يواصل جنوبيو السودان المقيمون في الشمال عودتهم إلى مناطقهم تحسبا لإجراءات سودانية قد تنالهم بعد إعلان انفصال الجنوب رسميا وتحديدا لجهة الجنسية وأحقية الإقامة. فقد نقلت وكالة رويترز عن مراسلها في معسكر مايو -وهو حي فقير يقع بالقرب من العاصمة الخرطوم- مشاهدته عددا كبيرا من الأسر الجنوبية التي كانت تقيم في الشمال وهي تغادر المعسكر باتجاه الجنوب الذي بات يعرف منذ يوم السبت الماضي باسم جمهورية جنوب السودان. ولفت المراسل إلى أن العديد من الجنوبيين لا يدرون ماذا ينتظرهم في الجنوب، رغم إعلان الانفصال رسميا وتحوله إلى دولة مستقلة، مشيرين إلى أنهم باتوا مضطرين للمغادرة إما بسبب تلقيهم خطابات بالتسريح من أماكن عملهم أو لأنهم يخشون ألا يكونوا موضع ترحيب بعد الآن في الشمال. من احتفالات الجنوبيين بإعلان الانفصال (الفرنسية) مغادرون وباقون يشار إلى أن نحو ثلاثمائة ألف جنوبي قد غادروا الشمال بالفعل حتى الآن فيما لا يزال قرابة مليون آخرين وسط مخاوف جدية من احتمال أن تواجههم مشاكل قانونية بخصوص الإقامة بعد تصريحات رسمية أكدت أن على الباقين أن يختاروا إما الإبقاء على جنسية السودان وإما الحصول على جنسية دولتهم الجديدة. كما أبدى البعض خشيته من أن ينفذ الرئيس السوداني عمر حسن البشير ما جاء في تصريحات أدلى بها في ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما قال إنه سيتبنى دستورا مصدره الأساسي أحكام الشريعة الإسلامية. بيد أن عددا من رجال الدين المسيحي في السودان رجحوا ألا ينفذ البشير هذه الوعود لأسباب عديدة، لكنهم أكدوا أن الخوف يعتري بعض المسيحيين الموجودين في الشمال. عبارات النيل يشار إلى أن غالبية العائدين يفضلون الذهاب على متن عبارات تنقلهم عبر نهر النيل خشية مرروهم برا ببعض المناطق المتوترة في المناطق الحدودية المشتركة التي تجعل من السفر أمرا محفوفا بالمخاطر. وتغادر نحو ثلاثة قطارات شهريا الشمال محملة بالجنوبيين لكن خبراء يقولون أن البرنامج الحكومي بهذا الشأن يواجه عثرات تتعلق بالتمويل فضلا عن الحاجة الملحة للمزيد من وسائل النقل. ووفقا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فان نحو 16 ألف جنوبي تقطعت بهم السبل في مدينة كوستي بالشمال وصلوا إلى المدينة بالقطار خلال الأيام القليلة الماضية بانتظار سفن تقلهم إلى الجنوب. وكان المتحدث باسم المفوضية دومينيك بارتش قد أوضح في وقت سابق أن الوضع الموجود حاليا في الجنوب لا يطمئن كثيرا لاعتبارات أمنية واقتصادية في الوقت الذي يواجه الباقون منهم في الشمال مصيرا غير معروف لجهة تأمين العمل والاستمرار في العيش بشكل قانوني.