كلاهما يواجه مصيراً مجهولاً من جهة، و إفتقاداً للأرض والعمل الميداني المؤثر من جهة أخري. الدكتور خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة الدارفورية المتمردة ، العالق فى ليبيا عقب إقتحام الثوار الليبيين للعاصمة طرابلس مطلع الأسبوع الحالي وسقوط نظام القذافي . والمتمرد خليل ليس مجرد متمرد دارفوري عالق فى أوحال الثورة الليبية بحكم ارتباطه بنظام القذافي وتلقيه الدعم السياسي واللوجستي منه منذ عدة سنوات، ولكنه وصل الى درجة كونه أصبح جزءاً لا يتجزأ من نظام القذافي فى ظل مؤشرات ودلائل عديدة أشارت الى عمله جنباً الى جنب سواء بإرادته أو مكرهاً مع نظام القذافي فى مواجهة الثوار . د.خليل – للأسف الشديد – وجد نفسه فى ليبيا يعمل ضد إرادة شعبية كان واضحاً أنها إرادة ماضية وحتمية الوصول الى أهدافها، مخالفاً تماماً لما ينبغي ان يكون عليه الثوري الحامل للسلاح؛ ففي الوقت الذى يزعم فيه خليل أنه يقاتل من اجل (العدل والمساواة) وان حمله السلاح فى بلده مشروع ومسنود بهذه المبادئ ،فانه كان يقاتل فى صف معاكس هناك فى بلد آخر بما يضفي عليه صفة إرتزاقية قضت تماماً على مصداقيته السياسية أمام العالم بأسره. المتمرد الحلو هو الآخر عجز عن ان يكون قدر ما صنع فى جنوب كردفان، وفشل فى تثبيت أقدامه فى الارض التى أشعل فيها النيران بمزاعم الثورية ولم يفلح رغم كل مخططاته والدعم الموصول إليه فى الثبات على أرضه وميدانه، ولجأ الى دولة أجنبية هو كذلك، يستصرخها استصراخاً لتنقذه وتأخذ بيده حتى لا يقع فى قبضة السلطة الحاكمة فى السودان، تماماًً كما فعل منسوبي العدل والمساواة الذين استصرخوا واستغاثوا بالثوار لكيما ينتشلوا زعيمهم من وهدته التى ورط فيها نفسه بغير جدوي . هذان النموذجان يتقطران عبرة ودروساً وعظات سياسية لا أول لها ولا آخر، ففي اللحظة التى يحمل فيها أى متمرد السلاح ضد بلاده فان عليه اولاً ان يتحمل ما سيجره على نفسه وأهله بشجاعة وثبات، فهذا أقل استحقاق يفرضه حمل السلاح وتفرضه صدقية المبادئ والمواقف، حيث لم يُعرف عن السودانيين طوال تاريخهم أنهم جبناء ومتسولي دعم و نجدة من الأجانب، ولكن الحلو و خليل قدما هذا المثال الشائه ، والغريب أنهما لا يزالان رغم كل ذلك يأملان فى وضع أفضل ولم يدركا بعد ان صفحات التاريخ بهذه المواقف قد أنطوت وأصبحا أثراً من الماضي، وهو ماضٍ شديد الإفصاح عن الإخفاق والإذلال السياسي الذى لا يشبه السودانيين !