كل الأنظار مشدودة بالفحص والتأمل والمتابعة والقلق لما جري في كادقلي من تطورات سريعة متلاحقة من خلط للأوراق وتدليس مقصود ونذر تدخل خارجي سافر في شؤون المنطقة وإخفاء للنوايا وطمس للحقائق في محاولة واضحة للتضليل والكذب ليخطلت الخيط الأبيض من الأسود اذا كان البشير قد حسم النزاع في ابيي فها هي واشنطن تنقل المعركة الى جبال النوبة فما المشكلة الرئيسية؟ غالبية الناس لديهم جواب سطحي جاهز: أن نائب الأولي حاول خنق الديمقراطية برفضه نتيجة الانتخابات فأحرق كادقلي؟ أن المشكلة اكبر من ذلك التفكير السطحي ذلك أن عبد العزيز الحلو أثار موجة من الذعر والقتل ومحاولات الاغتيال ضد المسؤولين في الولاية من المؤتمر الوطني فارتكب مذبحة من المدنيين اغلبهم نساء وأطفال ولولا تدخل الجيش لترك جميع البؤر داخل الولاية قابلة للاشتعال فيها من الإرهاب والحرب والفقر والتوترات الاثنية توطئة للتدخل الدولي فقد احرق مقار جماعة ا لوطني وترك المدينة مترنحة منهكة وفر مع جماعته من المتمردين الانفصاليين (قطاع الشمال) الى الجبال مما اضطر الخرطوم لتعزيز قواتها العسكرية وحضورها الشرطي فيها. إذن فان الحلو اتخذ قرار الحرب وحده فلا معني لاتفاق (نافع مع عقار) قان عقار ليس والياً لجنوب كردفان ولم يقتل المدنيين ويشردهم. وحسناً فعل البشير بان ألقي الاتفاقية فالذين يطالبون بتهدئة الأمور ووقف النار من جانب واحد واهمون فان التعزيزات العسكرية حتى الساعة من الجنود للمتمرد الحلو وعقار لم تنقطع ويؤيدها الاتحاد الأوربي وأمريكا علماً بان عواصمها لا تتهاون في بلادها بمثل هذه التصورات الساذجة. فعندما قام إرهابيون بتفجيرات في ألمانياواسبانيا ولندن قامت الصحافة الغربية بواجبها الوطني (استعدوا للطوفان) كان هذا عنوان صحيفة ديرشبيغل الأسبوعية في تحذير الشعب الألماني بان موجة من عبيد عصرنا الحالي تتجه صوبكم وان نقابات العمال قد بدأت تلعب على تلك المخاوف أولئك العبيد المهرجين القادمين من الشرق تهدف إلى تقوية مواقفهم التفاوضية وتحسين عضويتهم اما اسبانيا وفرنسا وبريطانيا فلم يتسن انهاء بقايا ثمانية قرون من محاكم التفتيش المسيحية بطرد وقتل أو إجبار عدد كبير من المسلمين على التحول عن دينهم وذلك لتطهير شبه جزيرة اببيريا ولا يزال المسلمون يواجهون التمييز وهو التطهير الذي يتهمون به الحكومة زوراً وافكاً فضلاً عن نظرات الشك داخل قطار الانفاق وكتابات عنصرية ما القول الفصل اذن؟ ان هذه المشاكل التي اثارها الحلو يمكن ان تؤدي الى عملية تآكل تدريجية للسلطة على طول حدودها ومن شأن ذلك ان يقوض سلطة البشير او حتى يتسبب في سقوطه. ومن عجائب المفارقات فان عقار يقول أن الحلو يدافع عن نفسه؟ كأن الذين قتلهم الحلو من الحشرات لا يحق لهم دفاع عن النفس . وعلى البشير أن يكسر عظام التمرد وهو ولي الذين قتلوا ظلماً قال تعالي (وجعلنا لوليه سلطانا) وله في رسول الله صلي الله عليه وسلم اسوة حيث وقع صلح مع قرش في الحديبية وكانت قريش منعته من دخول الكعبة ولما كان عند الظهر ان سهيل بن عمر وحويطب بن عبد العزي اتيا رسول الله في مجلس الأنصار وهو يتحدث مع سعد بن عبادة فقال لقد انقضي اجلك فأخرج عنا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لو تركتموني فأعرس (بزواج ميمونة) وصنعت طعاماً؟ فقالا لا حاجة لنا في طعامك فأخرج عنا ننشدك الله والعهد الذي بيننا الا خرجت فهذه الثلاث مضت فغضب سعد بن عبادة وقال لسهيل كذبت لا أم لك! ليست بأرضك ولا ارض أبيك والله لا يبرح منها الا طائعاً راضياً فتبسم الرسول ثم قال لسعد لا تؤذي قوماً زارونا في رحالنا فأسكت الرجلان عن سعد. يعني عاملهم بالحسنى ولكنهم عندما نقضوا العهد وقتلوا خذاعة كما فعل الحلو غدراً جرد جيشاً ولم يقبل منهم صرفاً ولا شفاعة لخيانتهم وغدرهم فقتل الفتنة في مهدها. نقلاً عن صحيفة الوفاق 14/8/2011م