في مواجهة عدم اليقين في شمال السودان يحزم الجنوبي الياس متعلقاته القليلة في أحد الاحياء الفقيرة المتربة في العاصمة الخرطوم، ليتوجه الى الجنوب الذي استقل رسميا السبت الماضي. وقال بينما كان أقرانه الجنوبيون يقومون بتحميل أثاثهم في 10 شاحنات وراءه في ميدان كبير «من الافضل ان اذهب الى الجنوب، اننا لا نعرف ما الاجراءات التي ستتخذ مع الجنوبيين في الشمال». وأصبح جنوب السودان أحدث دولة في افريقيا يوم السبت بعد استفتاء في يناير للانفصال عن الخرطوم بموجب اتفاق سلام 2005 الذي أنهى حربا أهلية استمرت عقودا عدة. وغادر نحو 300 ألف جنوبي الشمال بالفعل لكن مازال يوجد نحو مليون في الشمال حيث يعيشون منذ عقود بعد الهرب من الحرب التي قتلت مليوني شخص. وقال كثيرون في الحي الفقير (وهو واحد من أحياء كثيرة مماثلة قرب الخرطوم) انهم ليس لديهم فكرة ما الذي سينتظرهم في الجنوب لكنهم مضطرون للرحيل لانهم ليس لديهم وظائف. وقال اخرون انهم يخشون ألا يكونوا موضع ترحيب بعد الان في الشمال المسلم. وقال الياس وهو مسيحي مثل كثير من الجنوبيين «كثيرون غادروا منذ ذلك الحين (السبت)، لا جدوى من البقاء». وقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي فقد ثلث اراضي البلاد يوم السبت انه يتعين على الجنوبيين ان يقرروا ما اذا كانوا يريدون الحصول على جنسية الشمال أو الجنوب. وفي ديسمبر الماضي، قال البشير انه سيتبنى دستورا مصدره الاساسي أحكام الشريعة الاسلامية اذا اختار الجنوب الانفصال، وأثناء مراسم الانفصال في جوبا عاصمة الجنوب يوم السبت قال ان الشمال يريد مساعدة الجنوب على بناء بلده. وفي كنيسة في وسط الخرطوم (التي تبعد 30 دقيقة بالسيارة) أكد الاسقف حزقيال كوندو انه واثق من ان البشير لن ينفذ وعوده. وقال «كان هناك حديث عن انه اذا وافق الجنوبيون على الانفصال في الاستفتاء فإن الشمال سيكون به دين واحد ولغة واحدة وفلسفة واحدة، وهذا هو السبب ربما في ان بعض الناس يشعرون بالخوف». وأضاف «أعتقد ان هذا الحديث غير صحيح، الكنيسة ستبقى لكن بالطبع الخوف سيبقى». وفي الحي الفقير أعدت العائلات نفسها لرحلة طويلة الى الجنوب بالقطار أو بسفينة في النيل، وجمعت النساء اطر الاسرة والمقاعد والمناضد لتحميلها على الشاحنات. وقالت انجيل مالوال وهي امرأة تعيش في الحي الفقير منذ الثمانينات «اليوم أجمع حاجياتي لأسافر الى الجنوب، من الافضل ان اعود». وهي مثل كثيرين اخرين ستقوم بهذه الرحلة في سفينة في النيل لأن القتال في اجزاء على امتداد الحدود المشتركة التي يبلغ طولها 2000 كيلومتر بين الشمال والجنوب يجعل السفر بطريق البر مسألة صعبة. ووفقا لمفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين فإن نحو 16 الف جنوبي تقطعت بهم السبل في مدينة كوستي بالشمال وصلوا الى هناك بالقطار في انتظار سفن تقلهم الى الجنوب. الامارات اليوم 13/7/2011