مساع حثيثة يقوم بها الدكتور الترابي لاحتواء الأزمة في ليبيا التي اندلعت منذ أشهر بين العقيد معمر القذافي والثوار الليبيين بعد ان احتدمت وتيرة المناوشات والصدمات المسلحة بينهما، في وقت شن فيه تحالف النيتو ضربات كثيرة في قلب المدن التي يسيطر عليها القذافي وأصبح متبني رئيس لإسقاط النظام بيد أن الخطوة التي يقودها الترابي بشأن الوفاق بين الطرفين أخذت تفسيرات كثيرة، فهناك من يقول أن الخطوة قصد بها إنقاذ خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة المعتقل لدي سلطات الأمن والمخابرات الليبية وفقاً لما أوردته بعض وكالات الأنباء قبل أيام، وهناك من يقول أن الخطوة تأتي من أجل خلق وضع ريادي في القارة الأفريقية ولعب دور عجزت عنه كافة الدول العربية في أن تثبت موقفاً في تلك القضية العادلة المحتاجة الى مساهمات عاجلة لإنقاذ الوضع هناك. الوساطة التي يقودها الزعيم الترابي يراها مراقبون بأنها تتناقض مع ما ذهب إليه الرجل من تصريحات في الأيام الماضية والتي قال فيها أن الأخوان المسلمون سيحكمون العالم العربي وذلك من وجهة نظر إستراتيجية للثورات التي اندلعت وقراءة ذكية للوجدان العربي الذي يتماشي مع الحركات الإسلامية بين الثوار والقذافي، فكيف يتم التوافق في ظل اجماع الرجل بان يحكم الثوار الليبيون الجماهيرية الليبية ليكون ذلك اضافة كبيرة لحكومات الإسلاميين المتوقعة، وهل يتنازل القذافي عن كرسي الرئاسة الليبية؟ بعد ان أصبح مطلوباً لدي العدالة الدولية بل أن هناك دولا كثيرة اعترفت بالمجلس القومي الانتقالي ليصبح القذافي فاقداً للشرعية عند الكثيرين؟! وسط كل هذه التعقيدات يتساءل المراقبون كيف للترابي أن يجمع بين هذه المتناقضات وهل يستطيع أن يشكل ضغوطاً على الثوار الليبيين بالتراجع رغماً عن الدعومات الدولية والاعترافات الكبيرة بهم داخلياً وخارجياً أم انه سينجح في إقناع القذافي في التنحي عن السلطة؟ الدكتور أحمد عمر حاوي المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية قال في حديثه (للحرة) أن الثوار لم يعلنوا حتي الآن اسلاميون ولكنهم لم يستطيعوا إخفاء السمة الإسلامية الواضحة في أشكالهم وأضاف حاوي أنه اذا كان للثوار انتماء للحركات الإسلامية فسيكون لديهم احترام للدكتور الترابي، وتابع اذا صحت هذه الملاحظة سيكون هناك تأثير للترابي، وأردف أنه ليس هنالك شك في تواطؤه وحرصه على خليل إبراهيم باعتباره ذراعاً له وهذا قد يكون دافعاً بالنسبة له، وقال حاوي القضية الأساسية بالنسبة للثوار ليست خليل والمرتزقة إنما هي النظام الليبي وحاشيته، وهذا اذا كانت المسألة تتعلق بإطلاق سراح خليل أما اذا كانت تتعلق بالوفاق بين الثوار والقذافي فان هنالك تعقيدات تواجه الترابي وأشار إلى أن موقف ثوار ليبيا ضعيف في وقت أشار فيه حاوي إلى تراجع قناعات النيتو لدعم الثوار وتوقع ان تكون خطوة الترابي إنقاذاً لهم. عليه فان مساعي الترابي لانقاد الوضع في ليبيا تأخذ حظها من النقاش وتجد الاحترام عند البعض بينما تبقي مسألة الأهداف الأساسية ومعايير الفشل والنجاح عالقة وغائبة عن الأذهان فهي تدور ما بين الاتهامات بإنقاذ خليل وما بين تواصل الكيان الحركي الإسلامي في الدول العربية فهل سينجح الترابي في هذا المسعى؟ سؤال تجيب عنه الأيام القادمات وهي حبلي بالعديد من المفاجآت؟! نقلاً عن صحيفة الحرة 28/7/2011م