لم يكن أحد منا يريد للرئيس أن يذهب لجوبا.. ويرى بأم عينيه علم بلاده ينزل من السارية ويرفع علم الحركة الشعبية.. ولم يكن لأحد منا أن يصدق بالكلمة الصادقة المعبرة التي قدم بها رياك مشار للمشير البشير ليلقي كلمته.. ولكنني ولعل من يشاركني الرأي كثيرون كنا نتوقع الأسوأ.. أن يصدر ما يجزم أنه صادر من باقان أموم لأنه واحد من أسوأ أعضاء الحركة الشعبية الذين عملوا على إفساد العلاقات بين الشمال والجنوب بتصريحاته الهوجاء وتحدياته الجوفاء والاتهامات الباطلة.. التي أدت إلى تسارع خطوات الانفصال وإراحة آذاننا من قبيح الكلام وفاسدة.. كنا نتوقع الأسوأ.. ولكن ما حدث أثناء تقديم د. رياك مشار للمشير البشير ارتكبت حماقة بسحب التيار الكهرباء من المنصة حتى لا يسمع كبار الضيوف وأصدقاء الحركة تلك الشهادة الأصيلة الصادقة للبشير.. شجاعته.. حكمته.. إيمانه بالسلام.. والتحول الديمقراطي إلى تنفيذ كل بنود اتفاقية السلام ولعل باقان تلقى إشارة من وجه سوزان رايس العابس دائماً عندما تسمع اسم السودان واسم قائد مسيرة السلام والتنمية والرخاء بالسودان.. ولهذا كانت تلك الفعلة المشينة التي لا تشبهها في السوء وقلة الحيلة إلا ذلك العدوان الذي وقع لدكتور نافع في بريطانيا من ذلك الموتور ومن معه من الحاقدين المحرضين. الآن على الحركة الشعبية أن تلتزم حدودها وتعمل على إصلاح حالها وحال مواطنيها الذين صوتوا لها ومعها للانفصال.. وأن ترفع يدها عن السودان وحدود السودان المعلومة لدى القاصي والداني من القوى الدولية خاصة الإنجليز الذين خططوا لهذا الواقع دون إرادتنا عندما كانوا يستعمروننا.. حدود 1956م واضحة.. جنوب كردفان تقع داخل تلك الحدود.. النيل الأزرق تقع داخل تلك الحدود. أبيي تقع داخل تلك الحدود ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك.. عليهم أن يردوا على وفاء المؤتمر الوطني بالتزاماته.. حتى تكون هناك مساحة للتعامل إذا ضاق بهم الحال وليس ذلك على الله ببعيد..عليهم أن ينظروا إلى العالم كيف يدار وكيف تقابل أمريكا وإسرائيل أصدقاءهما السابقين أمثال مبارك وبن علي وغيرهما باللامبالاة والعجز والنكران.. عليهم أن يدركوا إذا دارت عليهم الدائرة فلا ملاذ لهم إلا السودان. الرئيس البشير طالب الرئيس الأمريكي أوباما الوفاء بالتزاماته تجاه السودان وعهده برفع العقوبات الأحادية المفروضة على السودان، ولكن لا حياة لمن تنادي، فقد صدر قرار أمريكي برفع العقوبات عن دولة جنوب السودان وأنا لا أندهش لهذا الموقف وهذا التصرف فهو يشبه الكفار واليهود الذين لا يوفون بالعهود ويحاربون المسلمين من وراء جدر.. هل اتفق أهل الجنوب مع الحكومة أم اتفقوا مع أنفسهم وليتهم يتفقون مع بعضهم وهو ما لم ولن يحدث. ورفع العقوبات عن دولة الجنوب ليس أمراً جديداً ومتى كانت هناك قطيعة أو مقاطعة أو عقوبات مفروضة على الجنوب.. الإمدادات كانت مستمرة والمساعدات كانت متوالية والاستثمارات سارية كثمن للحرب وقيمة للفاتورة التي دفعت لصالح الحرب من قبل أمريكا وإسرائيل التي سارعت هي الأخرى وأعلنت اعترافها وأشارت إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة الجديدة. والذي أود قوله هنا أننا مقتنعون بأن اليهود والنصارى لن يرضوا عنا حتى نترك ديننا ونتبع ملتهم.. وهذا ما لن يحدث حتى ولو أريقت دماؤنا ودماؤهم (كل الدماء) وأن ما يجري بعد انفصال الجنوب واعترافنا بالدولة الجديدة.. ما يحدث في جنوب كردفان من تمرد هو إنفاذ للمخطط الأمريكي اليهودي (دان نورث) وتصريحات وتنفيذات قطاع الشمال مع دولة الجنوب..المخطط ليس ضد الحكومة فقط وإنما يهدف إلى الضغط على الحكومة واستخدام منسوبي الجيش الشعبي حتى ولو أبيدوا عن آخرهم لتمكين من تبقى من قيادات الحركة من الشماليين وبالمفتوح عرمان والحلو وعقار للحصول على مواقع سيادية ثم ألقاء أبناء النوبة من على أسطح جبال النوبة إذا المخطط يهدف إلى تمكين ومكافأة عناصر الحركة القيادية من الشماليين وإيصالهم إلى مفاصل الحكم في الشمال.. ثم التضحية بالجنود والمقاتلين ليواجهوا مصيرهم أمام القوات المسلحة والسلطة في حكومة السودان.. فهل يفهم أبناء النوبة الذين يحملون السلاح أبعاد هذا المخطط اللئيم؟. المصدر: الشرق 14/7/2011