إنها لحظة الحقيقة التى كان لابد لها أن تأتى عقب نشوة الربيع العربى، إلا أن النخب العربية والاعلام العربى انشغل بالاحتفاء بسقوط الطغاة العرب، وتساقط الانظمة الديكتاتورية العربية واحداً بعد الآخر. ولم يتم منح مساحة كافية لتأمل «اليوم التالي» لما سوف تحمله الثورات، والمساحة الكبيرة ما بين «الاحلام الكبيرة» و «الامكانيات المحدودة» فضلا عن «ضيق الوقت» و«عدم صبر» الجماهير المتعطشة للتغيير وتحول حياتها ما بين «لحظة وضحاها». وتبدو اللحظة الراهنة حبلى بتوترات ضخمة فى مصر وتونس وبقية البلدان العربية، فالشئ الوحيد الذى يربط ما بين الشعوب العربية هو عدم القدرة على الانتظار. وفى هذه اللحظة فإن الاحلام الكبيرة بأن تغير الثورة بلمستها السحرية حياة الناس يبدو أن عليها أن تنتظر إلى حين، فمعدل النمو الاقتصادى فى مصر خلال العام الحالى تراجع إلى 1.2% بدلا من ال7% التى لم تكن كافية من قبل. وهنا تكمن الخطورة التى بدأت ارهاصاتها فى الشوارع العربية سواء فى القاهرة وتونس، فقد عادت الجماهير إلى الغضب ثانية، وبدأت فى رفض «الاصلاحات الباهتة» والتى بلا خيال من حكومات الفترة الانتقالية، وتشعر الشعوب العربية بأن الثورات لم تأت »بأفكار جريئة مبدعة« وإنما جاءت بنفس العطر القديم فى «زجاجات جديدة». الا أن هذه الحكومات الجديدة عليها أن تدرك أن حسابها سيكون »أشد وأقسى» لأنها لن تواجه مثل الحكومات التى سقطت خيبة واحدة بل «خيبتين«، الخيبة الأولى هو عدم التغيير والخيبة الثانية تتعلق «بمصادرة الحلم فى النفس» من أن يجىء المستقبل بجديد حقيقي، لذا فالحذر الحذر من «خيبة الأمل» فى الحلم، فلا شىء يمكنه أن يدفع الشعوب للصبر والتحمل إلا إيمانها بأن هناك أملا فى نهاية النفق المظلم!. المصدر: البيان 18/7/2011