبير الوبائيات ان يكون الوضع الصحي لشمال السودان افضل لمحدودية المساحة التي تقلصت بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى المناطق، خاصة وان شمال السودان لديه نظام صحي مؤسس وكوادر مدربة وتوافر المعينات، وطالب بضرورة اجراء فحوصات لمرض الايدز والملاريا ودودة الفرنديد، وأنه لا بد من الحصول على شهادة خلو من هذه الأمراض للدخول إلى شمال السودان. من جهة أخرى أوضح مصدر مسئول بوزارة الصحة الاتحادية ل «الرأي العام» ان الوزارة وضعت تصوراً للصحة في الجمهورية الثانية تركز على إزالة التشوهات في النظام الصحي والعودة للعمل بالدستور واللا مركزية في النظام الصحي. وقال: لا بد من إصلاح نظام الاحالة في كل مستويات الخدمة وتوسيع مظلة التأمين الصحي باعتباره المحرك الأول للأموال، وشراء الخدمة للقطاع الصحي الكلي، ومعالجة أوضاع مجانية العلاج لضمان تغطية الفقراء خلال نظام واضح وسد الفجوات، خاصة في الكوادر البشرية حيث يوجد هرم مقلوب في الخدمة الصحية بوجود «8» أطباء مقابل ممرض واحد، وأضاف: لا بد من إصلاح هذا الخلل في الكوادر البشرية وتصحيح المعادلة لتصبح «8» ممرضين أو كادراً مساعداً مقابل طبيب واحد، بجانب استدامة التمويل واستقراره والتنسيق بين شركاء الصحة لتقليل إهدار الموارد والأموال وتثبيت مرجعيات الخارطة للنظام الصحي للوزارات الولائية وتفعيل دور قانون الصحة العامة المجاز عام 2008 ودعم البحث العلمي وتطويره للمشاركة في بناء القدرات المبنية على الأدلة والبراهين وتجهيز الصحة الكلية كسفير مطلوب لدولة الجنوب لأن الأمراض لا تعرف الحدود. وتابع: ولذلك أولى مبادرات التواصل مع الجنوب هي التنسيق الصحي وتفعيل الشراكات. وكشف المصدر عن تصور و مبادرة للتنسيق الصحي لأن الامراض لا تنتظر، وتشتمل المبادرة على محور الوقاية وتقديم الخدمات الصحية والاستثمار والتدريب المشترك للاستفادة من الكوادر الصحية، بجانب الربط بين الجامعات والتدريب في مجال الخدمات الصحية من قبل كليات الطب لضمان استقرار الخدمة وتوسيع المشاركة في القطاع الصحي الربحي وغير الربحي في السياسة القومية وتفعيل الادوار لرفع كفاءة وجودة العمل الصحي وإيقاف الصرف الكارثي على الصحة من قبل الأسر بنسبة «2%» للحد من الفقر كهدف أساسي. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 11/7/2011م